لماذا قررت السعودية الدخول بريًا إلى اليمن في هذا التوقيت؟
بدأت القوات المتحالفة ضد اليمن في حشد القوات العسكرية وتجهيزها، وقد تم خلال الأيام القليلة الماضية تجهيز آلاف المقاتلين من دولٍ عربية عدة كالسعودية وقطر والسودان وغيرها، كما وصلت تعزيزات غير مسبوقة وأسلحة ثقيلة ومروحيات أباتشي إضافة إلى العديد من المدرعات والآليات العسكرية، كل هذه الاستعدادات تأتي في سياق الإعداد للمعركة البرية المقبلة والتي قرر التحالف العربي شنها بهدف السيطرة على صنعاء، وهناك العديد من الأسباب التي دفعت السعودية إلى التجهيز لهذه المعركة.
السبب الأول:
الإعداد السعودي والعربي للمعركة البرية بعد أكثر من ٥ أشهر من القصف الجوي المتواصل، يأتي نتيجة إدراك هذه الدول عدم فاعلية ضرباتها الجوية، وفشلها في تغيير الواقع الميداني والسياسي في اليمن، ومن السذاجة الاعتقاد أن السعودية كانت تسعى لإضعاف وإنهاك القوات اليمنية وأنصار الله من خلال القصف الجوي لتبدأ بعد ذلك معركتها البرية، فهكذا تفكير لا ينم عن نظرة واقعية إلى الساحة الميدانية في اليمن، إذ أن أنصار الله واللجان الشعبية في اليمن باتوا الآن أكثر قوة وخبرة، وعملية صافر خير دليلٍ ومثالٍ على ذلك.
السبب الثاني:
من دوافع المعركة البرية فشل السعودية في تجنيد اليمنيين، ففي البداية كانت الرياض وحلفاؤها يسعون إلى تجنيد اليمنيين ليخوضوا الحرب البرية نيابةً عنهم، ولكن طيلة الأشهر السابقة لم تلقَ السعودية ترحيبًا يمنيًا كافيًا يؤهلها لإنشاء قوات تكون قادرة على مجابهة اللجان الشعبية وأنصار الله في اليمن، ولهذا وجدت السعودية بدءَ حربٍ برية خيارًا لا مفر منه على أمل أن تتغير الأمور لصالحها ووفق سياساتها.
السبب الثالث:
من الطبيعي أن خمسة أشهر من الهجمات الجوية كلفت السعودية والدول الحليفة لها الكثير من النفقات المادية، ناهيك عن الخسائر البشرية والعسكرية، ورغم ذلك لم تحقق دول التحالف أهدافها المرسومة من العدوان على اليمن، والسعودية اليوم باتت غير قادرة على الاستمرار بتمويل العدوان على اليمن لمدة طويلة، كما أن إيقاف هذه الهجمات دون تحقيقها للنتائج المرجوة يُعد هزيمة كبيرة للسعودية، لذلك فإنها تحاول اللجوء إلى معركة برية سريعة تقلب الأمور لصالحها وتنهي بها ما بدأته.
السبب الرابع:
تحاول السعودية منع القوات اليمنية من التوغل في أراضيها المجاورة لليمن، ولهذا لجأت إلى معركة برية بعد فشل الطيران في حماية المناطق السعودية الجنوبية، وتتخذ الرياض من إرسال الجنود إلى اليمن وإشعال المعارك البرية هناك وسيلةً للإبقاء على الصراع العسكري داخل الأراضي اليمنية، ومنع انتشاره إلى داخل الأراضي السعودية كجيزان وغيرها.
نتائج المعركة البرية وانعكاساتها:
المعركة حساسة للغاية، والسعودية أقحمت نفسها في صراعٍ ليست أهلاً له، فجيش السعودية وحلفائها غير مؤهل لخوض الحرب ضد جيوش نظامية، فما بالك بحرب مُدنٍ ليست على أرضه، فهل سيستطيع الجنود تحقيق أي تقدم!؟ وما ينتظر جيش التحالف من انكسارات وهزائم، ليس بمثابة انكسار السعودية سياسيًا وعسكريًا فحسب، بل يعني انكسار كل الدول المتحالفة معها، وسيسجل التاريخ أن أكثر من دولة عربية اتحدت ضد الشعب اليمني، واستخدمت أحدث الأسلحة الأمريكية، وفي النهاية فشلت وعجزت عن ضرب وحدة اليمن وإخضاعه.
من جهة أخرى فإن هذه المعركة ستكبد الدول المتحالفة خسائر كبيرة في المعدات والأرواح، وهذا ما سيعرض حكومات هذه الدول إلى انتقادات شعبها الذي يرى في حرب اليمن حربًا لا ناقة له فيها ولا جمل، وهذا ما حصل في الإمارات بعد مقتل قرابة الـ٥٠ من جنودها، إذ اضطرت حكومة أبو ظبي إلى إعلان الحداد ثلاثة أيام تجنبًا لغضب الجماهير الذي كان واضحًا في وسائل التواصل الإجتماعي والمواقع الإلكترونية، والجدير بالذكر أن معركةً كهذه ستؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، ما يمكن أن يعرّض السعودية ومن تحالف معها للمزيد من الانتقادات الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى أن اشتداد الهجمة على اليمن سيؤدي إلى المزيد من الوحدة التي يبديها اليمنيون.
السعودية غاضبة بسبب فشلها في تحقيق أي انتصارٍ طيلة الفترة الماضية، والتجهيز للمعركة البرية التي تعتبر كمحاولةٍ أخيرة جارٍ على قدمٍ وساق، والأمور تتجه نحو التصعيد الميداني، ولكن هدوء أنصار الله الذي سبقه “توشكا” صافر يقلق ويربك قادة جيش التحالف الذي يتجهز للهجوم على صنعاء، والمعادلة الجديدة التي رسمتها القوات اليمنية باستهداف الرياض وجدة، قد تصدم صناع القرار السعودي في أي لحظة، وخاصةً أنهم يصرون على التصعيد، ويرفضون كل الطرق السلمية لحل النزاع.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق