التحديث الاخير بتاريخ|الخميس, ديسمبر 26, 2024

إقليم كردستان يعيش مأزق نظامه: بين تفرد البارزاني بالحكم ومطالبة المعارضة بحقوقها 

 لا يبدو أن التوافق على آلية لنظام حكمٍ جديد بين الأحزاب في إقليم كردستان، سهل التحقق بسبب الخلافات الحادة بين الأحزاب حول النظام الحالي للحكم وصلاحيات رئيس الإقليم في ظل جدلٍ متواصل بعد انتهاء ولاية البارزاني. ومع احتدام الصراع بين الأحزاب، يحذر البعض بأنه في حال عدم الوصول الى نظامٍ يحقق الإستقرار السياسي والإقتصادي للمدى البعيد، فإن ذلك سيجلب صراعات أكبر مما هو حاصل اليوم. فماذا في آخر المستجدات التي تتعلق بهذا الشأن؟ وكيف يمكن تحليل الدلالات؟

 

تقرير حول آخر المستجدات المتعلقة بهذا الشأن:

في ظل الجدل المتواصل بعد انتهاء ولاية رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني في ٢٠ آب ٢٠١٥، وفشل الأحزاب والقوى الكردية الرئيسة في التوصل الى اتفاق، أعلنت رئاسة إقليم كردستان عن تأجيل اجتماع الأحزاب الخمسة الذي كان مقرراً أمس الأحد، للنقاش في مسألة رئاسة الإقليم إلى الأسبوع المقبل. وقال رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين في بيان، إنه بناءاً على طلب ممثل الإتحاد الوطني الكردستاني بتأجيل اجتماع الأطراف السياسية وبعد موافقة الأحزاب الأربعة الأخرى (الديمقراطي الكردستاني، وحركة التغيير، والإتحاد الإسلامي الكردستاني، والجماعة الإسلامية الكردستانية) تم تأجيل الإجتماع. مُشيراً الى أن الهدف من تأجيله هو إعطاء الأطراف السياسية المشاركة وقتاً أكثر لمناقشة المُقترحات والأفكار المطروحة على صعيد قياداتها للوصول إلى نتائج، مُعرباً عن أمله بأن يكون الإجتماع المقبل حاسماً للوصول الى موقف موحد ومشترك يخدم مصالح شعب كردستان.

وكانت قد عقدت الأحزاب الكردية الأربعة، اجتماعاً في السليمانية، الأربعاء الماضي، بغياب الحزب الديمقراطي الكردستاني، فيما اوضحت رئاسة برلمان إقليم كردستان، حينها أن البرلمان هو “المكان الوحيد” لحسم رئاسة الإقليم، واكدت عزمها على إنهاء “الصراع” السياسي الداخلي بشكل سلمي. وفي وقتٍ اعلنت فيه رئاسة إقليم كردستان، توصل رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني مع الأحزاب الكردية غير المشاركة في الإجتماعات الخماسية الى ضرورة الإعتماد على التوافق والإبتعاد عن روح التحدي في مسألة رئاسة الإقليم، شدد رئيس الاقليم مسعود البارزاني على انه لن يغادر بـ”انقلاب”، لانه لم يأت بـ”انقلاب” على حد تعبيره.

 

قراءة تحليلية:

لا تُشير الأحداث الى قرب التوصل لحل خصوصاً في ظل تعنتٍ من قبل البارزاني وحزبه الذي يسعى لإبقاء الحكم في يده، في ظل معارضةٍ كبيرة من الأحزاب الأخرى. وهنا نشير للتالي:

– يبدو أن الصراع محتدم بين الحزب الذي ينتمي له البارزاني، وهو الحزب الديمقراطي والأحزاب المعارضة الأخرى. فمن المعروف أن “الإتحاد الوطني الكردستاني” والذي شارك من قبل في صياغة مسودة الدستور القديم، إختلف مع حليفه السابق “الحزب الديموقراطي” حول مسألة النظام السياسي وانضم إلى الأحزاب الثلاثة الرئيسية الأخرى المعارضة سابقاً، ليطالب بنظام برلماني في الدستور وانتخاب رئيس للإقليم ضمن عمليةٍ تحصل من داخل البرلمان بدلاً من عملية انتخابه المباشر من الشعب. وهنا لا بد من الإشارة الى أن مُنتقدي ما يُعرف بالنظام الرئاسي، يريدون إنتخاب رئيس الإقليم من البرلمان حتى يتمكنوا من محاسبته أو سحب الثقة منه الى جانب قدرتهم على تقليص صلاحياته الحالية. في حين يتمسك “الحزب الديموقراطي” والذي يهيمن على منصب رئيس الإقليم منذ ٢٠٠٥ ويختلف مع الأحزاب الأخرى المعارضة حول نظام الحكم وآلية انتخاب الرئيس، تحت مبررٍ أعلنه الناطقون بإسم الحزب أكثر من مرة، وهو أنهم لا يريدون تكرار تجربة الحكومة المركزية في إقليم كردستان مشيرين إلى أن النظام البرلماني في الدستور العراقي سمح لرئيس الوزراء العراقي في جمع أغلبية السلطات بيده ومؤكدين على أن الحزب يسعى لتوزيع الصلاحيات في نظام الإقليم بين رئيس الوزراء ورئيس الإقليم. وهو ما تناقضه الوقائع الحاصلة. 

– ترفض الأحزاب المعارضة وبشكلٍ قاطع نظام الحكم الطاغي على الإقليم حالياً والذي يُعطي رئيس الإقليم صلاحيات واسعة من الناحية الأمنية والإدارية والسياسية، مُقرين بأنه لا يمكن سحب الثقة بسهولة من الرئيس وهو ما يُعد مهمة مستحيلة نسبياً داخل البرلمان، لأن هذه الخطوة توجب مطالبة أولية لثلثي أعضائه. ولذلك تعبر الأحزاب المعارضة عن خوفها مما تصفه بديكتاتورية الفرد التي يمارسها البارزاني، إذ لا يوجد تعاطٍ على أسسٍ ديمقراطية. فيما يسعى الإسلاميون وتحديداً حزب “الإتحاد الإسلامي” لإضافة شروط دينية على نظام الحكم. 

إذن، يمكن القول إن تحذير رئيس الإقليم وإصراره على رفض رؤية الأحزاب الأربعة المعارضة له، وسعيهم لإيجاد نظام برلماني يحكم عملية إدارة الإقليم وانتخاب الرئيس، يعني دخول الجماعات الكردية في مرحلة خطيرة، نتيجة حدة الخلاف بين الأطراف. الى جانب وضوح خيار الحزب الديمقراطي بالتفرد بالسلطة. وهو ما يمكن القول إنه قد يكون على حساب استقرار ومصلحة الأكراد القومية. ولا يسعنا إلا انتظار الأيام المقبلة لمعرفة ما ستؤول اليه الأمور.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق