علماء البحرين المظلومون: مستمرون بالحراك السلمي رغم الاجراءات التعسفية
تتوالى الأيام والأسابيع والأشهر على محنة الشعب البحريني والأمور لا تزال تراوح مكانها. قمع وملاحقات واعتقالات وظلم بكافة الأشكال والألوان. لقد استطاعت وسائل الإعلام الدولية والطائفية أن تهمل ثورة البحرين، دون أن تخشى على مصداقيتها في تتبع الأحداث، وكأن البحرين خارج نطاق التغطية الإعلامية والسياسية. فمن جديد، تسقط أقنعة النظام الحاكم في البحرين، وينكشف زيف ادعاءات الديمقراطية أمام الملأ، ويعترف بأنه نظامٌ مستبدٌ لا يريد إلا سماع صوته، وفرض أجندته المستوردة من الرياض؛ وظن النظام الحاكم في البحرين أن اسكات صوت العلماء أمثال الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية «الوفاق» المعارضة المعتقل منذ أكثر من 4 سنوات والعلامة علي بن احمد الجدحفصي الذي اعتقل منذ يومين مع عدد من مرافقيه وابنته، وغيرهم من العلماء سيمكنه من التخلص من صوت المطالب الشعبية. ولكن، الثورة مستمرة واعتقال العلماء لا يزيد الاّ عزم الشعب البحريني على الاستمرار والمتابعة بالثورة لتحقيق الهدف المنشود ألا وهو احقاق الحق والعدالة. انطلقت الثورة في 14 شباط 2011، ثورة سلمية بكل ما للكلمة من معنى وكان فيها البحرينيون صفا واحدا متماسكا ضد الظلم والفساد الخليفي. فما هي أسباب هذا التماسك ونجاح الثورة السلمية؟
دور العلماء:
للعلماء في البحرين دور أساسي في توعية الناس على أهمية المحافظة على سلمية التظاهرات والثورة وبرز دور العلماء في نشر بيانات قائدها بين صفوف الشعب، وتعرية وجه النظام المتعسف المعادي للشعب والمرتبط بالأجنبي. فهم لا يرون في البحرين أرضاً للجهاد التکفيري ولا للذبح والسبي كما حدث في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من الدول العربية، فمنذ سنوات والعلماء يحتجّون ضد كل قطرة دم تسفك. ففي كل سنوات البحرين العجاف، لم يدع علماء البحرين الى حمل السلاح ولا شجعوا أو حرّضوا ونادوا به. وعندما قال البحرينيون بغالبيتهم الساحقة «ملكية دستورية»، فقال العلماء نعم. وعندما قال البحرينيون بانتخابات للحكومة والبرلمان، فقال العلماء نعم. ولما قال آل خليفة تعالوا لنتحاور، فقال العلماء نعم، وإذا بنا نراهم في الزنازين! إلا أن حملات القمع المتوالية ضد طلبة الحوزة والعلماء من قبل ال خليفة لم يكتب لها النجاح في تحطيم الصمود الباسل للشعب البحريني، بل صاروا في كل مرة ينهضون بأداء واجبهم بشكيمة أشد وصوت أقوى لنشر أهداف الثورة السلمية المحقة.
اجراءات آل خليفة ضدّ العلماء:
بعدما عجزت الحكومة البحرينية عن إسكات المعارضة، رغم اعتقال أبرز علمائها وزعمائها يحاول آل خليفة اليوم استهداف الحراك الشعبي من خلال فرض قانون “الحفاظ على المنبر الديني والنأي به عن الخطاب السياسي التحريضي الذي يفرق بين أبناء البلد الواحد، ويسبب الاحتقان والتوتر بينهم، ويجعل المنبر الديني بعيداً عن مكانته الدينية ودوره الوعظي والإرشادي”. وأفادت وكالة «الأنباء البحرينية» بأن مجلس الوزراء البحريني “كلّف وزارة الداخلية ووزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، برفع التوصيات في هذا الخصوص، وذلك في ضوء استعراض المجلس للمذكرة المرفوعة لهذا الغرض من وزير الداخلية”.
وكان وزير الداخلية راشد بن عبدالله آل خليفة قد أعلن في مؤتمر عقده الأسبوع الماضي، نيته الترخيص لأئمة المساجد وتعميم الخطب، الأمر الذي عدّه كبار رجال الدين في البحرين محاولة لفرض الوصاية على الخطاب الديني. كذلك، ناقشت الحكومة مشروع قانون يجرم ازدراء الأديان، وعرض المجلس المذكرة المرفوعة لهذا الغرض من وزير الداخلية، وأحال مشروع القانون إلى اللجنة الوزارية للشؤون القانونية للدراسة.وكشف وزير الداخلية أن “الوزارة سترفع مشروعاً بقانون لمجلس الوزراء يؤكد أهمية المحافظة على المنبر الديني، من خلال إبعاده عن الخطاب السياسي التحريضي، وضرورة الالتزام بتأهيل الخطباء، ومزاولة عملهم، وفق الشروط التي يتم تحديدها للقيام بهذه المسؤولية، من خلال وجوب حصولهم على تصريح مسبق لمزاولة الخطابة، للنأي بالمنتمين إلى الجمعيات السياسية من اعتلاء المنبر الديني. وشدد على “أهمية إصدار تشريع يكافح التمييز والكراهية والطائفية، خصوصاً في ظل ما تعانيه المنطقة من التطرف المذهبي”.
اذاً كل هذه الاجراءات التعسفية لم تثن علماء البحرين عن المتابعة والاستمرار، فهم يعلمون أن سكوتهم عن الحق يعني ضياع الثورة، التي بفضلهم غردت خارج سرب الثورات العربية، من خلال أدائها وما حققته من نتائج. فهي أكثر تنظيماً بسبب وجود قيادة جامعة لكل الأطراف في البحرين، ولامتلاكها آليات حراكية مدروسة ومرحلية، وثباتها على المطالب، على الرغم من محاولات خارجية عديدة للي ذراع المعارضة من أجل التنازل عن بعض مطالبها، وإصرار المعارضة على تلك المطالب حفظا لنضال شعبها ودماء شهدائها الذين سقطوا على هذا الطريق، إضافة إلى عدم استعانتها بدول خارجية، بل سلكت طرقاً قانونية لتجريم النظام البحريني وتعرية ممارساته التعسفية ضد شعبه، وعدم لجوئها إلى العنف واستمرار سلميتها، على الرغم من ممارسات النظام من قتل وتعذيب في السجون.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق