التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

هل تعيد تصريحات الجبير العلاقة بين إيران والسعودية الى مربعها الأول؟ 

قمةٌ أمريكية سعودية قام من خلالها الحليف الأمريكي بإعطاء التطمينات والوعود للحليف السعودي بأن الاتفاق النووي مع إيران لن يكون على حساب الحلفاء وبأنه لصالح الجميع حتى السعودية لكونه يمنع ايران من الوصول الى القنبلة النووية التي لم تسع خلفها يوماً، فجاءت المغازلة السعودية لأوباما بإعلان الملك سلمان دعمه للاتفاقية النووية التي توصلت اليها مجموعة “٥+١” مع ايران، والتي “ستمنع ايران من الحصول على سلاح نووي، ما سيعزز أمن المنطقة عندما يتم البدء بتنفيذها”.

لكن المغازلة السعودية لأمريكا لم يكن هدفها الإعلان عن استعداد السعودية للحوار مع ايران في الملفات العالقة بينهما بل على العكس من ذلك إذ أن السعودية اتهمت ايران بالتدخل في دول الجوار وزعزعة أمن واستقرار المنطقة بتدخلاتها وسعيها لزيادة نفوذها، واتهمت السعودية ايران أيضاً بدعمها للإرهاب وتغذيتها للفتن الطائفية حسب ما جاء على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير حيث اتهم الجبير إيران “بالاعتداء على جيرانها منذ ثورتها عام ١٩٧٩”، وقال إن على طهران وقف دعم الإرهاب وتغذية الخلافات الطائفية الداخلية وأضاف أيضاً بأن “السعودية تأمل أن يستخدم الإيرانيون أيّ دخل إضافي من رفع العقوبات في تمويل التنمية المحلية بدلاً من الانخراط في أنشطة مشينة”.

تشير تصريحات السعودية هذه الى عودة الرياض لاستخدام سياستها المتشددة والتي تدعم وتعزز زيادة التوتر والخلاف بين البلدين وعدم اعتماد السياسة الهادئة التي يمكن من خلالها حل الملفات والأزمات العالقة بين كلا الجانبين، مما يدل على أن السعوديين يريدون الاستمرار بسياسة التصعيد والمواجهة وزيادة التوتر بدلاً من سياسة المصالحة والحوار. 

هذه التصريحات والاتهامات التي وجهها الجبير الى ايران تأتي في وقت تقوم فيه السعودية اليوم بممارسة أكثر وأكبر أنواع التدخل في دول المنطقة وتصرف المليارات من الدولارات في خدمة هذه السياسة فهي تدعم الإرهابيين في سوريا وتقدم كافة أنواع المساعدات من مال وسلاح ومعدات عسكرية لهم ومن جهة أخرى الحرب الضروس التي تشنها السعودية منذ أكثر من خمسة أشهر على اليمن، البلد الذي يعد أفقر بلد عربي وذلك لإعادة رئيس مستقيلٍ هاربٍ من بلده الى منصبه وكرسيه وقمع الشعب اليمني الذي يطالب بحقوقه في الحرية والعدالة والمساواة وذلك على حساب آلاف الشهداء من أبناء اليمن الأبرياء وتدمير بنية اليمن التحتية وإعادته عشرات السنين الى الخلف.

السياسة السعودية التي تقوم على التدخل بشؤون دول الجوار والعبث فيها بما يناسب مصالحها تتجلى أيضاً بتدخلها العسكري في البحرين وقمعها لإنتفاضة شعب البحرين السلمية ضد نظام الحكم هناك الى جانب قيام السعودية بتصدير الفكر الوهابي التكفيري الى دول الجوار والدول الإسلامية ومنها سوريا التي أصبحت خراباً بفعل التدخل الغربي والعربي وبالأخص السعودي فيها، وأيضاً منع السعودية الوصول الى صيغة توافقية تحفظ العراق من التقسيم وتعيد إليه استقراره وأمنه وتبعد شبح الحرب الطائفية عنه.

إن الواقع المتأرجح للرياض في المنطقة على الرغم من إنفاق مليارات الدولارات لتقوية وزيادة نفوذها في المنطقة أدى بها الى كيل التهم وتوجيهها الى ايران لأن السعوديين يعتقدون بأن العامل الرئيسي الذي يقوم بالحد من نفوذ السعودية الفكري والسياسي والعقائدي هو تطور إيران وزيادة نفوذها في المنطقة، كما أن السعودية على مر العقدين الماضيين تلقت لكمات موجعة من محور المقاومة الذي أفشل مخططاتها في كثير من الأحيان وآخر تلك اللكمات كانت على يد المقاومة اليمنية التي استهدفت معسكراً لجنود الغزاة السعوديين والإماراتيين والبحرينيين بصاروخ أرض أرض في منطقة صافر بمحافظة مأرب وسط اليمن أدى إلى مقتل العشرات من الجنود التابعين للدول الثلاث الى جانب الخسائر المادية الكبيرة وتدمير الكثير من التجهيزات العسكرية، حيث أن هذه العملية أظهرت الواقع كما هو وقدمت دلالات هامة على أن الواقع المتزلزل والهش للسعودية والقوى المتحالفة معها ليس إلا حقيقة مرة سعت السعودية الى إخفائها وراء صفقات السلاح الكبرى وإنفاق المليارات على العتاد العسكري وشراء الأسلحة وحشد أكبر عدد من الدول لمساندتها في حربها.

ستکون العواقب غير معروفة ومن الممكن أن تكون كارثية إذا لم تلتفت الرياض لسياستها وتعاطيها مع شعوب المنطقة، إذ يجب على السعودية أن تغير من سياستها المتهورة والطائشة وتبدأ بترتيب بيتها الداخلي وتحفظ نفسها من إرتدادات سياستها الخارجية الخاطئة التي تتبعها في مقاربتها لملفات المنطقة بدءاً من سوريا مروراً بالعراق والبحرين ووصولاً الى اليمن، بدلاً من لوم الآخر وكيل التهم له، فإذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق