التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

صراع عباس ودحلان: من الرابح ومن الخاسر؟ 

 كثيرة هي الخلافات ما بين رئيس السلطة الفلسطينية وعضو حركة فتح «محمود عباس» والقيادي المعزول عن هذه الحركة، «محمد دحلان»، والذي صدر قرار بفصله عن حركة فتح من قبل «اللجنة المركزية في الحركة عام ٢٠١١»، حيث زاد لهيب نيران هذه الخلافات بعد أن طرد دحلان من حركة فتح وصدر حكم قضائي بملاحقته بتهم جنائية وقضايا اخری. وبعد أن ضيّق عباس الخناق علی دحلان، لم يبق أمام الرجل سوی الخروج من الضفة الغربية، حيث شد الرحال نحو الإمارات وعمل مستشاراً أمنياً عند أحد أمرائها، بعد أن قرر الحياة فيها. وأصبح دحلان بعد ذلك يشن حملة إعلامية شرسة علی السلطة الفلسطينية من الإمارات، خاصة ضد رئيسها «محمود عباس»، وصار يدعو أنصاره في داخل وخارج الضفة بل حتی في غزة، للتظاهر ضد الرئيس الفلسطيني، متهما أياه وأبنائه بالاختلاس وإهدار المال العام. وفي مقابل ذلك اتهم رئيس السلطة، دحلان بانه قام بعملية إغتيال «ياسر عرفات» وكذلك القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، «صلاح شحادة». وبعدما وصلت الخلافات بين عباس ودحلان الی أعلی مستوياتها خلال السنوات الاخيرة، بات السؤال الرئيسي في هذا السیاق: ما هو مستقبل العلاقة بين الرجلين؟ وهل سيستمر الصراع بينهما أم أنهما سيضعان مصالح الشعب الفلسطيني نصب أعينهما ويضعان حداً لخلافاتهما الشخصية؟

 

وفي هذا السياق كثيرا ما يتّهم «محمد دحلان» من قبل خصومه خاصة في السلطة الفلسطينية بأنه يتعاون مع أجهزة استخباراتية اجنبية وعلی رأسها الإستخبارات الإسرائيلية، ضد الرئيس الفلسطيني وحتی حركات المقاومة في فلسطين، بالرغم من الاخبار التي تتحدث عن علاقات قوية بين دحلان وحماس، حدثت في الآونة الاخيرة. ويتهم دحلان بانه يسعی الی عزل «محمود عباس» عن السلطة وفرض نفسه كرئيس للسلطة الفلسطينية، خلفا له، بالتعاون مع جهات داخلية وخارجية، تأتي مصر والإمارات في مقدمة هذه الجهات.

 

لا شك أن هذه الخلافات بين عباس ودحلان، لا تخدم الشعب الفلسطيني بل أنها في الاساس تخدم المشروع الإسرائيلي علی حساب القضية الفلسطينية، حيث أن تل أبيب تسعی الی إحتواء قوة الشعب الفلسطيني وتغيير مسير هذه القوة بالاتجاح الذي لا يضر بمصالحها، من خلال ترويج الخلافات بين مختلف الفصائل الفلسطينية وقيادات هذه الفصائل نفسها. حيث أثرت الخلافات بين فتح وحماس خلال السنوات الماضية بشكل سلبي علی المشروع الفلسطيني النضالي، لصالح الکيان الإسرائيلي، إذ شجعت هذه الخلافات الكيان على شن حروب طاحنة علی غزة خلال هذه الفترة. وبموازاة الكثير من التقارير التي تتحدث عن دعم الكيان الإسرائيلي للسلطة الفلسطينية ورئيسها «محمود عباس»، فان كمّاً هائلاً من التقارير الاخری تتحدث عن أن «محمد دحلان» يتلقی نفس هذا الدعم من قبل الكيان علی حساب السلطة ورئيسها، حيث أن هذه السياسة الإسرائيلية توضح أن تل أبيب تسعی للتخلص من حركة فتح عبر بث روح الخلافات بين قياداتها وتقسيمهم الی معسكرين، الاول يدعم «محمود عباس» والثاني يتعاطف مع «محمد دحلان».

 

وفي ظل استمرار هذه الخلافات فان عباس بات يخشی من دحلان أكثر من أي وقت مضی، اثر التقارير التي تتحدث عن تعاون مشترك بين دحلان وحماس، وكذلك بعد أن استقبل الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» دحلان في القاهرة، وبالاضافة الی ذلك فان رئيس السلطة الفلسطينية يخشی أن يكون مصيره القتل من قبل الإستخبارات الإسرائيلية كما جری لسلفه «ياسر عرفات»، خاصة وأنه يتقدم في السن، ولم يعد يصلح كثيرا للبقاء في السلطة وفقا للرؤية الامريكية والإسرائيلية.

 

ويعتقد بعض المتابعين أن جوهر الخلاف بين عباس ودحلان يعود الی اتهام الاخير بانه اجتمع سراً مع قيادات فتحاوية في الضفة الغربية قبل الخروج منها، وكان ذلك للتخطيط لغرض اسقاط عباس وتعزيز نفوذه بالأجهزة الأمنية وداخل الحكومة الفلسطينية آنذاك، حيث إتهم مقربون من عباس، دحلان بانه يعمل علی تحريض بعض القيادات الفتحاوية ضد رئيس السلطة للتخلص منه، وأنه يجنّد الكثير من المجموعات الشبابية في الضفة لاستخدامها لممارسة الضغط علی «محمود عباس».

 

وفي هذه الاثناء تتهم السلطة الفلسطينية كلا من مصر والامارات، بدعم «محمد دحلان» علی حساب «محمود عباس»، وتمثّل ذلك خلال اصرار مصر والامارات علی حضور دحلان في حفل تنصيب الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، رئيسا للبلاد. حيث أصرت أبوظبي والقاهرة علی حضور دحلان في هذه المراسم، رغم عدم موافقة رئيس السلطة الفلسطينية وانزعاجه الشديد من ذلك. وبالرغم من امتعاض «محمود عباس» تجاه دعم الامارات ومصر لدحلان فانه لايری من المصلحة أن تطفو خلافاته مع هاتين الدولتين، الی السطح، حيث يعتقد المتابعون للشأن الفلسطيني أن السعودية تحاول لعب دور الوسيط بين مصر والامارات ودحلان من جهة، وبين رئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس» من جهة اخری، لتهدئة الامور بينهما.

 

واخيراً يجب علی عباس ودحلان أن يعرفا أنهما إن كانا حقاً من القيادات الفلسطينية المضحّية للقضية الفلسطينية، فإنهما مسؤولان أمام الشعب الفلسطيني، ومن المفترض أن لا یهدرا طاقات الفلسطينيين لأجل مصالحهما الشخصية، بل يجب أن يسخرا جميع طاقاتهما لخدمة القضية الفلسطينية ومواجهة الکيان الإسرائيلي، لا أن يستعينا به ضد بعضهما البعض، ومن الواضح جداً أن الخاسر الاول والاخير، لأي خلافات بين المسؤولين الفلسطينيين هو الشعب الفلسطيني، لا أحد غيره، والمنتصر سيكون الکيان الإسرائيلي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق