الكيان الإسرائيلي وهواجس انفتاح الغرب على طهران
منذ اللحظة الأولى التي برزت فيها بوادر التوصل إلى اتفاقٍ بين إيران ومجموعة ٥+١ بشأن الملف النووي، بدأ الكيان الإسرائيلي يندد ويدين ويبرز قلقه من الاتفاق الذي وصفه “بالخطأ التاريخي”، ولا يزال قادة الكيان يؤكدون عدم رضاهم عما أسموه “رضوخ الغرب لإيران” وما له من تبعات يرى الكيان الإسرائيلي أنها تهدد وجوده، حتى أن زيارات المسؤولين الغربيين للعاصمة الإيرانية طهران باتت تقض مضاجع الإسرائيليين.
القلق الإسرائيلي من توجه الغرب إلى طهران يرجع إلى أمل الكيان الإسرائيلي بأن تُضعف العقوبات المفروضة على طهران الدولة الإيرانية على كافة الصعد، سياسيًا واقتصاديًا، بالإضافة إلى إضعافها عسكريًا كنتيجة طبيعية للضعف السياسي والاقتصادي، ولكن خلال الـ ١١ سنة من العقوبات المفروضة على طهران لم تستمر إيران في دورها الإقليمي فحسب، بل ازدادت مكانتها وقوتها العسكرية والسياسية، وهذا يجعل القيادات الإسرائيلية تتساءل، إذا كانت إيران هكذا قبل الاتفاق، فكيف ستكون بعده!؟
شواهد قوة إيران عسكريًا وسياسيًا خلال العقوبات كثيرة، ففي الأزمة السورية كان لإيران دور سياسي فعال في إسقاط العديد من المخططات المحاكة ضد الدولة السورية، كما أن إيران لعبت دورًا فاعلاً في محاربة الجماعات التكفيرية في سوريا والعراق رغم الحصار المفروض عليها، بالإضافة إلى أن حزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية أصبحت أقوى وأكثر جهوزية خلال فترة العقوبات على إيران، الأمر الذي لم يرغب الكيان الإسرائيلي بحصوله، ولهذا أشار قادة الكيان إلى أنهم يسعون لفرض الحصار على إيران لإيقاف “آلتها الإرهابية”، حسب تعبيرهم.
انعكاسات الاتفاق النووي فاقت التوقعات الإسرائيلية، فبدل مقاطعة الغرب لطهران، بات الانفتاح عليها هو عنوان المرحلة المقبلة، بل وأكثر من هذا، إذ بدأ الكيان الإسرائيلي يشعر أن انفتاح الغرب على طهران يجري على حسابه، فبينما الغرب يزور طهران، تشهد البضائع الإسرائيلية مقاطعة في أسواق أوروبا، أي أن قادة الكيان باتوا يرون أن العزلة التي حاولوا فرضها على طهران بدأت تحيط بهم، وخاصةً أن بريطانيا التي ساهمت في إيجاد الكيان الإسرائيلي ودعمه بدأت تشهد موجات فكرية مناهضة للكيان الإسرائيلي طالب بعضها بمحاكمة “نتنياهو”.
يعيش الكيان الإسرائيلي قلقين، قلق العزلة التي بدأت تُفرض عليه، وقلق الانفتاح الغربي المتزايد على طهران، وخاصةً أن طهران خرجت من الحصار والعقوبات باندفاعٍ شديد، فسرعان ما وقعت اتفاقيات عسكرية مع روسيا، كصفقة شراء صواريخS٣٠٠ ، بالإضافة إلى الأموال الضخمة التي ستحرر من الحجز، وكل هذا لن يعود بالنفع على إيران فحسب، بل على كل محور المقاومة وحركات النضال، ولهذا يسعى الكيان الإسرائيلي جاهدًا للحيلولة دون تمرير الكونغرس الأمريكي للإتفاق النووي، ولكن رغم هذا تشير المعطيات أن الكيان الإسرائيلي سيفشل في جعل أعضاء الكونغرس يصوتون ضد الاتفاق.
وليس نمو إيران إقليميًا هو ما يقلق القادة الإسرائيليين، فإيران تلعب دورًا محوريًا في القضايا الإقليمية منذ مدة طويلة، ولكن ما يقلقهم هو أن توافق إيران مع مجموعة الـ ٥+١ بعد أن جلسوا على نفس الطاولة، يعني تحول إيران إلى دولة لها فاعلية في كل الساحات الدولية والإقليمية، وحصول إيران على مكانة دولية يعني انتهاء التهديدات الإسرائيلية للبلدان التي تقف إلى جانب طهران، أي أن مشاريع الكيان الإسرائيلي ستصطدم بالعقبة الإيرانية.
في النهاية يمكن التأكيد على أن الإتفاق النووي جاء خلاف الرغبة الإسرائيلية، والكيان الإسرائيلي بدأ يشعر بالعزلة وتنامي القوة الإيرانية، وهذا ما يحاول قادة الكيان وضع حدٍ له، ولكن المساعي الإسرائيلية لتقليص الدور الإيراني ليست جديدة، وطيلة الفترة الماضية لم ينجح الكيان الإسرائيلي بمنع إيران من التقدم العلمي والعسكري، وهذا يجعل نجاح الكيان الإسرائيلي في الحد من قدرة إيران فيما بعد الانفتاح الغربي عليها، أمنية مستحيلة المنال.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق