التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

التحديات التي تواجه حركة انصار الله لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية في اليمن 

حظيت حركة (انصار الله) في اليمن بتأييد جماهيري كبير في السنوات الاخيرة واكتسبت خبرة عسكرية واسعة بعد سنوات من الحروب التي خاضتها ضد حكومة الرئيس السابق علي عبد الله صالح خلال الاعوام (٢٠٠٤ – ٢٠١٠).

وتتمتع حركة (انصار الله) بعمق ايديولوجي ورؤية استراتيجية تؤهلها للعب دور كبير في ميدان السياسة وتشكيل الحكومة في اليمن. ويعتقد الكثير من المحللين والمراقبين بأنها الأقدر لتمثيل الشعب اليمني في المحافل الاقليمية والدولية .

 

وواجهت (انصار الله) العديد من التحديات على الصعيدين الداخلي والخارجي والتي منعتها حتى الآن من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في اليمن. ويمكن الاشارة الى أبرز هذه التحديات على النحو التالي :

١. الانقسامات التاريخية: اليمن بوضعه الحالي كان يتشكل في السابق من دولتين إحداهما في شمال البلاد وكانت تعرف باسم (الجمهورية العربية اليمنية) والثانية في جنوب البلاد وكانت تعرف باسم (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية). ورغم اتحاد الدولتين في ٢٢ مايو ١٩٩٠، لازالت بعض الاحزاب والحركات السياسية الجنوبية تطالب بفصل هذا الجزء من البلاد عن الشمال وعن الحكومة المركزية .

٢. الانقسامات الطائفية: يتشكل اليمن من طوائف متعددة ابرزها الشيعة ويتركز اكثرهم في شمال البلاد، والسنّة ويتركز معظمهم في جنوب البلاد، ويشكل كل منهما نسبة كبيرة من المجموع العام للسكان. ويمثل هذا الأمر تحدياً بالقوة لوحدة البلاد لأن الكثير من الحركات والطوائف “السنّية” تطالب بالانفصال عن الادارة المركزية التي تديرها حركة (انصار الله) في الوقت الحاضر .

وهذان السببان يحولان في الحقيقة دون تحقيق الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي اللازم لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، والذي يهدد بدوره زعزعة الأمن والاستقرار في عموم البلاد .

٣. العدوان السعودي على اليمن: هذا العدوان المتواصل منذ نحو ستة أشهر تسبب بانشغال حركة (انصار الله) عن التفرغ للهم الداخلي وتشكيل الحكومة وتوجيه الطاقات نحو اعادة بناء البلد المدمر والذي يعاني غالبية شعبه من الفقر الشديد بسبب النزاعات الداخلية والسياسات الفاشلة للانظمة السابقة التي تعاقبت على حكمه طيلة العقود الاربعة الماضية .

والسؤال المطروح الآن: كيف تتمكن حركة (انصار الله) من تشكيل الحكومة في ظل هذه التحديات؟

 

الاجابة عن هذا التساؤل تكمن بإجراء الخطوات التالية:

١. تشكيل حكومة وحدة وطنية وليست حكومة أغلبية. وبمعنى آخر عدم التفرد بالسلطة واشراك جميع القوى والاحزاب السياسية الفاعلة والمؤثرة في الساحة وعدم استثناء أي طرف مهما كان حجمه .

٢. توزيع المناصب الحكومية الرئيسية وفق قانون يضمن مشاركة جميع الاحزاب السياسية ومختلف طوائف البلاد في تولي هذه المناصب. وهذا الأمر من شأنه أن يبعد شبهة الاستئثار بالسلطة عن حركة (انصار الله) من جهة، ويزيل الضغائن من نفوس الاحزاب والطوائف المنافسة ويدعوها الى الابتعاد عن اثارة المشاكل والأزمات بوجه الحكومة المركزية من جهة أخرى. وبهذه الطريقة يمكن حفظ وحدة البلاد شعباً وأرضاً وضمان الاستقرار السياسي الذي يعد أحد أهم المؤشرات على تماسك الدولة وانسجام النسيج الاجتماعي بين مختلف شرائح المجتمع .

٣. وضع آلية عملية قابلة للتطبيق لحكم البلاد بشكل ديمقراطي يضمن الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية للجميع ويتيح المشاركة السياسية لكافة أطياف المجتمع ويرسخ مفهوم المواطنة الصحيحة لدى عامة الشعب .

٤. إعادة بناء القوات المسلحة في البلاد وتثبيت هيكليتها وتعزيز دعائمها من خلال اختيار قادة كفوئين ومخلصين لإدارتها لمنع انزلاق المؤسسة العسكرية في متاهات التحولات السياسية التي يعاني منها اليمن منذ زمن بعيد .

 

ويعتقد معظم المراقبين ان الشرط المهم والأساسي للقيام بهذه الاجراءات يتطلب أولاً التحرك باتجاه وقف العدوان السعودي على اليمن. وهذا الأمر يمكن تحقيقه بتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي المرقم ٢٢١٦، واتاحة الفرصة لعودة الحياة الطبيعية الى البلاد التي تضررت كثيراً بسبب هذا العدوان والحصار الاقتصادي الشامل الذي فرضته السعودية والدول الحليفة لها وفي مقدمتها أمريكا على اليمن .

وتجدر الاشارة الى ان حركة (انصار الله) تواجه تحدياً آخر على الصعيد الاقليمي والدولي يتمثل بعدم اعتراف الكثير من الدول رسمياً بهذه الحركة وفي مقدمتها أمريكا والسعودية والامارات، وهذا الأمر يشكل عقبة رئيسية بوجه الحكومة التي تعتزم الحركة تشكيلها. وهنا تبرز أهمية الموافقة على قرار مجلس الامن الدولي ٢٢١٦ من قبل حركة (انصار الله) لسحب البساط من تحت أقدام الدول التي لا تعترف بالحركة وتدعم السعودية في عدوانها على اليمن .

ولايفوتنا هنا أن نذكّر بأهمية وثيقة التفاهم التي توصلت اليها حركة (انصار الله) مؤخراً مع المبعوث الدولي الخاص الى اليمن (اسماعيل ولد الشيخ) والتي أبدت فيها الحركة استعدادها للتعاطي الإيجابي مع قرارات مجلس الأمن، وتضمنت أيضاً الدعوة إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار من جميع الأطراف، وانسحاب كافة الجماعات المسلحة من المدن، ورفع الحصار البري والبحري والجوي عن اليمن. كما تدعو الوثيقة إلى استئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية بوساطة الأمم المتحدة وفق القرار ٢٢١٦، ووضع خطة لمواجهة التنظيمات الارهابية بمساعدة المجتمع الدولي. كما يتعهد المجتمع الدولي بموجب الوثيقة بمعالجة مخلفات الحرب وإعادة الاعمار، على أن تلتزم جميع الأطراف بتسليم السلاح الثقيل إلى الدولة، وفقاً لمخرجات الحوار الوطني .

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق