الدرع الصاروخي الامريكي في الخليج الفارسي .. أهداف وتبعات
بعد الاتفاق النووي بين الغرب وايران ابدت الدول الخليجية والتي تدور في الفلك الامريكي قلقها من تنامي قدرات ايران في شتى المجالات واعتبرته تهديدا لأمنها وقد سعت امريكا الى تبديد مخاوف هذه الدول عبر ارسال مبعوثين وموفدين امريكيين اليها بالاضافة الى دعوة قادة هذه الدول الى كمب ديفيد للتباحث بشأن النووي الايراني ومن ثم اعادت امريكا الحديث عن منظومة الدرع الصاروخي الموحد في الخليج الفارسي لمواجهة الصواريخ الايرانية، فما هو هذا الدرع وما الغاية من نشره وما تبعات ذلك على أمن المنطقة؟
ان الدرع المزعوم هو في الواقع منظومة مشتركة للدفاع الجوي يتم فيها الربط بين رادارات الدول الخليجية حيث يقوم الجانب الامريكي بادارة هذه المنظومة الموحدة، ويقول الجانب الامريكي ان هذه المبادرة تسمح لدول مجلس التعاون بشراء العتاد ككتلة واحدة وليس كدول منفردة، والبدء في ربط شبكات الرادار وأجهزة الاستشعار وشبكات الإنذار المبكر بمساعدة أمريكية.
ورغم اعلان الامريكيين بأن الدرع المزعوم هو درع للدفاع الصاروخي لكن يجب القول ان هذا الدرع الصاروخي قد صمم لمنع الدولة التي تتعرض الى عدوان من الرد على هذا العدوان وهكذا يستطيع البلد الذي يملك هذا الدرع ان يشن عدوانا عسكريا على دولة أخرى دون وجود هاجس الرد الصاروخي من قبل الدولة المعتدى عليها.
ويسعى الامريكيون منذ فترة طويلة الى عسكرة منطقة الخليج الفارسي لتهديد امن ايران بشكل جدي وقد جهزت امريكا الدول العربية في هذه المنطقة بأحدث الاسلحة والمعدات وهذا ما اجبر ايران على تخصيص قسم كبير من قدراتها وامكانياتها لمواجهة هذا التهديد.
وقد عارضت ايران دوما التواجد الامريكي في المنطقة لكن امريكا تعتزم من خلال نشر هذا الدرع الصاروخي في الدول الخليجية ارسال اعداد كبيرة من قواتها وخبرائها العسكريين بذريعة صيانة هذه المنظومة الصاروخية وتدريب كوادر الدول العربية وهذا ما تعتبره ايران تهديدا مباشرا لأمنها ايضا.
اهداف امريكا ودول مجلس التعاون
ان بعض الدول العربية التي تدور في الفلك السعودي تشعر بالخطر من الاتفاق النووي الحاصل بين ايران والدول الست ولذلك تحاول امريكا اعطاء امتيازات الى هذه الدول العربية واقناعهم بأن الاتفاق النووي مع ايران لايعني استدارة امريكا نحو طهران والتخلي عن حلفائها العرب الاثرياء، ويمكن وضع الضوء الاخضر الامريكي الى الرياض لشن العدوان على اليمن ونشر هذا الدرع الصاروخي في هذا السياق.
ان ائتلاف الدول المعادية لايران يحتاج الى قاعدة واساس، ويوفر الدرع الصاروخي الامريكي هذه القاعدة وهذا الاساس للتحالف الامريكي العربي الإسرائيلي، وقد اعلن القائد السابق للقوات الامريكية في الشرق الاوسط الجنرال ديفيد بتريوس عند اعلان نشر الدرع الصاروخي في الخليج الفارسي ان هذا الدرع هو من اجل ردع ايران ورفع قدرات الدول الخليجية امام القوة الصاروخية الايرانية.
ويمكن اعتبار تصدير هذا الدرع الصاروخي الامريكي الى دول مجلس التعاون جزءا من البرنامج الامريكي لبيع الاسلحة الى هذه الدول وزيادة الارباح الامريكية فالكويت قد صرفت في عام ٢٠١٤ اربعة مليارات ومئتي مليون دولار على شراء صواريخ الباتريوت الامريكية كما دفعت الامارات ٤ مليارات دولار ايضا وقامت السعودية بدفع ١.٧ مليار دولار لتحديث صواريخ هذا الدرع الموجودة لديها واعلنت انها ستدفع ٥ مليارات دولار ايضا من اجل تركيب رادارات جديدة على اراضيها وداخل الاراضي البحرينية، اما قطر فهي مجبرة على دفع مبلغ ١٢ مليار دولار ثمنا لامتلاك هذه المنظومة، وكانت السعودية في عام ٢٠١٤ اكبر مشتر للسلاح في العالم وصرفت ٦.٥ مليار دولار على شراء الاسلحة من الخارج وتلتها الامارات.
التحكم بمصادر الطاقة
يعتبر التحكم بمصادر الطاقة في العالم وتحديدا النفط من اركان الهيمنة الامريكية على العالم وتعتبر التجارة بالنفط اكبر تجارة في الاسواق الدولية ولذلك تعتقد امريكا ان سيطرتها على النفط هي مقدمة لسيطرتها على الاقتصاد العالمي والهيمنة على القارة الاوروبية واليابان، وان حاجة اوروبا واليابان والهند الى نفط الخليج الفارسي تزداد يوما بعد يوم ولذلك تحاول امريكا التحكم بنفط الخليج الفارسي لفرض هيمنتها على منافسيها وقد جلبت امريكا اسطولها البحري الخامس الى الخليج الفارسي واقامت قواعد عسكرية لها في هذه المنطقة والان يأتي نشر الدرع الصاروخي الامريكي في الخليج الفارسي في هذا السياق ايضا.
ان تواجد القوى العسكرية الاجنبية في الخليج الفارسي جعل أمن هذه المنطقة هشّاً لأن أمن دول منطقة الخليج الفارسي لايمكن تقسيمه وتجزئته وان تهديد أمن أي دولة في هذه المنطقة يزعزع الامن والاستقرار في المنطقة برمتها، ومن جهة أخرى فإن الخطة الامريكية لنشر هذا الدرع الصاروخي في المنطقة لايمكن تنفيذها بسهولة لأن هذا الدرع غير قادر على تدمير كافة الصواريخ التي يتم اطلاقها والمثال على ذلك هو العدوان السعودي على اليمن والعدوان الاسرائيلي على لبنان في عام ٢٠٠٦.
ان امريكا تعتبر الدول الخليجية احدى ولاياتها الثرية والغنية بالنفط كما تريد امريكا جعل الخليج الفارسي قاعدة للتحكم بمنطقة الشرق الاوسط من اجل احتواء منافسيها ولهذا يمكن القول ان نشر الدرع الصاروخي الامريكي في الخليج الفارسي يعتبر الخطوة الاستراتيجية الامريكية الثانية التي تقوم بها امريكا بعد احتلال العراق من اجل استمرار هيمنتها على المنطقة.
المصدر – الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق