ما هو المخرج لانقاذ المنطقة من الإرهاب والتطرف؟
لم يعد الإرهاب يهدد دولة بعينها دون اخری، بل أصبح يهدد الجميع، حيث أن هذا الخطر الداهم لم يعد توجد له حدود ليتوقف عندها، بل أنه يستهدف كل شي حتی من دعمه. وفي هذا السياق أصبحت معظم دول المنطقة تحترق أجزاء من أراضيها بنيران الإرهاب، مما يستدعي ذلك وقفة حازمة وجادة من قبل الجميع، ليتسنی لدول المنطقة القضاء علی الإرهاب. وليست هي المؤتمرات لوحدها يمكن أن توقف هجمة الإرهاب الشرسة ضد شعوب منطقتنا، بل تحتاج هذه القضية الی مزيد من التكاتف والتعاون من قبل الجميع. إذن ما هي الخطوط العريضة التي ينبغي أن نتوقف عندها للتغلب علی الارهاب وتجفيف جذوره، وهل أن جميع دول المنطقة مستعدة للقضاء علی الإرهاب، أم أن هنالك إزدواجية في محاربة هذه الظاهرة، لا تسمح بالقضاء علیه نهائيا؟
في هذا السياق ثمة دول وعلی رأسها امريكا بالاضافة الی الكثير من الدول الأوروبية، تسعی لتشويه سمعة الإسلام، من خلال اتهامه بانه دين يدعم الارهاب والعياذ بالله!، في حين أن مبادئ الإسلام السمحة لا توجد فيها إلاّ الرأفة والرحمة والمودة والتاكيد علی حفظ أرواح الناس وممتلكاتهم سواءً كانوا مسلمين أم يدينون بديانة اخری، بل حتی من لا دين لهم، حيث أن من يقرأ القرآن الكريم، سيجد كماً هائلاً من الآيات القرآنية التي تؤكد علی حرمة إرهاب الناس وإفزاعهم ومن ضمن هذه الآيات يمكن أن نشير لقوله تعالی: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا الیهم ان الله يحب المقسطين»، حيث أن الآية تشير بوضوح الی ضرورة التعامل بالقسط والبر لمن لا يبادرون بقتال المسلمين.
وإذاما اردنا التحدث عن الجماعات التي تطلق علی نفسها زورا وبهتانا مسميات إسلامية، في حين أنها تجسّد الإرهاب بكل حذافيره، مثل داعش والنصرة وجيش الفتح والقاعدة، والعشرات بل المئات من هذه المجموعات، فان الحقيقة تؤكد أن هذه المجموعات لا تمت بصلة بالدين الإسلامي بتاتاً، بل أن الإسلام بريءٌ منها كبراءة الذئب من دم يوسف (ع). وإذاما اردنا كشف الزيف الذي تمارسه هذه الجماعات باسم الإسلام، فما علینا إلاّ مواجهتها، لا أن يتم دعمها، لكن وللأسف ما نراه الیوم فان هذه الجماعات التي تمارس الذبح والسبي والنهب في مختلف مناطق سوريا والعراق، فانها تحظی بدعم تركيا وقطر والسعودية، مما يؤدي هذا الدعم الی أن يتبادر إلى أذهان غير المسلمين، أن الدين الإسلامي هو دين عنف وسيف!
ونطرح هنا بعض رؤوس العناوين والخطوط العريضة كمخرج لانقاذ المنطقة من الارهاب والتطرف:
اولا: الاهتمام بالقرآن الكريم وسنة الرسول الاعظم (ص) والتاكيد علی المشتركات الإسلامية بدل تأجيج الخلافات.
ثانيا: تعزيز النهج التقاربي والتعاون البناء بين الفرق الإسلامية لابطال مشاريع الفتنة في المجتمعات الإسلامية.
ثالثا: التاكيد علی ضرورة رفع مستوی انشطة العلماء والمفكرين والنخب في المجتمعات الإسلامية لمواجهة الانحرافات الفكرية التي من شأنها جر هذه المجتمعات نحو التطرف والتكفير.
رابعاً: العمل علی مزيد من التعاون الأمني والاستخباري بين دول المنطقة لإحتواء العناصر المخلّة بأمن المنطقة.
وفي هذه الاثناء اشار رئيس مركز الابحاث الاستراتيجية في إيران، «علی اكبر ولايتي»، خلال لقائه بوزير الخارجية السويسري «ايفرسية» قبل فترة، ان مكافحة الارهاب مهمة عالمية ولو لم يتم مكافحة هذه الظاهرة بصورة حازمة الیوم فان الارهابيين سينتقلون الی اوروبا والمناطق الاخری في مراحل قادمة. مضيفا «ان الكثير من البلدان الاوروبية ومنها سويسرا تستطيع اداء دور بناء في حل القضايا الاقليمية كالازمات الراهنة في سوريا والیمن ولبنان ومكافحة الارهاب التي لم تعد قضية اقليمية بل اتخذت بعدا عالميا»، وبناء علی هذا فان إيران تعتقد أن مهمة مكافحة الإرهاب لا يمكن انجازها إلاّ في حال تعاون العالم كله ضد هذه الظاهرة، وطبعا يجب أن يكون هذا التعاون مبنياً علی مصداقية عالية، لا أن يكون شكلياً كما نراه الیوم من قبل ما يسمی بالائتلاف الدولي لمحاربة داعش الذي تقوده امريکا.
ورغم الجهود التي تبذلها إيران في مجال مكافحة الإرهاب ويمكن الإشارة في هذا السياق الی ما قدمته طهران للشعبين العراقي والسوري لمواجهة الدواعش خلال العامين الماضيين، حيث أنه يعتبر خير دليل علی صدقية النظام الإيراني في محاربة الإرهاب في المنطقة، لكن رغم هذه الجهود الملموسة التي تقدمها طهران لتجفيف جذور الارهاب، فانها تواجه اتهامات باطلة من قبل السعودية والدول التي تدور في فلكها، حيث ادعی «عادل الجبير» وزير الخارجية السعودي قبل فترة أن “إيران تدعم الإرهاب” حسب زعمه، وفقا لما نقلت عنه جريدة الشرق الاوسط السعودية. هذه الإتهامات لإيران البعيدة كل البعد عن الحقيقة فضلا عن أنها تعتبر فبركة للواقع، ستمنع المحاولات الرامية الی ايجاد تحالف حقيقي بين دول المنطقة لمواجهة الإرهاب، وذلك سيكون حافزا ليقفز الارهاب الی الاماكن التي لم يصلها لحد الآن.
واللافت أن هذه الإتهامات من قبل السعودية لإيران تاتي بالرغم من أن السعودية تصرّح رسميا وعلنا بانها تدعم جيش الفتح والكثير من الجماعات الإرهابية الاخری التي تقاتل الشعب السوري، من خلال ما تسميه بدعم المعارضة السورية “المعتدلة”!
إذن اذاما اردنا أن تكلل الجهود بالنجاح لوقف تدفق الإرهاب في المنطقة، فعلی دولها المهمة وتاتي في مقدمتها إيران والسعودية الوصول الی صيغة مشتركة ومتفق علیها للعمل سوية لمحاربة الإرهاب، والكف عن الاتهامات المتبادلة التي لا طائل منها، وإلاّ فان الإرهاب سيظل ينهش بجسد شعوب دول المنطقة كما هو الحال منذ نحو خمسة أعوام.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق