التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, ديسمبر 22, 2024

هل تمثّل تصريحات اللواء عشقي موقف السعودية الرسمي؟ 

مرّة جديدة، يطالعنا الجنرال السعودي المتقاعد، والمقرب من دوائر القرار في النظام السعودي بتصريحات تؤكد حقيقة العلاقة بين تل أبيب والرياض، وترسم صورة واضحة حول كيفية تعاطي العقل السعودي مع أزمات المنطقة. فمقابل دعمه للكيان الإسرائيلي، جدد مدير مركز الأبحاث الإستراتيجية في مدينة جدة، وأحد مستشاري الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، عداء بلاده للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

ربما إعتقد البعض من بسطاء الشارع العربي سابقاً، أن اللقاء الذي حصل في ٤ يونيو/حزيران الماضي، بين اللواء عشقي والمدير العام لوزارة خارجية الکيان الإسرائيلي دوري غولد كان غير مقصود، إنما جاء على هامش أحد المؤتمرات التي شارك بها الطرفان، مع العلم أن هذا اللقاء الذي تطرق إلى “الخطر النووي الايراني والمصالح المشتركة التي تجمع اسرائيل والسعودية ضد النووي الايراني”، جاء بعد عام من التنسيق بين المركز الذي يترأسه عشقي مع مركز اسرائيلي هو (القدس للجمهور والدولة) الذي يترأسه غولد، ولكن كيف يرى هؤلاء تصريحات الجنرال عشقي لقناة «٢٤» الإسرائيلية، حيث وصف عشقي بنيامين نتنياهو بـ«الرجل القوي والواقعي»، وتحدّث عن «الخطر الإيراني والمصالح المشتركة»؟

لم يتوان المقرّب من الملك السعودي، كما وصفته «القناة ٢٤» الإسرائيلية، عن الجهر بإعجابه برئيس وزراء الکيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رأس الحربة في الإعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، حيث أشاد الجنرال السعودي المثير للجدل برئيس الحكومة الإسرائيلي، واصفاً إياه بـ«الرجل القوي والواقعي والمنطقي»، فقد قال في تصريحه للقناة الإسرائيلية: «نحن بحاجة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لأنه رجل قوي، وهو رجل منطقي كما هو واقعي أيضاً، لكننا بحاجة إلى أن يوافق ويعلن قبول اقتراح مبادرة السلام».

لا ندري عن أي قوّة وواقع ومنطق يتحدّث عشقي، فهل يقصد قوة الطائرات والصواريخ التي تنزل على رؤوس الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني، أم واقع إحتلال الكيان للقدس، أم منطق الحرق التي إستخدمته آلة القتل الإسرائيلية مع الطفل الرضيع علي دوابشة؟

للمفارقة، رغم كافّة الدعايات العبثية التي يطرحها الإعلام السعودي حول مؤامرات يهودية-فارسية على العرب، تأتي تصريحات الجنرال عشقي لتؤكد أن الجمهورية الإسلامية تقف في النقطة المقابلة للكيان الإسرائيلي، وجميعنا يعلم أن فلسطين هي أيضاً في النقطة المقابلة للكيان الإسرائيلي. وكما في اللقاء السابق، وكافة اللقاءات التي لم تخرج إلى الإعلام بإعتبار أن الإعلام الإسرائيلي أكّد وجود ٥ لقاءات سرية بين عشقي وقيادات إسرائيلية، جدد مستشار الملك السعودي عداء بلاده لإيران، معتبراً أن “إيران تسعى إلى محاولة إعادة مجدها السابق من خلال المناورات التي تقوم بها من أجل زعزعة الاستقرار في المنطقة، وهذا ما فعلته في العراق المجاور لها، واليوم نحصد ما زرعته هناك”.

وأوضح اللواء عشقي أن “إيران تفكر في إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية من خلال التوسع للخارج إلى العراق وسوريا وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط، وهي النقطة التي ستنطلق منها إلى أوروبا ومصر”، واصفا بذلك على أنه “مجرد حلم”، مشيراً إلى أن “الأساليب التي يتبعها الإيرانيون لتحقيق هذه الأهداف تزعزع استقرار المنطقة، لكنهم لن يستطيعوا إعادة السيطرة على كل الخراب والدمار الذي خلفوه في كل من العراق وسوريا ولبنان وغيرها من الدول”.

ما يثير الجدل أن تصريحات الرجل المقرّب من الملك السعودي وفق «قناة٢٤»، تأتي في خضم خطوات عزل الكيان الإسرائيلي على الصعيد الدولي بسبب سياسة حكومة بنيامين نتنياهو العدائيّة ورفضه لأيّ مبادرة سياسيّة لحلّ الصراع مع الفلسطينيين، كما أنها تتزامن مع خسارة قوية للجانب الإسرائيلي في الكونغرس الأمريكيّ حول الاتفاق النوويّ مع إيران، ولكن ما هي رسائل ودلالات اللواء السعودي؟

عند الحديث عن رسائل ودلالات تصريحات مدير مركز الأبحاث الإستراتيجية في مدينة جدة، تجدر الإشارة إلى النقاط التالية:

أولاً: تعتبر تصريحات اللواء عشقي بمثابة «بالون إختبار» للشارع العربي عموماً، والسعودي على وجه الخصوص. حيث تنخرط السعودية في المشروع الامريكي الهادف لجعل الكيان الإسرائيلي عنصراً طبيعياً في المنطقة، تماماً كما يتعاون الثلاثي الامريكي-السعودي-الإسرائيلي على الترويج لسياسة “إيران فويبا”، واللواء عشقي أحد رؤوس الحربة في هذا المشروع.

ثانياً: مصلحة آل سعود حالياً، تقتضي تحويل المواجهة من إسلامي-صهيوني أو عربي- إسرائيلي إلى صهيوعربي- فارسي. ولكن هذا لا يعني أن السعودية قد تغيّر موقفها من تل أبيب بسبب الإتفاق النووي أو الازمات الإقليمية، لأن موقف اللواء عشقي يمثل جوهر شعور النظام السعودي تجاه الكيان الإسرائيلي، لكن الظروف لم تسمح سابقاً بإظهار هذه المواقف على العلن، إلا أن الرياض تعتقد أن الظروف مناسبة حالياً لذلك.

ثالثاً: يسعى النظام السعودي حالياً للتعاون مع الكيان الإسرائيلي بغية الضغط على واشنطن للي ذراع الرئيس الأمريكي، مع ان الوقائع تؤكد أن المشروع بات منتهياً. وتريد السعودية تشكيل جبهة قوية لمواجهة ايران سواءً في الملف النووي أو الازمات الإقليمية.

رابعاً: البعض يتحدث حالياً عن إسرائيلي متطرف، وإسرائيلي معتدل، مع العلم أن جميعهم متورط بدماء الشعب الفلسطيني، ولكن هذا ما يريده اللواء عشقي.

 المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق