التحديث الاخير بتاريخ|السبت, أكتوبر 5, 2024

هل أصبحت أفغانستان خارج المعادلة الأمريكية؟ 

 أن يتم الحديث عن الدور الروسي وأهميته في المنطقة ليس من الأمور الجديدة أو المهمة لبديهية هذا الموضوع. لكن أن يكون تأكيد ذلك على لسان الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي فهو من المسائل التي يجب الوقوف عندها لما لها من أهمية من حيث الدلالات لا سيما الإستراتيجية، والتي تتعلق بتراجع ثقة الأطراف الإقليمية ومنها أفغانستان بالدور الأمريكي في المنطقة. وهو ما يعني توجه الدول هذه للتقارب مع الدول الند لأمريكا لا سيما روسيا والصين. فماذا في تصريحات الرئيس الأفغاني السابق؟ وكيف يمكن تحليلها؟ 

 

 تصريحات الرئيس الأفغاني السابق كرازي الأخيرة:

في حوارٍ خاص مع وكالة الأنباء الدولية “سبوتنيك” أكد الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي على أمله في أن ينظر المجتمع الدولي الى حالة إنعدام الامن التي تعيشها أفغانستان في حين أشار الى أن التعاطي الغربي والأمريكي مع مسألة مكافحة الإرهاب تُشير الى عدم إمكانية المضي قدماً في الرهان على الغرب في مسألة مكافحة الإرهاب، وقد “حان الوقت أن نبدأ بالتشاور مع قوى العالم الأخرى مثل روسيا، والصين، والهند، وإيران، بحيث نجتمع للتشاور ومعاً يمكننا إيجاد حل لهذه المشكلة التي نواجهها جميعاً” بحسب تعبيره. وفي حديثه عن عدم الإستقرار في أفغانستان ومن يريد زعزعة الوضع الأفغاني أشار كرزاي الى أن موقف أمريكا غير الصريح تجاه كابول، “جعلنا نُشكك في أهمية دور واشنطن في تثبيت الوضع الأفغاني. كما جعلنا نشكك في نوايا أمريكا تجاهنا..”. وفي حديثه عن زيارته الأخيرة لموسكو وآفاق التعاون، أشار كرزاي الى أن الزيارة كانت حدثاً مهماً وكبيراً في سير العلاقات الروسية الأفغانية. مُشيراً الى أنه تبادل المخاوف من الإرهاب الدولي مع الرئيس الروسي قائلاً: “أجرينا أنا والرئيس فلاديمير بوتين حواراً جيداً ودقيقاً جداً، وتناولنا مواضيع عديدة، فلدينا مواضيع مشتركة منها مكافحة الراديكالية والإرهاب ومن يقف خلفه، ويقوم بترويجهم وتمويلهم، وأيضاً حاجتنا لقتالهم لتحرير المجتمعات من هذا الخطر المهدد”. مؤكداً على دعمه المطلق للرئيس الروسي في سياسته الإقليمية والدولية لا سيما في مجال الحرب ضد الإرهاب مؤكداً أنه: “إذا كان الأمريكيون والغرب مخلصون في حربهم ضد الإرهاب، فعليهم أن يتكاتفوا مع روسيا والصين، وأن يستمعوا إلى الرئيس بوتين”. وفي حديثه عن مستقبل العلاقات الروسية الأفغانية، أشار الرئيس السابق كرزاي الى أن: “هناك فرصة مؤاتية لذلك، وعلى الشعبين الأخذ بهذه الفرصة واستغلالها استغلالاً جيداً من أجل مستقبل أفضل واستقرار أقوى وإحلال السلام في المنطقة. روسيا دولة ذات مستوى وشأن رفيع، وأفغانستان ستكون رفيقاً لكم، وستمشي معكم، وستمد يد الصديق القوي لكم. ونحن نريد لروسيا أن تعيد تأكيد نفسها، وأن تتخذ موقفاً أقوى، وأن تكون حاضرة في المنطقة كما كانت في السابق”. 

 

قراءة تحليلية:

لا شك بأن الرئيس السابق يبقى يمثل حيثيةً تتعلق بالداخل الأفغاني تحديداً، مما يجعله يُعبر عن رأيٍ ذات وزن شعبي. كما أن لأفغانستان موقعها الذي جعلها تحت أنظار العالم لا سيما واشنطن والغرب والتي جعلتها مركزاً لتدريب الإرهاب وتصديره. وهنا نقول التالي:

–         إن تأكيد الرئيس الأفغاني السابق على ضرورة محاربة الإرهاب إنطلاقاً من العمل داخلياً وصولاً الى العمل إقليمياً ودولياً، يؤكد حجم السخط من الوضع الذي وصلت اليه أفغانستان نتيجة سياسات واشنطن والتي أشار كرزاي الى أنها لم تكن واضحة تجاه بلده، بل كانت مُبهمة وبعيدة عن النوايا الصادقة. وهو ما يعني تحميل واشنطن ضمنياً مسؤولية تردي الأوضاع السياسية وبالتحديد ما يتعلق بإنعدام الأمن والإستقرار الداخلي.

–         ومن المعروف أن لأفغانستان أهمية جيوسياسية لواشنطن في أساس مشروعها التقسيمي في المنطقة منذ زمنٍ بعيد، يعود الى بداية تنفيذ مخططات برنارد لويس التقسيمية. مما يجعل وجود تعاونٍ أفغاني أمريكي أولوية لواشنطن. إلا أن هذا لم يعد موجوداً بالمستوى المطلوب لتأتي تصريحات كرازي لتوضح أسباب ذلك.

–         ولأن الهم في مكافحة الإرهاب ليس فقط هم كابول، بل هو همٌ إقليميٌ ودوليٌ اليوم، وفي ظل تراجع الدور الأمريكي وفشل السياسات الأمريكية، ارتأت أفغانستان كعددٍ كبير من دول المنطقة التوجه للدول الأخرى القادرة على لعب دورٍ إقليمي بناء ومدروس. وهو ما عبر عنه الرئيس الأفغاني في إشارته الى ضرورة العمل سوياً مع روسيا والصين تحديداً. 

 

يمكن القول أن تصريحات الرئيس كرزاي تأتي في سياق نتائج تراجع الدور الأمريكي وتحديداً بعد فشل السياسات الأمريكية في المنطقة. كما أن توقيع الإتفاق النووي مع طهران، جاء ليجعل تصريحات المسؤولين في دول المنطقة والعالم، أكثر علنية، بعد أن كان الجميع يسأل عن الدور الأمريكي. وهنا فإن موقف أفغانستان اليوم عبر رئيسها السابق يمكن أن يُضاف الى سلسلة مواقف لدولٍ أخرى، وجدت في التوجه لروسيا والصين كما إيران الحل الأمثل لمحاربة الإرهاب. خصوصاً بعد أن بدا الفشل الأمريكي في هذا الملف.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق