التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, ديسمبر 27, 2024

استمالة سعودية لروسيا تعكس أزمة سعودية مقابل ثبات الموقف الروسي 

مع بداية العدوان الاسرائيلي على لبنان وتساقط الصواريخ على المدن اللبنانية، انطلقت رسائل محور بعض الأنظمة العربية بإتجاه لبنان وبالخصوص للمقاومة فيها منذرة من أن الاسرائيلي ابلغها بأن العدوان مستمر وأفق الحل مقفلة، ولا مجال للبحث والنقاش، علماً أن المقاومة لم تضع ومنذ اليوم الأول القضية في خانة النقاش، فلا نقاش مع الکيان الاسرائيلي، بل حصرت الأمر بتحرير الأسرى اللبنانيين لدى الكيان. هذا المشهد عينه تكرر مع بدء العدوان على سوريا، وبالتزامن مع نشاطات الجماعات التخريبية التدميرية انطلقت رسائل الأنظمة العربية منذرة بأن الهدف اسقاط النظام السوري وتدمير سوريا، وأن لا مجال للحل السلمي فيها، لكن هذه المرة كانت الرسائل توجه ليس إلى سوريا فقط بل إلى أصدقاء سوريا أيضا بما فيها روسيا، وتصريحات بندر بن سلطان رئيس الأمن القومي والإستخباراتي آنذاك ملأت الأرجاء.

استمالة سعودية لروسيا للتخلي عن دعم سوريا، ثبات الموقف الروسي

خلال العام الفائت عملت العائلة الحاكمة في السعودية على منهجية ارتكزت بالتقرب من موسكو خاصة خلال الفترة الأخيرة، وقد تُرجم هذا التقرب من خلال زيارة قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى موسكو والتي التقى فيها نظيره لافروف، وتزامنت الزيارة مع سلسلة من المواقف التي أطلقها لافروف والتي صبت كلها في خانة واحدة بأن روسيا لن تتخلى عن رؤيتها بضرورة الوقوف إلى جانب سوريا حكومة وشعبا والثبات في الموقف اتجاه المساهمة في التصدي للجماعات التخريبية والتدميرية. يضاف إلى ذلك الزيارة الأخيرة التي قام بها سلمان الإبن والتي سبقها مماطلة في تنسيق موعدها.

هذا وتبدي العائلة الحاكمة في السعودية رغبة في شراء السلاح الروسي، فقد رشح عن صفقة ممكنة لدبابات تي ٩٠ وعربات مصفحة وطائرات عمودية مقاتلة ومنظومة أس ٤٠٠ للدفاع الجوي بعيد المدى سوف يجري تضخيمها لتتجاوز ١٠ مليار دولار و٤٨ مقاتلة ميغ ٢٩ مطورة بقيمة ٧ مليارات دولار، هذه الصفقات التي تطمح إليها العائلة الحاكمة في السعودية ينظر إليها على أنها محاولة سعودية لفتح السوق السعودية أمام السلاح الروسي واعطاء امتيازات اقتصادية لها. إلا أن موسكو ماضية في الوقوف إلى جانب سوريا وشعبها، وهي تدعم الحل السياسي السلمي وترفض جماعات التخريب والتدمير فيها، وتعمل على رفع مستوى التنسيق بينها وبين سوريا في كافة المجالات كان آخرها توصل البلدين إلى مشروع انشاء قاعدة عسكرية أكثر فعالية من قاعدة طرطوس.

استمالة تعكس مأزق السعودية وأزمتها

أولا: في الواقع ان التقرب السعودي من روسيا خلال العام الفائت يعكس بالدرجة الأولى المأزق الذي تعيشه السعودية دولياً وداخلياً، فهي بالدرجة الأولى ترى تبدلاً وتغيراً في السياسة الأمريكية في المنطقة، حيث بدأت أمريكا تستشعر خطر الجماعات التخريبية التدميرية، وأن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة، والأهم من ذلك أن أمريكا وبحسب المتتبعين لحركة دعمها لجماعات التخريب والتدمير ما كانت يوماً بهدف اسقاط الحكومة السورية واستبدالها بتلك الجماعات، إنما الهدف الأول والأخير كان ضرب سوريا وإضعافها كما العراق ليسهل فيما بعد تقسيم هذه البلدان ونهب خيراتها بعد خلق نعرات طائفية ومذهبية وسياسية. أما اليوم فإن امريكا وأمام صمود محور المقاومة من جهة والوعي الجماهيري للمخططات الأمريكية من جهة ثانية تجد ضرورة للتفاوض والتحاور بهدف كسب الحد الأدنى مما يمكن كسبه من منافع لها. والعائلة الحاكمة في السعودية ترى تعارضا في هذا التبدّل الامريكي وسياستها الرامية إلى ضرب كل حركة في المنطقة يمكن أن تشكل خطراً على حكمها العائلي الإرثي، ولهذا لجأت إلى موسكو عسى ان تحدث تغييراً في الموقف الروسي في محاولة للإلتفاف على المأزق ومحاصرة روسيا ورفع الغطاء الدولي عنها.

ثانيا: قراءة سلمان لواقع الخلافات التي دبّت في العائلة الحاكمة حول مسار الحكم والحاكم فيها، وحاجته إلى تثبيت حكم إبنه، وبالتالي يرى من الضروري إبراز إبنه على الساحة الدولية من خلال زيارات لدول ذات تأثير كروسيا من جهة وتدعيم موقعه المستقبلي من جهة أخرى، هذه الزيارات يرى سلمان فيها خطوة ضرورية لضرب طموحات معارضي إبنه وجعله أمراً واقعاً.

ثالثا: تستشعر العائلة الحاكمة في السعودية أن سياسة العداء التي انتهجتها على مر السنوات السابقة وضعتها في دائرة مغلقة، وقيدت حركتها وتواصلها مع الخارج، وخلقت موجة عداء اتجاهها من قبل شعوب وحكومات الدول، ليأتي الإتفاق النووي بين ايران والدول الست كفرصة لها للخروج من أزمتها بعد الإنفتاح الدولي على ايران ورغبتهم بانشاء مشاريع تجارية معها وعلاقات دبلوماسية أقوى وأشد من ذي قبل، وهي ترى في روسيا بوابة الدخول إلى علاقات بعيدة عن العداء مع شعوب ودول المنطقة بما فيها محور المقاومة، لتأتي تصريحات موسكو المتتالية تأكيداً علد أن مدخل خروج السعودية من أزماتها لا بد أن يكون من خلال ايقاف دعمها للجماعات التخريبية التدميرية أولاً وليس آخراً

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق