الكيان الاسرائيلي وتجارة السلاح عبر العالم.. أرقام ودلالات
وهذه التجارة لاتقتصر على تصدير الأسلحة التقليدية، بل تشمل أيضاً الأجهزة الالكترونية المتطورة المستخدمة في مجال التجسس والحروب الالكترونية، بالاضافة الى تدريب العناصر المسلحة في العديد من الدول التي تسير في الركب الأمريكي – الاسرائيلي، وإنشاء المعسكرات في دول أخرى وتزويدها بما تحتاج اليه من معدات عسكرية وأجهزة الكترونية.
ويصدر الكيان الاسرائيلي السلاح الى أكثر من ١٣٠ دولة، بينها دول ليس لها علاقات معلنة مع هذا الكيان، أو لا یُعلن عنها خشیة التسبب بالحرج لـهذه الدول. كما یمنع التحدث بشأنها ونشر أي معلومات عنها بهذا الخصوص من قبل الاجهزة الأمنية الاسرائيلية.
ويشير محللون عسكريون الى أن مبيعات السلاح الإسرائيلية كانت تتركز في السابق على ثلاثة محاور رئيسية تشمل أمريكا وأوروبا وبعض دول العالم، ولكن بعدما حققت هذه المبيعات قفزة نوعية، أصبحت تتركز في السنوات الأخيرة وبشكل أساسي على دول جنوب شرق آسيا وبعض دول الاتحاد السوفيتي السابق. وفي الوقت الحاضر تعد الهند من بين أكبر المشترين للأسلحة الإسرائيلية حيث شملت إحدى الصفقات ٨ آلاف صاروخ مضاد للدبابات وحوالي ٣٠٠ قاذف صورايخ بقيمة إجمالية تزيد على ٣٠٠ مليون دولار.
وتشير مصادر عديدة الى أن الكيان الاسرائيلي يأتي في المرتبة الرابعة أو الخامسة في تصدير السلاح عبر العالم طمعاً في الأرباح المالية وتحقيق مكاسب سياسية وأمنية. وكشفت القناة الاولى في التلفزيون الإسرائيلي أن حجم الصفقات التي أبرمت بين الشركات الإسرائيلية ودول أجنبية خلال عام ٢٠١٣ بلغ ما بين ٦.٥ و ٧.٥ مليار دولار.
وخلال العام الماضي نافس الكيان الإسرائيلي أمريكا في بيع الأسلحة الى دول في قارة آسيا إلى الحد الذي دفع واشنطن لممارسة ضغوط على عدد من هذه الدول لوقف صفقات الأسلحة مع الجانب الإسرائيلي. وفي هذا السياق كشفت صحيفة “معاريف” أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ضغط على الجانب الهندي لوقف صفقة صواريخ إسرائيلية من طراز “سبايك” التي تنتجها شركة “رفائيل” المعروفة.
من جانبها كشفت صحيفة “هآرتس” عن وجود ٦٧٨٤ مصدراً للسلاح في الكيان الإسرائيلي، فيما ذكر مختصون بالشؤون العسكرية الإستراتيجية أن أكثر من ١٠% من تجارة السلاح في العالم يسيطر عليها هذا الكيان، ويحصد منها أرباحاً مالية طائلة.
وأوضح هؤلاء المختصون أن تل أبيب تُفضل إبرام صفقات بيع السلاح لدول في قارتي إفريقيا وأمريكا اللاتينية بشكل غير مباشر وبواسطة شركات خاصة يتجاوز عددها أكثر من ٢٢٠ شركة في محاولة للتملص من مسؤولية استخدام هذا السلاح في جرائم ضد البشرية سواء في هذه الدول أو في الدول المجاورة.
جدير بالذكر أن المحلل في صحيفة “يديعوت احرونوت” العبرية، سيفر بلوتسكر، أكد في إحدى مقالاته أن هناك علاقة قوية بين السياسة الخارجية للكيان الاسرائيلي وبيع الأسلحة من هذا الكيان إلى دول العالم. مشيراً الى أن وزارة “الأمن” الإسرائيلية قامت منذ عدة سنوات بتأسيس شبكة لتسويق السلاح على المستوى العالمي أطلقت عليها اسم (حود حهنيت) وتعني بالعربية (رأس الرمح).
وبحسب مصادر أمنية في تل أبيب يتشكل عناصر هذه الشبكة من جنرالات في الجيش والمخابرات الاسرائيلية، وحاخامات، وسماسرة، ومقاولين. كما استقطبت هذه الوزارة خبراء وفنيين من أمريكا وعدد من الدول الأوروبية بينها بريطانيا والمانيا وفرنسا لتطوير صناعة السلاح ومنظومات الأمن والتجسس الاسرائيلية.
وذكرت هذه المصادر أن الشبكة المذكورة تمكنت من التغلغل في كثير من الدول الآسيوية والافريقية بينها تركيا وأذربيجان وماليزيا واندونيسيا وجنوب السودان ورواندا وجنوب إفريقيا وباعت لها أسلحة ومعدات عسكرية متنوعة بينها طائرات بدون طيار وبنادق “تافور” وصواريخ جو – جو من طراز “بيتون” و”دربي”.
ووفق هذه المصادر شملت قائمة الأسلحة والمعدات المُصدرة لتلك الدول أكثر من ٥٠٠ نوع من السلاح تقوم بصناعتها أكثر من ٢٢٠ شركة إسرائيلية، لافتةً إلى أن جميع هذه الصفقات تم إبرامها بواسطة مركز الصناعات العسكرية الإسرائيلية المعروف باسم (تاعاس).
وذكر ضباط متقاعدون في الجيش الاسرائيلي بينهم (ايلي شاحال) لصحيفة “يديعوت احرونوت” أن جهاز المخابرات الاسرائيلي (الموساد) قام بتشكيل مجموعة كبيرة من الشبكات السرية تتولى تسويق السلاح الإسرائيلي إلى أكثر من (٥٠ دولة) في مختلف أنحاء العالم بينها أمريكا وكندا.
وفي هذا السياق أكد تقرير أممي ان الكيان الإسرائيلي زود جيش جنوب السودان بمختلف أنواع الأسلحة من بينها أسلحة أوتوماتيكية من طراز (ACE ) مستنداً في ذلك إلى توثيق مصور يظهر هذه الأسلحة التي تنتجها شركة (IWI ) الإسرائيلية لصناعة الأسلحة.
وبحسب أحد التقارير ارتفعت مبيعات الکيان الإسرائيلي للقارة الافريقية من ١٠٧ ملايين دولار العام ٢٠١٠ إلى ٣١٨ مليون دولار العام ٢٠١٤، أي زادت بنسبة ٤٠% عن العام السابق.
ویشیر التقرير أيضاً إلى أنه بات معروفاً أن الكيان الاسرائيلي يدرب قوات الحرس الرئاسي لعدد كبير من الأنظمة في الدول الأفریقیة مثل الکامیرون وتوغو وغینیا الاستوائیة.
ويواصل الکیان الاسرائيلي تهریب السلاح الى الانظمة والملیشیات القمعیة والاجرامیة في العالم، منتهکاً بذلك القرارات الدولیة الخاصة بالرقابة على تجارة السلاح. ونشر موقع (عرب ٤٨) تقریراً بهذا الخصوص استناداً الى معطیات وردت في صحیفة “هآرتس” تشير الى أن الکیان الاسرائيلي یحتل المواقع الأولى في تصدیر الأسلحة إلى مناطق النزاعات والحروب الأهلیة في العالم، ویقف إلى جانب الأنظمة القمعية ویُغذي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانیة.
وتنشط عدة شرکات حکومیة اسرائيلية في هذا القطاع، بید أن غالبیة الشرکات هي شرکات خاصة ویزید عددها عن ١٠٠ شرکة، وتعمل جمیعها تحت مظلة وزارة “الأمن” الاسرائيلية. ومن اللافت أن غالبیة العاملین في هذا المجال هم ضباط کبار في الجیش الاسرائيلي ومسؤولون سابقون في وزارة الأمن أو سیاسیون سابقون.
وأشار التقرير أيضاً الى أن قسماً کبیراً من تصدير الأسلحة الاسرائيلية یجري تحت أغطية مختلفة لإخفاء الهدف الحقیقي، حیث یوجد بین العاملین في هذا المجال من یُعتقد أنهم یعملون في الزراعة والري أو غيرها من المجالات، ولکن الحقيقة والمعطيات المتوفرة تؤكد أنهم یعملون في صناعة وبيع الأسلحة.
وتحت غطاء لا یقل خطورة یجري استخدام البعثات الإنسانیة، إذ يقوم الكيان الاسرائيلي بإرسال هذه البعثات الى بعض الدول، وبعد ذلك ترد تقاریر تتحدث عن عقد صفقات لبيع الأسلحة، مثلما حصل في وقت سابق مع الفیلیبین.
المصدر / الوقت