في ظل الترحيب الأوروبي بالدور الإيراني، آفاق جديدة لحل الأزمة السورية
في دلالة واضحة على التغيير الحاصل في المواقف الأوروبية تجاه إيران، رحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمشاركة إيران في مفاوضات حل الأزمة السورية، ورداً على سؤال عما إذا كانت تعتقد أنه بوسع إيران لعب دور بناء في سوريا، قالت ميركل الاثنين ٣١ أغسطس/ آب: “أعتقد أن إيران لديها الكثير من التأثير على ما يحدث في سوريا والجميع مدعوون الى المشاركة بصورة بناءة في المفاوضات.”
ومنذ بداية الأزمة السورية عارضت الدول الأوروبية أي دور لإيران في حل الأزمة السورية كونها تؤيد النظام السوري، وتم استبعاد إيران من المشاركة في مؤتمرات جنيف ١ وجنيف ٢، والتي لم تُكلل بالنجاح نتيجة استبعاد عناصر مؤثرة على الساحة السورية عن المفاوضات، الأمر الذي أثبت أهمية دور إيران في أي مفاوضات مقبلة لحل الأزمة السورية.
كما أن هذا التغيير في المواقف الأوروبية يأتي بعد الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع الدول الكبرى في العالم في يوليو/ تموز الماضي، والذي يقر بحق إيران في الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، الأمر الذي أدى إلى انفتاح أوروبي تجاه تطبيع العلاقات مع إيران بدا جلياً في سلسلة الزيارات التي قام بها مسؤولون أوروبيون إلى طهران، بدءاً من نائب المستشارة الألمانية “سيغمار غابريال”، ووزير خارجية فرنسا “لوران فابيوس”، وصولاً إلى وزير الخارجية البريطاني “فيليب هاموند”، الذي أعاد افتتاح السفارة البريطانية في إيران الاسبوع الماضي.
من جهة أخرى، أدركت الدول الأوروبية أن حل الأزمة السورية بالصيغة التي ترمي إليها الدول الخليجية وتركيا، من خلال اسقاط النظام السوري، سيعزز من نفوذ الجماعات الارهابية الناشطة في سوريا، وسيسهم في تنامي قوة تنظيم داعش الارهابي، الذي طالت عملياته الارهابية الدول الأوروبية نفسها، ولذلك بدأت الدول الأوروبية تميل إلى الصيغة الإيرانية للحل في سوريا، القائمة على محاربة الارهاب، والدعوة إلى حل سلمي بين النظام والمعارضة المعتدلة.
وتدرك الدول الأوروبية، أهمية إيران في محاربة الارهاب في المنطقة، ودورها في الوقوف سداً أمام تنامي قوة تنظيم داعش الارهابي، فالدور البناء الذي لعبته إيران في كل من سوريا والعراق، من خلال تقديم الاستشارات والسلاح والدعم للجيش والقوات الشعبية في البلدين، أدى إلى انحسار كبير في قدرة التنظيم الارهابي ومنع تمدده.
آفاق جديدة لحل الأزمة السورية
هذه التحولات في الموقف الأوروبي تجاه الأزمة السورية عموماً والدور الإيراني خصوصاً، تسلط الضوء على آقاق جديدة لحل الأزمة السورية، غير تلك التي سادت منذ اجتماعات ما تسمى “أصدقاء سوريا” في العام ٢٠١٢، ويبدو أن سوريا بدأت تدخل مرحلة جديدة، وستكون هذه المرحلة متأثرة إلى حد بعيد بعدد من المتغيرات الاقليمية والدولية، على رأسها اعلان تركيا الحرب على داعش وقيامها مؤخراً وللمرة الأولى بشن غارات على مواقع التنظيم الارهابي، والتحركات الدبلوماسية الإيرانية والروسية لطرح مبادرة للحل السلمي، واجتماع الدوحة الذي ضم كلاً من وزراء خارجية روسيا وأمريكا والسعودية، الذي أكد على الحل السياسي للأزمة السورية، وبالرغم من تعنت السعودية تجاه مسألة تنحي الرئيس بشار الأسد، إلا أن مراقبين يرون أن الموقف السعودي سيتجه نحو التغيير في ظل الضغوط الغربية.
دور أوروبا في الحل السياسي للأزمة السورية
على ضوء المتغيرات الاقليمية والدولية الجديدة وانعكاساتها على الملف السوري، أصبحت الدول الأوروبية معنية اليوم باتخاذ اجراءات أكثر جدية في سبيل ايجاد حل سياسي للقضية السورية، حيث تستطيع الدول الأوروبية بحكم علاقاتها الوثيقة مع الدول الداعمة للجماعات الارهابية، أن تضغط على هذه الدول لوقف تدفق الأسلحة إلى الجماعات المتطرفة في سوريا، كما بامكان الدول الأوروبية أن تتخذ اجراءات حازمة لتجميد أموال الجماعات الارهابية وملاحقة الأشخاص المرتبطين مع هذه الجماعات، والضغط على من یشترون النفط من تنظيم داعش الارهابي. هذا بالإضافة إلى تهيئة الظروف والتمهيد لإقامة حوار سوري- سوري بحضور جميع الاطراف المؤثرة في سوريا، بما فيها النظام والمعارضة المعتدلة والدول المساندة للطرفين.
وفي النهاية ينبغي على جميع الأطراف أن تحترم إرادة الشعب السوري وتساعده في تحقيق أمنه وتقرير مصيره، فأي حل للقضية السورية يجب أن يكون نابعاً من إرادة أبنائه حتى يتكلل بالنجاح والاستمرار.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق