قطر والسعودية: أعداء الأمس وأصدقاء اليوم
قطر التي ملأت الدنيا ضجيجاً، ووقفت نداً للسعودية ودخلت في برامج دعم الدول التي شهدت «الربيع العربي» لحجز مكانة لها في تاريخ المنطقة، لم تستطع بلوغ القمة التي طمحت إليها بسبب فشل إحلال الربيع الاخواني الحقيقي، ودعمها اللامحدود لجماعات الاخوان للسيطرة على العالم العربي، الأمر الذي دفع السعودية والامارات الى الوقوف ضدها وإحباط مخططاتها حتى وصل بهم الامر الى التفكير في معاقبتها عبر اخراجها من مجلس التعاون.
“خليجنا واحد ” الذي يردده زعماء الدول الخليجية، أصبح مثارا للسخرية والنكتة على شبكات التواصل الاجتماعي، الذي يضج بالعنصرية والكراهية بين الناشطين والصحافيين الخليجيين . دولة قطر والسعودية عضوان في مجلس التعاون، إلا أن الخلافات لم تتوقف بينهما منذ الثمانينات، لكنها كانت “على نار هادئة”، كما يصفها البعض، حتى اشتعال الأزمة السورية، واحتدم الصراع بينهما عقب اندلاع ثورة ٣٠ يونيو، التي ساندها الجيش المصري، وأيدتها جميع الدول الخليجية ماعدا قطر، التي تنظر إليها على أنها انقلاب عسكري.
ولكن ها هي قطر اليوم تقف الى جانب السعودية والدول الخليجية داعمةً لها في عدوانها على اليمن، وذلك عبر مشاركتها في الضربات الجوية وارسالها آلاف الجنود للقتال على الاراضي اليمنية. فما هي الامور التي دفعت قطر الى الانضمام الى التحالف السعودي ؟
المصالح الاقتصادية:
كشف رئيس مركز «القرن العربي» للدراسات في الرياض، سعد بن عمر، عن إعداد دراسة متكاملة لربط الخليج الفارسي بحراً ببحر العرب عبر قناة مائية. وقال الباحث «هذا المشروع، كنّا نطلق عليه اسم «قناة العرب»، وأخيراً أطلقنا عليه اسم «قناة سلمان»، تيمّناً باسم الملك سلمان الذي نأمل أن يكتمل تنفيذ المشروع في عهده». وأضاف: «الدراسة تعتمد على مسار رئيسي ومسارين احتياطيين، وتستطيع قطر والإمارات والكويت أن تصدّر نفطها عبر هذه القناة إلى بحر العرب، بعيداً عن مضيق هرمز المليء بالمشاكل، والدراسات الأولية تفيد بأن القناة يبلغ طولها الإجمالي ٩٥٠ كلم، وتمتد في الأراضي السعودية ٦٣٠ كلم، وفي الأراضي اليمنية ٣٢٠ كلم، ويبلغ عرض القناة ١٥٠ متراً، والعمق ٢٥ متراً».
وعبّر رئيس المركز عن أمله، في حال اكتمال المشروع، بأن يساعد على عودة الحياة إلى الربع الخالي، وذلك بإقامة الفنادق والمنتجعات السياحية على ضفاف القناة، كذلك اكتفاء الدول الخليجية من الثروة السمكية بإنشاء المزارع السمكية على جوانبها، وإنشاء بحيرات مرتبطة بالقناة لهذا الغرض، إضافة إلى مشاريع الطاقة وتحلية المياه وبناء مدن سكنية متعددة.
الاوامر الامريكية:
ترى أمريكا أن الخلافات بين أعضاء مجلس التعاون لا تصب في مصالحها في الشرق الاوسط، فالسعودية وقطر هما حليفان أساسيان لها في المنطقة والخلاف بينهما يؤدي الى فقدانها التحكم في الامور الاستراتيجية للمنطقة، فواشنطن تتشارك مع الرياض والدوحة في ضرورة استمرار المواجهة مع قوى توصف بأنها عدو مشترك، أهمّها إيران وحزب الله، وأصبحت القضية اليمنية موضع اهتمام مشترك بين هذه الدول على خلفية الأزمة الأخيرة، وتعاظم دور جماعة أنصار الله، حيث أن تلك التطورات ستؤثر سلبًا على واشنطن والرياض والدوحة. وفي اللقاء الاخير بين الملك سلمان والرئيس الامريكي باراك أوباما، شدد الرئيس الامريكي على ضرورة نسيان الخلاف بين الدولتين والتكاتف معاً ضد محور الممانعة في المنطقة.
اذاً دخلت قطر المعركة بأهداف واضحة، فأرسلت نحو ألف من جنودها إلى اليمن في أول اعلان عن مشاركة في “التحالف الإقليمي” الذي تقوده السعودية في الحرب ضدّ اليمن.
وأفادت قناة “الجزيرة” القطرية بأن “قوة قطرية ثانية ستدخل اليمن للانضمام إلى قوات التحالف الذي حشد حتى الآن آلاف الجنود وأسلحة متطوّرة استعداداً لعملية واسعة تستهدف صنعاء ومحافظات يمنية أخرى.
وعلى ضوء هذه التطورات تطرح أسئلة كثيرة أهمها: ما هي تداعيات تدخل قطر في الرمال اليمنية؟ ألم تتعظ هذه الدولة من جيرانها؟ وهل ستغرق كما غرقت البحرين والامارات؟ وألم تتعلم أن الارتهان للسعودية لا يجلب الا الخراب لأمتها ؟ وغيرها من الاسئلة التي تطرح في هذا السياق.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق