التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

لماذا عدل الملك السعودي عن زيارة القاهرة بعد واشنطن؟ 

 يبدو أن الخلافات الخفية بين النظامين السعودي والمصري، باتت تطفو عل السطح في هذه الأيام، فبعد تأكيد العديد من وسائل الإعلام والشخصيات السعودية نية الملك العودة إلى القاهرة من واشنطن، نفى وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الأنباء التي تحدثت عن زيارة مزمعة للملك سلمان إلى مصر، في طريق عودته من واشنطن.

إن حديث الجبير يقطع الشك باليقين ويؤكد ما يتم تداوله على الساحة الإعلامية حول خلافات جوهرية بين الملك السعودي والرئيس المصري، وهذا ما يمكن إستشفافه من قبل الأبواق الإعلامية المقربة من كلا الطرفين، حيث تصوب أسهمها الإعلامية على الطرف المقابل، فما هي قضية هذه الزيارة؟ ولماذا تم إلغاؤها؟ وما هي أبرز الخلافات في الموقفين المصري والسعودي؟

زيارة القاهرة

في ٣٠ أغسطس الماضي، تحدث “أنور عشقي” رئيس “مركز الدراسات القانونية والاستراتيجية” في السعودية، عن احتمال زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى مصر في طريق عودته من أمريکا.

وقال “عشقي” لوكالة “سبوتنيك” الروسية، إن “المملكة لم تعلن عن زيارة الملك للقاهرة، ولكن الأمر غير مستبعد، فقد يمر الملك بالقاهرة في طريق العودة، والأوضاع الحالية تستدعي مباحثات دائمة مباشرة وغير مباشرة”.

وتزامن هذا الحديث مع تسريب مصادر دبلوماسية مصرية بشكل غير رسمي معلومات للصحف المصرية عن توجيه دعوة للملك سلمان لزيارة مصر دون تحديد الموعد أو تأكيد الزيارة، ونقلت هذه الصحف عما قالت إنها “مصادر رسمية” أن الملك سلمان “رحّب بدعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لزيارة القاهرة مطلع الشهر المقبل”، في إشارة لسبتمبر الجاري.

أيضًا، تناقلت بعض وسائل الإعلام العربية الخليجية عن مصدر دبلوماسي مصري قوله إن العاهل السعودي سيقوم بزيارة إلى مصر في النصف الأول من سبتمبر؛ تلبية للدعوة العلنية التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بوجود ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، نهاية يوليو الماضي.

وقالت المصادر المصرية إن الزيارة ستأتي بعد عودة الرئيس المصري من جولته إلى روسيا والصين، وانتهاء زيارة الملك سلمان لأمريكا، منوهة أن “الزيارة تحمل الكثير من المعاني وستتطرق للملفات المهمة بين البلدين، لا سيما الأزمات الإقليمية في اليمن وسوريا”.

خلافات بالجملة

تحسم تصريحات الجبير الجدل القائم حول ضبابية العلاقة بين الجانبين، ويرى مراقبون أنه مثلما كان رفض الملك سلمان حضور قمة كامب ديفيد الأمريكية السابقة رسالة لأمريكا، يأتي إلغاء زيارة سلمان للقاهرة أو رفضه القيام بها حاليًا، كرسالة سعودية للقاهرة أيضًا، فهناك العديد من الملفات العالقة بين مصر والسعودية.

وعند الدخول في تفاصيل الخلاف يتضح تباين الموقفين المصري والسعودي في العديد من الملفات الإقليمية الحساسة، فعلى الصعيد اليمني لم تكن حسابات الحقل السعودي كحسابات البيدر المصري، فبعد أن رفضت مصر المشاركة في المغامرة السعودية المتمثلة بالعدوان على اليمن، تؤكد العديد من المصادر سعي القاهرة لبلورة حل سياسي للأزمة، خاصةً أنها إستقبلت وفوداً يمنية من حركة أنصار الله في خضم العدوان، وبالتزامن مع زيارة الرئيس المصري إلى الرياض. في المقابل تصرّ الرياض على الحسم العسكري في معركتها مع الشعب اليمني.

أما الخلاف المصري السعودي الثاني؛ فيدور حول سوريا حيث تفضل مصر الحل السلمي، إلا أن السعودية تصر على رحيل الرئيس بشار الأسد كشرط أساسي لحل الأزمة. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى الزيارة المصرية إلى العاصمة الروسية والحديث عن تأليف جبهة مشتركة لمحاربة الإرهاب، بمشاركة الرئيس السوري بشار الأسد.

كذلك، لم يكن الموقفان السعودي والمصري تجاه جماعة الإخوان المسلمين، عن خلافهم ببعيد، إذ تؤكد القيادات المصرية موقفها الحاسم من هذه الجماعة، في ظل الحديث عن تقارب سعودي معها، يهدف للضغط على النظام المصري وتهديده بورقة الإخوان عن كل مفترق طريق، وهذا ما أثار حفيظة النظام المصري الذي يبدو أنه أوعز لإعلامه بمهاجمة الرياض والعائلة الحاكمة.

وأما الخلاف الرابع بين الطرفين فيتمثّل بالقوّة العربية المشتركة، إذ يوضح الكاتب المصري ورئيس تحرير صحيفة «المصريون»، جمال سلطان، أن السعودية عطلت مشروع «السيسي» في ليبيا، عبر طلبها تأجيل الاجتماع الخاص بتوقيع بروتوكول القوة العربية المشتركة، وهو الطلب الذي وافقت عليه الجامعة العربية. ولم تستجب الرياض في مارس الماضي لحماسة الرئيس المصري في مشروع القوة العربية المشتركة، بل كانت مترددة تجاه المشروع، بخلاف مصر والإمارات.

ربّما إعتقد الملك السعودي في وقت سابق أنه من الممكن، وخاصةً بعد الدعم الإقتصادي لمصر، ليّ ذراع الرئيس السيسي وإجباره على السباحة مع التيار السعودي، لا بعكسه، إلا أنه أدرك مؤخراً أن نقاط الخلاف باتت تفوق النقاط المشتركة، وبأضعاف. وباتت السعودية اليوم تفقد قدرتها الناعمة والخشنة في المنطقة، وفي المقابل تجري مصر على قدم وساق لإستعادة دورها الريادي في العالم العربي .

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق