التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

طلاسم تنظيم (داعش) الارهابي في الحرب النفسية 

الحرب النفسية هي الاستعمال المخطط والمُمنهج للدعاية ومختلف الأساليب النفسية للتأثير على آراء ومشاعر وسلوكيات الطرف المقابل بطريقة تسهل الوصول للأهداف. ويمكن تلخيص غايات هذا النوع من الحروب بما يلي :

–        تحطيم الروح المعنوية لدى العسكريين والمدنيين في الطرف المقابل.

–        تحقيق حالة من الشك والإحباط واليأس في إمكانية التحدي والصمود لدى الطرف المقابل. 

–        زعزعة عامل الثقة بين المواطنين وقادتهم، من سياسيين وعسكريين في الطرف المقابل. 

–        تحطيم إرادة القتال لدى أفراد وضباط الجيش المقابل. 

–        الوصول بالعسكريين والمدنيين إلى حالة من الذعر والخوف والهلع ودفعهم باتجاه الاستسلام أو الفرار.

 

داعش والحرب النفسية

بالرغم من الانتهاكات الفظيعة لحقوق الانسان التي يرتكبها تنظيم (داعش) الارهابي ومحاولته إثارة الخوف في نفوس الناس من خلال بث مشاهد مرعبة، تساهم الكثير من وسائل الاعلام الاقليمية والدولية من حيث تدري أو لاتدري بترسيخ هذه المشاهد الى درجة سهّلت على هذا التنظيم احتلال مناطق كثيرة في سوريا والعراق دون قتال.

وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر أو يوتيوب، مكاناً دعائياً يستخدمه (داعش) لنشر حربه النفسية ضد شعوب المنطقة والعالم والترويج لافكاره كعامل محفز يؤطر به خطاباته المفبركة والمؤدلجة التي يحاول من خلالها تبرير جرائمه ورسم صورة مغايرة عن حقيقته الارهابية لتحقيق أهدافه. 

ومنذ احتلال مدينة الموصل وبعض المناطق الغربية من العراق لم تتوقف ماكنة “داعش” الاعلامية عن بث الاكاذيب والشائعات لاثارة الخوف بين الناس، وهو ما جعل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يؤكد بأن بلاده تتعرض الى حرب ٧٠ بالمائة منها نفسي و٣٠ بالمائة على الارض. 

واعتمد هذا التنظيم الارهابي على ثلاثة أبعاد نفسية هي الاشاعة والدعاية والحرب الإعلامية لخلط الأوراق وقلب الحقائق وخلق بطولات وهمية لأنه يعرف تماماً أنه ليس بإمكانه فرض سيطرته على أي بلدة أو منطقة في سوريا أو العراق دون اللجوء الى خلق حالة من الفوضى من خلال تصوير الجرائم التي يرتكبها بطرق وحشية كالإحراق والإغراق وقطع الرؤوس وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات الداعمة له. ويعتمد هذا التنظيم الارهابي في أغلب الأحيان على ذبح الضحايا لترسيخ الحرب النفسية كعنصر أساسي في استراتيجيته التي تعتمد أيضاً على التفجيرات الانتحارية واستخدام الغازات السامة لقتل الابرياء في المدن والبلدات التي يستهدفها أو الابادة الجماعية كما حدث في قاعدة (سبايكر) بالعراق.

ومن الواضح ان أسلوب عناصر(داعش) في الغزو البربري يسير على خطى المغول والتتار في أساليب الدعاية والحرب النفسية، فهم يقتلون عشرات أو مئات الضحايا في المدينة التي يحتلونها ويذبحون الناس كما تذبح الشاة كي تصل الأخبار إلى المدن الأخرى بشأن فظاعة التنظيم، أضف إلى ذلك الأسلوب الانتحاري الذي تتبعه هذه العصابة، وهو لا يختلف كثيراً عن اسلوب المغول الذي يعرف باسم (موغداي) والذي يعني (حب الموت). 

وإذاما تتبعنا أساليب “داعش” في الحرب النفسية فإننا نجد أنه يستخدم تقنيات حديثة ولا يعتمد فقط على ما يرويه الناجون من فظاعات. ويؤكد الخبراء والمحللون أن “قوة داعش” لا تكمن بأي حال من الاحوال بقدراتها العسكرية أو بتكتيكاتها الاستراتيجية على أرض المعارك كما يحاول أن يصور البعض، ولكن تعتمد على التباهي الفج بجرائمها عبر مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، وهذا العمل الممنهج والمكرس لتصوير الجرائم بوحشية مفرطة، هو الذي دفع المحلل البارز (ديفيد بروكس) الى ان يصف ذلك في مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز” بأنه يعبر عن نقطة تحول مرعبة وغامضة في قواعد السلوك البشري والحضارة الإنسانية.

وللأسف لازلنا نرى الكثير من وسائل الاعلام العربية والغربية تساعد في نشر رسائل عن رعب (داعش) سواء بصورة قصدية أو للفت انتباه القارئ عن طريق الإثارة، بينما لا نجد الا القليل من الأخبار والتقارير التي تتحدث عن بطولات وانتصارات الجيش العراقي والحشد الشعبي وأبناء العشائر في دحر عصابات “داعش” وعن الحالة المخزية لأسرى هذا التنظيم الارهابي في الكثير من محاور القتال. وهناك جهات خارجية وداخلية تحاول تزييف الحقائق واظهارها بصورة مغايرة من اجل التأثير بصورة او بأخرى على انجازات القوات الأمنية والحشد الشعبي وما تحققه ضد ارهابيي(داعش)، في اطار سيناريو معد مسبقاً للتشويش على الحقائق، خصوصاً بعد ان اثبتت هذه القوات علو كعبها في ميادين القتال واستطاعت تكبيد هذا التنظيم الارهابي خسائر فادحة بالارواح والمعدات.

 

وبعد معرفة هذه الحقائق والدلائل بات واضحاً ان “داعش” ورغم الهالة الاعلامية التي احيط به والحرب النفسية التي يشنها على العراقيين والسوريين يمر الآن في أضعف حالاته من الناحيتين المعنوية والقتالية، بعد ان فقد القدرة على التأثير في سير المعارك، ومن هنا يتوجب على القادة الأمنيين والاعلاميين وخبراء الحرب النفسية مضاعفة الجهود من أجل اسقاط الماكنة الإعلامية لهذا التنظيم وغيره من التنظيمات الارهابية التي لايمكنها أن تنشط وتتكاثر إلاّ في أدران الفوضى والدعاية الرخيصة ودعم وسائل الإعلام المغرضة التي تموّل من قبل دول غربية واقليمية في مقدمتها أمريكا وقطر والسعودية.

المصدر : الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق