التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

من يقود الفوضى في لبنان؟ سياسة التلزيم، الأنظمة اللاشرعية والصهيونية والجماعات التدميرية 

مخطئ من يقرأ الأمور في لبنان من زاوية واحدة وينظر إليها على أنها مشكلة تقف فقط عند رئاسة الجمهورية وملف النفايات والمجلس النيابي وما شاكلها، القضية في واقع الأمر أكبر من ذلك، فصحيح أن الشعب اللبناني يواجه مشكلة بيئية متأزمة تمثلت بملف النفايات، إلا أن الوقائع والأحداث والسلسلة المترابطة لما يجري في المنطقة كله يشير إلى العنوان الأكبر، هناك شعب مقاوم وقف بوجه المشروع الغربي الإستعماري ويجب الخلاص منه بأي طريقة كانت ومهما كلف الثمن، إنه شعب ينمو ويقوى يوماً بعد يوم وقد يأتي اليوم الذي يصعب التعامل معه، وقد لا يمكن كسره وهزيمته وعليه سيعمم الفكر المقاوم على سائر شعوب المنطقة، عندها ستخرج الأمور من السيطرة وستُقطعُ يد الغرب الإستعماري عن منطقتنا، هذا هو خلاصة الموضوع وهنا تكمن المشكلة، من خلال هذه الرؤية يمكن تحليل الأمور بشكلها الصحيح والواقعي.

 

أمريكا وسياسة التلزيم

بالإنطلاق من الرؤية سابقة الذكر يمكن الخلوص إلى أن كل المشاكل التي تعاني منها منطقتنا بما فيها لبنان مصدرها الغرب الإستعماري الذي تقوده أمريكا، فالكيان الإسرائيلي وليد الإستعمار البريطاني يتلقى اليوم الدعم الكامل من أمريكا ويأخذ الحماية الدولية من الفيتو الأمريكي، وهو اتخذ من هذه الحماية منطلقاً أقوى لمشروعه التدميري والتفكيكي لعالمنا العربي والإسلامي، وإعتداءاته المتكررة على شعوب المنطقة من لبنان ففلسطين وحتى مصر والسعودية التي يحتل الكيان جزءاً من اراضيها دليل واضح على الفكر الفوضوي الذي لا يريد استقراراً وأمناً. إلى الجماعات التخريبية أيضاً والتي لم يعد مجال للشك أنها وليدة أمريكا وصنيعها، هي أيضا وجِدَت للسبب نفسه الذي وجد الكيان لأجله، فمشروعها تدميري تخريبي من خلاله يسهل على المستعمر الغربي إحكام قبضته على المنطقة، وما تؤديه في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها الكثير خدمة للمستعمر الغربي خير شاهد ودليل.

الأنظمة العربية التي سُلِطَ فيها على رقاب شعبها عوائل حاكمة ديكتاتورية تقف بوجه أي توجه تطويري هي أحد عناوين سياسة الغرب الإستعماري، وهي اليوم تُستَخدمُ أيضا في ضرب أي حركة شعبية يمكن لها أن تحدث تغييراً في المنطقة ينتج عنه قطع يد المستعمر الغربي، ويوفر الإمكانيات لبناء أرضية توجه الأمور إلى أن يكون القرار شعبياً. ولعل أكثر الأدلة الحاضرة التي تؤيد هذه الرؤية ما يحدث في اليمن، فبهدف تأمين المصالح الغربية في اليمن والمتعلقة بالقواعد العسكرية الموجودة إلى المصالح الإقتصادية من خلال مضيق باب المندب وما يُشكلانه من أهمية دفعت بالغرب الإستعماري إلى تحريك العائلة الحاكمة في السعودية وتحت عناوين وحجج خادعة لضرب الشعب اليمني وتدميره وجيشه وبنيته الإقتصادية. إذن كل هذه العناوين من الكيان الإسرائيلي إلى الجماعات التخريبية التدميرية إلى الأنظمة العربية هي أوجه للإستعمار الغربي الذي تقوده أمريكا، وهنا تبرز سياسة التلزيم المعتمدة من قبل أمريكا ومحورها الغربي الإستعماري، فهي تُلزِّم مشاريعها الهدامة لأنظمة وجماعات وكيانات إختلقتها.

 

لبنان وتطبيق سياسة التلزيم عليه

سياسة التلزيم التي تعتمدها امريكا تستخدمها في البلدان بتشعباتها الثلاث، الكيان الإسرائيلي والجماعات التخريبية التدميرية والأنظمة اللاشرعية، وهو حال الواقع اللبناني، فالكيان الإسرائيلي الذي احتل فلسطين يقف على اعتاب الحدود اللبنانية ملوحاً بتهديداته بعد أن فشل في اعتداءاته ولحقت به اشنع الهزائم كان آخرها عدوان عام ٢٠٠٦. ولا يرى اللبنانيون في الكيان الإسرائيلي موضوع انقسام، فالآراء متحدة على اعتباره عدو الشعب اللبناني والمنطقة كلها بالإجماع حتى لأولئك الذين يحيكون معه المؤامرات من تحت الطاولة، فعقيدة الجيش بُنيته التي جبل عليها، والجماعات التخريبية أيضاً لا يراها المجتمع اللبناني سوى وسيلة تريد تدمير لبنان كما فعلت في سوريا وليبيا وتريد في العراق ومصر. ولهذا نرى العيون اللبنانية يقظةً حيال مؤامرات الكيان الإسرائيلي وجماعات التخريب.

الأنظمة اللاشرعية في الدول العربية المدعومة والمحمية أمريكيا هي العامل الثالث في نشر الفوضى في العالم الإسلامي والعربي بما فيه لبنان، وعلى رأس هذه الأنظمة، نظام العائلة الحاكمة في السعودية، فهي بمساعدة من أعوانها في الداخل تعمل على إضعاف محور المقاومة والممانعة ووضع الشعب اللبناني في قبالها وتقليب الرأي العام عليها. وهي في هدفها ذلك تعمل على عرقلة الحلول، فمن ملف رئاسة الجمهورية والذي تقف فيه حائلا أمام انتخاب المرشح الأكثر شعبية وتمثيلا بين اللبنانيين وتدفع إلى حوار فارغ بهدف إحداث فجوة اعمق منها ما قبل الحوار مستخدمة وسائل الإعلام لتحقيق ذلك، إلى ملف النفايات الذي يجري الحديث فيه عن عرقلة من قبل السعودية مستفيدة من أعوانها، إلى وسائل الإعلام التي تدعمها وتعمل على التحريض وايجاد محاور متضادة، يضاف إلى ذلك دعم رجال فتنة كان آخرهم ولعله ليس آخرهم أحمد الأسير الذي أصبح بيد السلطات الأمنية، يضاف إلى كل ذلك النظام الطائفي الذي كان وليد حرب أهلية غذتها السعودية ومن يقف وراءها والطبقة السياسية التي جاءت نتيجة هذا النظام الطائفي. 

كل هذا تريد منه العائلة الحاكمة في السعودية إحداث ثغرة يمكن الدخول منها لتنفيذ المشروع كما حدث في سوريا، وبالتالي إلهاء شعب المقاومة عن خطر الكيان الإسرائيلي وشبيهته الجماعات التخريبية التدميرية. كما أنها تريد من خلق هذا الجو وضع لبنان تحت دائرة قرارها وإدارتها من خلال منافذها السياسية الذين تغريهم بالمال والنفوذ. وهي تعمل في ذلك ايضا على وضع الشعب في قبال مسؤولي الدولة لإحداث خرق من الممكن الإستفادة منه متى اتيحت الفرصة لبروز الفكر المتطرف التخريبي التدميري كما حدث في بعض البلدان.

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق