الحشد الشعبي في العراق بين الاتهامات المفبركة ومشروع قانون “الحرس الوطني”…جزء الاول
بعد خطف ١٨ عاملاً تركياً في بغداد الاسبوع الماضي من قبل جماعة مسلحة أطلقت على نفسها فيما بعد “فرق الموت” تصاعدت وتيرة الاتهامات ضد قوات الحشد الشعبي التي تشكلت استجابة لفتوى المرجعية الدينية للدفاع عن العراق ضد الجماعات الارهابية والتكفيرية التي احتلت مناطق عديدة منه العام الماضي بينها محافظات الموصل والانبار وصلاح الدين.
وزعم مطلقو هذه الاتهامات في البداية ان الحشد الشعبي هو الذي خطف العمال الاتراك، فيما قامت قوات تابعة للجيش العراقي بمهاجمة مقرٍ تابع لـ (كتائب حزب الله) إحدى فصائل الحشد الشعبي، ما تسبب باندلاع اشتباكات بين الجانبين اسفرت عن سقوط قتيل وعدد من الجرحى.
واعتبر المتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي النائب أحمد الأسدي، عملية خطف العمال الأتراك محاولة لإرباك الوضع الأمني وخلط الأوراق، مؤكداً أن قوات الحشد بدأت منذ الساعات الأولى للإعلان عن العملية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية من أجل متابعة الخاطفين وإطلاق سراح المختطفين وإيقاف ممارسات المجاميع التي لا تريد للعراق خيراً. وذكر الأسدي في تصريح صحفي أن عملية الخطف مدانة بكل تفاصيلها، مطالباً بـدعم الأجهزة الأمنية بشكل يتناسب وحجم المؤامرة.
وكان مكتب المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني في النجف الاشرف طالب السبت بإطلاق سراح العمال الأتراك المختطفين والكف عن هذه الممارسات التي تؤدي إلى إسقاط هيبة الدولة، داعياً الحكومة والقوى السياسية إلى مساندة القوى الأمنية، فيما اعتبر زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر اختطاف العمال الأتراك جريمة نكراء، وطالب بإطلاق سراحهم، مبدياً استعداده للتعاون مع الحكومة لإنهاء هذا الملف.
يأتي هذا في وقت تسعى فيه بعض الكتل السياسية في مجلس النواب العراقي الى اقرار مشروع قانون “الحرس الوطني” الذي تعارضه كتل برلمانية كبيرة في مقدمتها (الائتلاف الوطني) الذي يؤكد بأن المشروع يهدف الى إفراغ الحشد الشعبي من محتواه وسلبه القدرة على التحرك والحيلولة دون مشاركته في عمليات تحرير المناطق التي يحتلها تنظيم (داعش) الارهابي.
ويطالب مشروع قانون “الحرس الوطني” بحل الحشد الشعبي ليصبح جزءاً من تركيبة القوات المسلحة العراقية، وتشكيل قوات من أبناء المحافظات حصراً وتكون بإمرة المحافظ أو هيئة خاصة تشكل من قبل مجلس المحافظة.
ومن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة العراقية في الآونة الاخيرة لتهدئة الاوضاع وتقليص مستوى التوتر بين قيادات الحشد الشعبي وبعض الاطراف السياسية المناهضة لوجود الحشد والمطالبة بإنهائه أو الحد من تحركاته، إصدار أوامر تقضي بسحب قوات الحشد من الخط الدفاعي الثاني عن العاصمة بغداد واستبدالها بقوات من الجيش العراقي.
وانبرت قيادة الحشد الشعبي ونواب الكتل المؤيدة له في البرلمان العراقي للدفاع عن الحشد أمام الهجمة الاعلامية التي تستهدفه والتي تقف خلفها أمريكا وبعض القنوات الاعلامية. ووصفت (كتلة بدر النيابية) قانون “الحرس الوطني” بأنه مشروع أمريكي يهدف للتمهيد الى تقسيم العراق، فيما اعتبرت قيادة (عصائب أهل الحق) إحدى فصائل الحشد الشعبي القانون بأنه يهدف الى الالتفاف على الحشد ومحاولة عزله عن المشاركة في تحرير المناطق المحتلة من قبل تنظيم (داعش) الارهابي.
وطالبت فصائل الحشد في بيان مشترك مجلس النواب العراقي بعدم تمرير قانون “الحرس الوطني” الذي وصفته بأنه لا يحفظ دماء وتضحيات مقاتلي الحشد وفصائل المقاومة. وأكد أبو طالب السعيدي القيادي في (كتائب حزب الله) في البيان الذي تلاه خلال مؤتمر صحفي في بغداد “إن ممثلي فصائل المقاومة والحشد يعلنون بصراحة رفضهم لهذا القانون، الذي تحاول بعض الاطراف السياسية الضغط على الحكومة والبرلمان لتمريره”.
ووقّع البيان كل من (منظمة بدر) و(كتائب حزب الله) و(عصائب أهل الحق) و(كتائب الإمام علي) و(النجباء) و(لواء صلاح الدين) و(كتائب جند الإمام) و(كتائب بابليون) و(كتائب أنصار الله الأوفياء) و(حركة سيد الشهداء)، إضافة إلى فصائل أخرى من الحشد.
من جانبه أكد النائب حسن سالم “ان العراق يشهد سلسلة مؤامرات لتقسيمه كان آخرها (مؤتمر الدوحة) الذي عقد في العاصمة القطرية وحضره مشاركون في العملية السياسية، وكذلك قانون “الحرس الوطني” وهو أيضاً ضمن سلسلة هذه المؤامرات”، فيما اعتبر كريم النوري أحد المتحدثين باسم الحشد الشعبي أن قانون “الحرس الوطني” يكرس الطائفية، ويهدف إلى تمزيق البلد ويجعل لكل محافظة جيشاً خاصاً بها.
وأضاف النوري أن حرص أمريكا وبريطانيا عبر سفيريهما في بغداد على تمرير القانون يؤكد أن المشروع مفخخ، وسيفجر العراق برمته، معتبراً أن إنشاء “الحرس الوطني” سيؤدي إلى تقسيم البلاد إلى ثلاثة كيانات “كردي وسني وشيعي”.
من خلال هذه التصريحات والبيانات يبدو جلياً أن جميع فصائل الحشد الشعبي وقياداته الميدانية والسياسية يجمعون على رفض قانون “الحرس الوطني”، ويصفونه بأنه حلقة من حلقات التآمر على العراق لتنفيذ مشروع نائب الرئيس الأمريكي (جو بايدن) الرامي الى تقسيم البلد من خلال تكريس الطائفية وتمزيق الوحدة الوطنية والجغرافية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق