التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

ايران والكيان الاسرائيلي: المواجهة الجديدة بعد الإتفاق النووي 

منذ بدء المفاوضات بين ايران ومجموعة الدول ٥+١ وبالخصوص في الأشهر الأولى، والكيان الاسرائيلي يعيش حالة قلق ترجمها بمخالفته الشديدة لأي شكل من اشكال الإتفاق بغض النظر عن مضمونه، وبعد التوصل إلى اتفاق عمل على منع التصويت عليه في مجلس الكونجرس الامريكي. الكيان اليوم وبالرغم من المضي بحملته إلا أنه يرى نفسه مجبراً على قبول الأمر الواقع، وبالرغم من الحديث عن ان التوتر بين ايران والخمسة +١ سيخف تدريجياً بسبب التوافق على حق ايران إلا أن الايديولوجية الايرانية بخصوص الكيان غير الشرعي قائمة، ودعم ايران للقضية الفلسطينية وحركات المقاومة والممانعة وحقوقهم قائمة ومستمرة فمنهجية ايران ثابتة في الاصول، وفي الحال الذي كان فيه الكيان يشن حملة تشويهية بخصوص حق ايران النووي فإن الأمر اليوم لم يعد موجوداً، وهذا ما سيدفع الكيان والغرب الذي يقف خلفه للبحث عن سبل مواجهة جديدة مع ايران ومحور المقاومة والممانعة في المنطقة. فما هي آلية عمل الكيان بعد الاتفاق؟ وماذا يعني الاتفاق بعيون اسرائيلية؟

الاتفاق بعيون اسرائيلية

يرى الكيان الاسرائيلي أن الاتفاق على حق ايران النووي هو تغيير لمنطقة الشرق الأوسط وفق رؤية حق الشعوب وليس هيمنة الاستعمار الغربي الراعي والحامي للكيان الاسرائيلي، وهو ايضاً تغيير لصورة ايران التي طالما عُمِلَ على تشويه صورتها، ويحدد مكانتها على انها الدولة الطامحة المستفيدة من التكنولوجيا والعلوم في سبيل الإرتقاء ومنح شعبها حقوقه المشروعة، وهو يحدد مكانتها بين الدول العظمى والمقتدرة وسط محيط متفكك على اسس عرقية وطائفية ومذهبية.

ويرى الكيان الاسرائيلي أن الاتفاق على حق ايران المشروع في الاستفادة من الطاقة النووية انتصار للدبلوماسية الايرانية القادرة على نشر روح السلام والحوار بدل الحروب وما تجره من ويلات. كما أن الرفع المتدرج للعقوبات الإقتصادية وتنفس الإقتصاد الإيراني يعني دعماً للجهود الإيرانية ومشروعها السلمي في المنطقة والذي من شأنه أن يطيح بكل المشاريع المعادية للسلام وعلى رأسها المشروع الغربي الاستعماري المتمثل بالكيان الاسرائيلي. هذا الاتفاق يُقلق الكيان الاسرائيلي لأنه يرى فيه درساً لشعوب المنطقة بأن الصبر والصمود ولو طال الأمر لتحصيل الحق هو المطلوب، وأن لا جدوى في مسلك المسارعة لتقديم التنازلات.

وهذا الاتفاق ايضاً هو خطوة ودعوة من قبل ايران للدول الغربية للتخلي عن مشروع معاداة الشعوب والمضي في خطوات فعلية لمواجهة الفكر التخريبي التدميري، هذا الفكر والذي يُنظر إليه ليس على أنه الجماعات المنتشرة في سوريا والعراق فقط بل أن الكيان الاسرائيلي أصله وعنوانه الأكبر، فلا فرق بين المشروع التخريبي التدميري للكيان الاسرائيلي أو جماعات التخريب والتدمير في سوريا والعراق، فالهدف واحد والأصل واحد ايضاً. 

آلية عمل الكيان الاسرائيلي بعد الاتفاق

عبارات الكيان منذ الاعلان الأولي للاتفاق بين ايران والدول الخمسة +١ تمثلت بمجموعة عبارات “كالخطأ التاريخي” و”الرضوخ لايران” و”استسلام الغرب” وما شابهها من عبارات الهدف منها عرقلة الإتفاق، والكيان يدرك جيدا أن لا امكانية له على الوقوف بوجه الاتفاق، ولكن هو دور الكيان ولأجل ذلك زرعوه في منطقتنا، فعمله الصياح بوجه اي مشروع في المنطقة سوى مشروع التدمير والتخريب. وفي خدمة ذلك سيعمل الكيان خلال الفترة القادمة على مجموعة نقاط تمكنه من استحداث عنوان للمواجهة الجديدة اتجاه ايران ومحور المقاومة والممانعة بعد أن فقد الملف النووي. وعنوان المواجهة هذا يتمثل بمجموعة النقاط التالية:

أولاً: اللعب على وتر الأنظمة العربية التي تمتلك هاجساً كبيراً اتجاه بروز دولة ديمقراطية الحاكمية فيها للشعب وهو صاحب الرأي الأول فيها، وعليه تشكيل حلف مع تلك الأنظمة العربية بهدف الاستمرار بحملة الكيان اتجاه محور المقاومة والممانعة في المنطقة وضمان استمرارية المبرر لطلب التسليح والدعم الغربي والإعتداءات بحق شعوب المنطقة. واللعب على هذا الوتر قد يواجه صعوبات لاعتبارين اساسيين، الأول والمتمثل بالوضع الداخلي الاسرائيلي الذي يشهد شيئا من الخلافات حول تشكيل الحكومة والتركيبة السياسية بالاضافة إلى العديد من ملفات الداخل وكيفية ادارتها، الثاني والمرتبط بواقع الأنظمة العربية التي تستشعر الخطر بسبب الخلافات داخل العائلة الحاكمة فيها من جهة والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها وشعور عدم الرضا الشعبي اتجاه أنظمة بلدانهم الحاكمة من جهة ثانية.

ثانياً: بناءً على ان انتصار ايران هو انتصار لمحور المقاومة ودعم له، فإن الكيان الاسرائيلي في المقابل سيزيد من تدخلاته في تغذية الصراعات الوهمية التي اختلقها في المنطقة بمساعدة الغرب، وسيعمل على رفع مستوى الدعم للجماعات التخريبية والتدميرية لوجستياً وعسكرياً وامنياً. 

ثالثاً: موجة اعلامية تحريضية يصاحبها منهجية كاذبة لاظهار الكيان الاسرائيلي على أنه في واقع المظلومية والمتضرر مما يحدث من اتفاقات وأجواء حلحلة، والعمل على توجيه الاتفاق على أنه يتضمن ثغرات والتشكيك في مصداقية الدول الموقعة على الإتفاق بأنها ستخل ببنوده وشروطه، وهو في سبيل هذه الخطوة سيستغل وسائل الإعلام لبعض الأنظمة العربية والغربية أو حتى تلك الممولة من قبلها، اضافة إلى نشر الكثير من الدراسات والتصريحات وعقد المؤتمرات، وسيقدم نفسه على أنه الضحية لتغذية عقول المتابعين من شعوب عربية وغربية على ضرورة العمل لضرب الإتفاق من جهة وايجاد الاستمرارية في مشروعه التدميري التخريبي من جهة أخرى.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق