الطفل السوري الغريق…وماتت الانسانية على شاطئ البحر
احدثت صورة الطفل السوري الممددة على أحد الشواطئ التركية ضجة كبيرة في العالم وعلى وسائل الاتصال الاجتماعي، في حين أشارت أغلب وسائل الاعلام العالمية الى حجم الكارثة التي يعاني منها الشعب السوري خصوصاً، والمهاجرين عبر المتوسط الذين يركبون قوارب الموت بحثاً عن مكانٍ آمن في القارة الاوروربية عموماً.
صورة الطفل الغريق الذي كان يلبس سروالا أزرق اللون وقميصا أحمر اللون مع حذاء صغير، انتشرت بكثافة على موقع “تويتر” تحت عنوان صادم ومؤلم يقول: “الإنسانية تُلفظ على الشاطئ ” ، انتشرت لاحقا في وسائل الإعلام الدولية وأثارت موجة عارمة من الأسى والغضب من تواصل هذا النوع من المآسي التي تلاحق اللاجئين السوريين في رحلة هربهم من جحيم الحرب المتواصلة في بلادهم منذ أكثر من ٤ سنوات .
صورة وحكاية:
اكدت وسائل الاعلام السورية والعالمية أن الطفل اسمه ألان كردي وعمره ٣ سنوات، وهو من سكان مدينة كوباني “عين العرب ” شمال سوريا، أحدثت صورته ضجة اعلامية كبيرة، حيث تظهر الصورة طفل مسجى على الرمال وقد فارق الحياة على أحد الشواطئ التركية، وأشارى وسائل الاعلام أن الطفل هو شقيق للضحية يبلغ من العمر ٥ سنوات كان معه على نفس المركب، وقد مات غرقا هو الآخر، حيث كان هذا الطفل الضحية ضمن مجموعة تتكون من ٢٣ شخصا استقلوا قاربين انطلقا منفصلين من منطقة أكيارلار في شبه جزيرة بودروم جنوب تركيا في اتجاه جزيرة كوس اليونانية، قُتل غرقا من هؤلاء أكثر من ١٢ لاجئا وأنقذ ٧ آخرون، فيما فُقد أثر شخصين. وكان قد وصل خلال الصيف عشرات آلاف من اللاجئين السوريين إلى ساحل بحر إيجة بتركيا للانتقال منها إلى اليونان ومنها إلى دول الاتحاد الأوروبي، في حين وتقول وكالات الإغاثة إن نحو ٢٠٠٠ لاجئ أبحروا يوميا الشهر الماضي على متن زوارق مطاطية إلى الجزر اليونانية الشرقية، الى ذلك قال فين دونالي، النائب عن مقاطعة “بورت مودي كوكواتلم” الكندية، في حديث لشبكة CTV الكندية الشريكة لـCNN ، أن عمة الطفل، وتدعى تيمة كردي، سبق لها أن قدمت طلبات لجوء لشقيقها وأسرته من أجل السماح لهم بالقدوم إلى كندا والعيش فيها، ولكن الطلب رُفض في يونيو/حزيران الماضي.
العالم يبكي الطفل السوري الغريق:
تصدرت صورة الطفل السوري الغريق الصفحة الأولى لكبريات الصحف حول العالم، وكانت الحديدث الأكثر انتشاراً على قنوات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث عنونت صحيفة “نيويورك تايمز” فعنونت: “هذه الصورة الوحشية اللاإنسانية يجب أن يراها الجميع.. هذا ما يقوله النشطاء”، وتابعت: “لقي ١٢ مهاجرًا مصرعهم أثناء محاولاتهم العبور في المياه من تركيا إلى أقرب جزيرة يونانية، ومن بين من لقوا مصرعهم طفل سوري ألقى به الموج على الشواطئ التركية، لتنتشر صورته، وتثير تعاطفًا عالميًا كبيرًا، وسط مطالب من النشطاء بأن يرى الجميع هذه الصورة، لكي يستيقظ ضمير العالم، أما صحيفة “ميرور” البريطانية فجاءت افتتاحيتها بعنوان “لا يطاق” واضعة صورة الطفل على كامل صفحتها الأولى، في حين وضعت صحيفة “تايمز” الأمريكية الصورة تحت عنوان “أوروبا منقسمة ” ، وحملت الصفحة الأولى من صحيفة “ذا ناشيونال” الأسكتلندية، صورة الطفل الغريق، تحت عنوان “الواقع.. لماذا يجب أن تنتفض أوروبا الآن”، إضافة إلى صحيفة “ديلي ميل” البريطانية التي علقت على الصورة قائلة: “ضحية صغيرة من كارثة إنسانية “.
بدورها حذت صحيفة”إندبندنت” البريطانية حذو باقي الصحف الاوروبية، متسائلة، “إذا لم تغير صورة الطفل السوري الملقى قتيلا على الشاطئ، القوية للغاية، موقف أوروبا من اللاجئين، فما الذي سيغير الموقف غير ذلك؟، من جانبها ووجهت صحيفة “هفنجتون بوست” بنسختها البريطانية، في تقريرها الذي حمل عنوان “افعل شيئا يا ديفيد”، نداء لرئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الذي وافق على قبول أقل عدد من طالبي اللجوء، مقارنة بعدد سكان بريطانيا مع معظم دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، بدورها كانت صحيفة الأخبار اللبنانية حاضرة، بعنوان “البحر وسادة “.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت الصورة كالنار بالهشيم، مع تعليقات تتحدث عن الفاجعة، ووجع ومآسي الشعب السوري، فعلى تويتر، فوصل هاشتاق #غرق_طفل_سوري إلى لائحة الأكثر تداولاً عالمياً، كما تم تداول هاشتاق “#الإنسانية_تلفظ_على_الشاطئ، بالإضافة إلى هاشتاق #KiyiyaVuranInsanlik باللغة التركية. أما على الفايسبوك فقد انتشرت صورة الطفل السوري بسرعة البرق وصنعت الحدث يوم أمس مصحوبة بتعاليق غاضبة ومتحسرة على الوضع الكارثي الذي وصل اليه الأشقاء السوريون، كما نشر مستخدمون رسوماً كاريكاتوريّة، صوّرت الطفل يرقد أمام شواطئ الدول الخليجية، وفي وسط مؤتمر الجامعة العربية، وأمام قبر كُتب عليه “الضمير العربي”، بالإضافة إلى صورة أخرى سخرت من التعاطي مع اللاجئين كموادّ لمواقع التواصل الاجتماعي فقط، من دون التحرك لمساعدتهم.
الى ذلك انتشرت على موقع الفيسبوك عبارات كثيرة هاجمت دول مجلس التعاون بسبب اغلاق ابوابها بوجه اللاجئين السوريين، ولا سيما بعد دورها الكبير في تدمير بلادهم وقال احدهم منتقداً الصمت العربي” ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ فاﻻﻣﺎﺭﺍﺕ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﺑﺒﻨﺎﺀ ﻣﻌﺒﺪ ﻟﻠﺒﻮﺫﻳﻴﻦ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ فقطر ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﺍﻳﻀﺎ ﺑﺒﻨﺎﺀ مطارات ﻟﻼﻣﺮﻳﻜﻴﻦ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ فاﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﻛﺜﻴﺮﺍ بقتل اليمنين، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ فمصر ﺗﻮﺳﻊ ﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ ﻟﻌﺒﻮﺭ ﺍﻻﺳﺎﻃﻴﻞ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱفاﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﺸﻐﻮﻝ ﺑﻄﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺒﺸﻴﺮ ﻟﻠﺼين، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ فاﻟﻤﻐﺮﺏ ﻫﻤﻪ ﻛﺒﻴﺮ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﺍﺳﻼﻣﻴﺔ ﻭﺑﻨﺎﺀ ﺣﺎﻧﺎﺕ ﻳﻬﻮﺩﻳﺔ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱﻓﻠﺒﻨﺎﻥ ﺟﺎﺭﻙ ﻣﻄﻤﻮﺭ ﺑﺰﺑﺎﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﻳﻦ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱﻓﺎﻟﻜﻮﻳﺖ ﻣﺸﻐﻮﻝ ﺑﺎﺳﺘﺨﺮﺍﺝ ﺍﻟﺒﻨﺰﻳﻦ ﻟﻄﻴﺮﺍﻥ الاميريكيين، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ فﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻣﺜﺨﻦ ﺑﺎﻟﺠﺮﺍﺡ ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻯ ﺍﻻ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﻪ ﻭﺩﻣﺎﺭﻩ ﻳﻘﻴن، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ ﻓﺎﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﺑﻠﺪ ﺍﻟﺠﺮﺏ ﻟﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﺑﻚ ﺍﻻ ﺑﺎﻗﺎﻣﺔ ﻭﺗﺄﺷﻴﺮﺓ ﻣﻤﻬﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻻﻣﺮﻳﻜﻲ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ ﻓﻠﻴﺒﻴﺎ ﺗﺪﻣﺮﺕ ﻓﻮﻕ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺴﺎﻛﻨين، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ ﻓﺠﻴﺒﻮﺗﻲ ﻣﺮﻳﻀﺔ ﻭﻻ ﺗﻘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺿﺎﻉ ﻃﻔﻞ ﺑﺮيء، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ ﻓﻌﻤﺎﻥ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺗﻐﺮﻕ ﺑﻤﻮﺟﺔ ﺑﺤﺮ ﺻﻐﻴﺮ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ فاﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻣﺸﻐﻮﻟﺔ ﺑﻘﺎﺋﺪ ﻋﺎﺟﺰ ﻳﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺍﺗﻮﻣﺎﺗﻴﻜﻲ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺑﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻗﺒﻞ ﺍﻥ ﺗﻮﻟﺪ ﺑﺴﻨين، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ ﻧﺎﻡ ﻭﺍﺧﻠﺪ ﺍﻟﻰ ﺍﺑﺪ ﺍﻻﺑﺪين، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮ ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﺎﺑﻞ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺍﺷﻜﻮ ﺍﻟﻴﻪ ﺣﺎﻝ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻤﺮﻳﺮ، ﻗﻞ ﻟﻪ ﺑﺎﻋﻮﻧﺎ ﺑﺪﻳﻨﺎﺭ ﻭﺭﻳﺎﻝ ﻭﺩﺭﻫﻢ ﻭﺩﻭﻻﺭ ﻭﺑﺎﺧﺮﺓ ﻧﻔﻂ، ﻧﺎﻡ ﻳﺎ ﺻﻐﻴﺮﻱ، ﻭﻗﻞ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﺍﻧﻲ ﻏﺎﺩﺭﺕ هذا العالم اللعين.”
بدوره اكد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس ان صورة الطفل تعكس “الحاجة الطارئة للتحرك والحاجة طارئة الى تعبئة اوروبية “، غي حين اعتبرت وزيرة التعليم الفرنسية نجاة فالو-بلقاسم عبر تلفزيون ايتيلي الامر لا يحتمل، وتابعت “في الوقت نفسه ينبغي الا نخطئ في النقاش على ما يحصل غالبا. الامر الذي لا حتمل اكثر من هذه الصورة، التي ينبغي نشرها برايي لانه يجب الا نشيح بنظرنا عنها، هو وضع هؤلاء المهاجرين”، مضيفة أنه علينا ان نفتح اعيننا ونطلع على حقيقة هذه الهجرة، هذا البؤس، هذه الاوضاع المريعة التي تدفع بالمهاجرين الى الطرقات مع اطفالهم معرضين حياتهم للخطر.
الى ذلك أوضحت شبكة “إيه بي سي” الإخبارية الأسترالية، اليوم الخميس، أن دبلوماسيين كبار من فرنسا وإيطاليا وألمانيا طالبوا بإجراء إصلاح شامل للقوانين الأوروبية المتعلقة باللاجئين، وأصدرت الدول الثلاث بيانا مشتركا، في وقت متأخر من أمس الأربعاء، في محاولة لضمان “انتشار عادل” للمهاجرين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، وأشار البيان إلى أن “أزمة المهاجرين الحالية تضع الاتحاد الأوروبي وجميع الدول الأعضاء أمام اختبار تاريخي”، كما دعا تطبيق نظام للجوء أكثر كفاءة للأشخاص المحتاجين.
وتأتي هذه المأساة وسط خلاف اوروبي حول تقاسم هموم اللاجئين، في حين توضح الصورة الثمن الباهظ الذي تدفعه الطفولة جراء ويلات الحروب بعد أيام معدودة من مقتل ٧١ شخصا من اللاجئين معظمهم سوريون اختناقا في شاحنة تبريد مخصصة لنقل الدجاج في بلدة باردنوف في النمسا، ومن بين هؤلاء الضحايا ٤ أطفال و٨ نساء ساقتهم عصابة من تجار البشر إلى هذا المصير البشع، وفر الجناة لتعثر دورية للشرطة صدفة على الضحايا بعد أيام في شاحنة محكمة الإغلاق تحولت إلى قبر على قارعة طريق سريع يربط بين هنغاريا والنمسا .
وتشير تقارير المنظمة الدولية إلى أن نحو ٣٤٠ ألف لاجئ وصلوا إلى أوروبا خلال ٧ شهور بنهاية يوليو أغلبهم من السوريين، في هجرة وُصفت بأنها الأسوأ في القارة منذ الحرب العالمية الثانية من بينهم ٢٠٠ ألف وصلوا إلى اليونان، فيما دخل ١١٠ آخرون إلى إيطاليا، في حين تفيد إحصاءات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإن أكثر من ألفي سوري قد غرقوا في البحر المتوسط أثناء محاولاتهم الوصول الى أوروبا منذ ٢٠١١، ويشر المجلس إلى أن “الفشل العالمي في حماية اللاجئين السوريين يترجم الآن الى أزمة في جنوب أوروبا “.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق