الأزمة الماليزية؛ من الاحتجاجات إلى استدعاء “مهاتير محمد”
انقضى شهر أغسطس/آب الماضي وانتهى، معلنًا بدء شهرٍ جديد وفصلٍ جديد من فصول السياسة التي دخلت ماليزيا بها، ففي آخر أيام أغسطس/آب بدأت التظاهرات الشعبية تجوب شوارع العاصمة الماليزية “كوالالمبور”، هذه التظاهرات كانت استجابةً لدعوات أطلقتها مواقع إلكترونية تم حجبها فيما بعد من قبل الحكومة الماليزية.
التجمعات الشعبية التي شهدتها العاصمة الماليزية في يوم السبت ٢٩ أغسطس/آب الماضي شارك فيها الآلاف من المواطنين الذين تحدوا التواجد الأمني المكثف في البلاد ونزلوا إلى الشارع مطالبين باستقالة “نجيب عبد الرزاق”، رئيس الوزراء الماليزي، بسبب قضايا فساد مالي يواجهها، وارتدى المتظاهرون قمصانًا صفراء عليها شعار “بيرسيه”، وهو اسم ائتلاف يتكون من ٨٤ منظمة غير حكومية تدعو إلى إصلاح العملية الانتخابية في البلاد؛ وحمل المحتجون لافتاتٍ كتب عليها “ارحل يا نجيب.. ارحل” ورددوا النشيد الوطني وهتفوا بكلمة “بيرسيه”.
الدعوة للتظاهر جاءت من موقع “بيرسيه” الإلكتروني والذي حجبته السلطات الماليزية رافضةً منح إذن التظاهر لمنظمة “بيرسيه”، ومنعت الحكومة الماليزية ارتداء القمصان الصفراء وحمل شعارات “بيرسيه”، معتبرةً أنها تخل بالأمن العام، ورغم الإجراءات الأمنية المشددة تابع المحتجون تظاهراتهم ليومٍ آخر على التوالي، إذ شهد الأحد ٣٠ أغسطس/آب نزول آلاف الماليزيين إلى شوارع العاصمة للمطالبة باستقالة “نجيب عبد الرزاق”، واللافت أن رئيس الوزراء الأسبق، مهاتير محمد، شارك في الاحتجاجات في اليومين على التوالي.
هذه المظاهرات تأتي عقب تهم فساد وجهت لرئيس الوزراء الماليزي “نجيب عبد الرزاق”، إذ كشفت معلومات سربتها صحيفة “وول ستريت جورنال” في يوليو/تموز أن “عبد الرزاق” تلقى ما يقارب ٦٧٣ مليون دولار أمريكي أرسلت إلى حساباته الخاصة من كيانات مرتبطة بالصندوق الحكومي المدين “١ إم دي بي”، في حين أن “عبد الرزاق” ذكر أن هذه الأموال تبرعٌ من الشرق الأوسط دون أن يحدد الجهة المتبرعة، وعلى إثر تقرير الصحيفة أقال “عبد الرزاق” نائبه ووزراء آخرين طالبوا علنًا بالتحقيق معه، وقام أيضًا بتغيير النائب العام الذي كان يحقق في صندوق ماليزيا للتنمية، كما أوقفت السلطات صحيفتين وحجبت موقعًا نشر أنباء عن الصندوق.
وبالإضافة إلى هذه التهمة يواجه “عبد الرزاق” تهم فسادٍ أخرى تلاحقه منذ عام ٢٠٠٩، أي قبل وصوله إلى السلطة، إذ يُتهم باختلاس ٤٦٠ مليون يورو من شركة “٣ ماليجا ديفلوبمنت برهاد” التي تعاني ديونًا تصل إلى ١٠ مليارات يورو، وهذه الشركة تم تأسيسها من قبل “عبد الرزاق” نفسه قبل الوصول إلى الحكومة، كذلك فإن حزب “المنظمة الوطنية للماليزيين المتحدين” يواجه مطالبًا بإصلاح العملية الانتخابية نتيجة استئثاره بمقاليد الحكم في البلاد منذ عام ١٩٥٧.
وعلى إثر الاحتجاجات الأخيرة استجوبت الشرطة الأربعاء سبعة أشخاص من ائتلاف “بيرسيه” ولم توجه إليهم أي اتهامات، كذلك فإن الشرطة الماليزية قررت استدعاء رئيس الوزراء الأسبق، مهاتير محمد، الذي شارك في الاحتجاجات، وقالت المتحدثة باسم الشرطة أن “مهاتير” وجه بضعة اتهامات لرئيس الحكومة الحالي وذلك في كلمات ألقاها خلال الاحتجاجات، وهذا ما يستدعي أن تتخذ الشرطة بعض الإجراءات، وصرح رئيس الشرطة الوطنية خالد أبو بكر “سنستدعيه لقد ألقى خطابات واتهامات… واتهم قادة الحزب الحاكم بتلقي رشاوى، لذلك نريد معرفة المزيد”، والجدير بالذكر أن “مهاتير محمد”، رئيس وزراء ماليزيا بين عامي ١٩٨١ و٢٠٠٣، يعتبر باني نهضة ماليزيا، ويتمتع بقاعدة شعبية واسعة، وتوجيه أي تهمة له من قبل الحكومة الماليزية قد يؤدي إلى تفاقم الأمور واتساع رقعة الاحتجاجات في البلاد.
حسب تحليلات مراقبين، إن الاحتجاجات التي تعم الشارع الماليزي لا تشكل خطرًا جديًا على رئيس الوزراء الماليزي، وذلك بسبب الانقسام الذي تعاني منه المعارضة، وكون “عبد الرزاق” يملك سلطات واسعة في الدولة وله يد طويلة في المؤسسة التشريعية والقضاء وجهاز الشرطة داخل البلاد.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق