التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

خطوة موسكو العسكرية في سوريا: تعزيز لأمنها القومي، وواشنطن تعبر عن عجزها بالضغط على الدول 

تخشى واشنطن من النفوذ العسكري الروسي في سوريا، وهو ما دفعها للضغط على كلٍ من اليونان وبلغاريا، من أجل منع تحليق الطائرات الروسية المتوجهة الى سوريا فوق أراضيها. كما أن المصادر الصحفية، أشارت الى قيام دبلوماسيين أمريكيين بنفس الطلب من العراق، الذي لم يتجاوب مع الضغط الأمريكي. فماذا في محاولة واشنطن استخدام الضغط على الدول لمنع الدعم العسكري الروسي لسوريا؟ وكيف يمكن قراءة الخطوة الروسية وردة الفعل الأمريكية؟

 

تقريرٌ حول الضغط الأمريكي الدولي لمنع تحليق الطائرات الروسية:

طلبت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء من بلغاريا تقديم توضيحات حول قيامها بمنع مرور الطائرات الروسية المتوجهة الى سوريا في أجوائها .ونقلت وكالة انترفاكس عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله “اذا كان لدى أي جهة، وفي هذه الحالة شركائنا اليونانيين والبلغار شكوك فعلية، عليهم أن يوضحوا لنا ما هي المشكلة”. وكانت قد أعلنت بلغاريا العضو في حلف شمال الأطلسي الثلاثاء، أنها رفضت السماح لعدد غير محدد من الطائرات الروسية بعبور مجالها الجوي الأسبوع الماضي، وسط مخاوف أمريكية من أن موسكو تعزز دعمها العسكري لسوريا . وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية البلغارية بتينا زوتيفا لوكالة فرانس برس “لقد قيل إن الطائرات كانت تنقل مساعدات إنسانية لكن كانت لدينا معلومات موثوقة، بأن ما أُعلن أنه طائرات شحن ليست كذلك فعلياً”. في سياقٍ متصل أعلن مسؤول يوناني الإثنين أن واشنطن طلبت من أثينا منع طائرات الإمداد الروسية المتوجهة الى سوريا، من عبور الأجواء اليونانية، في معلومة أكدها لاحقاً الكرملين .

من جهةٍ أخرى، فقد ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” في عددها الصادر الإثنين، أنه وبعد قيام سبع طائرات نقل روسية من طراز “آن-١٢٤” بعبورها الأجواء العراقية الأحد، عجزت واشنطن في إقناع الحكومة العراقية بمنع تحليق الطائرات الروسية إلى سوريا عبر الأجواء العراقية. وقال مصدر دبلوماسي للصحيفة، إن مسؤولين عراقيين وعدوا بالنظر في المسألة، ولكنهم لم يُقدموا على أية أعمال، بحسب تعبيرها. وكان دبلوماسيون أمريكيون قد أثاروا في ٥ أيلول، مسألة العبور الروسي الجوي إلى سوريا مع مسؤولين عراقيين، أملاً في إقدام الحكومة العراقية على منع تحليق الطائرات الروسية إلى سوريا على غرار ما فعلته بلغاريا. وقد أشارت الصحيفة إلى أن الطرف العراقي حتى الآن لم يتخذ أي تدابير لتنفيذ المطلب الأمريكي، كما أن بغداد لم تؤكد رسمياً أنها أجرت مفاوضات بهذا الشأن. 

 

 

قراءة تحليلية:

إن قيام الطرف الروسي بتقديم الدعم العسكري الميداني وزيادة تواجده العسكري، ليس أمراً منفصلاً عن الأحداث السابقة ضمن المسار المُتعلق بالمؤامرة الدولية على سوريا. لذلك يجب قراءة التصرف أو الخطوة الروسية، ضمن هذا السياق أو المسار، وهنا نُشير للتالي:

– إن محاولات واشنطن والتي تقوم بها للضغط على الدول مثل بلغاريا واليونان كما العراق، من أجل منع تحليق الطائرات الروسية في محاولة لمنع وصول الإمداد العسكري الى سوريا، هي ليست سوى محاولات لا ترقى لمستوى التصرف الروسي. فما تقوم به واشنطن هو عبارة عن الضغط عبر إستخدام الأطر الدبلوماسية، وإن كان الهدف عسكرياً، لكنه يدل على الضعف الأمريكي في مواجهة الطرف الروسي.

– لكن ما تجدر الإشارة له هو أن ما تطلبه واشنطن من روسيا، وهو ما يمكن إختصاره بمحاولة منع وصول الدعم العسكري للنظام السوري في مكافحته الإرهاب، أمرٌ مُستغرب. فموسكو أوضحت أسباب دعمها، كما أكدت أن هدفها من تقوية نفوذها هو محاربة تنظيم داعش الإرهابي ودعت الدول لوضع خطة مشتركة في هذا المجال. بينما نجد أن واشنطن قامت منذ فترة بالحضور عسكرياً وما تزال، في قاعدة “إنجرليك” التركية، وهو ما له العديد من المدلولات العسكرية الإستراتيجية، لنقول إن ما تستنكره واشنطن اليوم قامت به مؤخراً بل منذ اندلاع الأزمة في سوريا.

– وبالتالي فلا مجال للشك اليوم أن الجميع حاضرٌ على الساحة السورية، بما في ذلك شركاء واشنطن العرب وبالتحديد الخليجيين، والأتراك كما الأوروبيين. مما يعني أن خطوة موسكو المستهجنة من الغرب، هي لما لها من آثار ميدانية الى جانب كونها خطوة لم تكن مُتوقعة. في حين يوجد نفوذٌ عسكريٌ لجميع الأطراف الدولية، ولو لم يُترجم ذلك بالحضور العسكري لهم جميعاً. بينما من المعروف أن غرف عملياتٍ عسكرية تقودها المخابرات الأمريكية متواجدة في تركيا والأردن وتقوم بدعم وتقديم العون للإرهابيين.

– ومن خلال قراءةٍ موضوعية، نجد أن الطرف الروسي له الحق في إعتبار الجغرافيا السورية ذات أهمية تتصل بأمنه القومي. وبالتحديد إمكانية تمدد تنظيم داعش الإرهابي في منطقة القوقاز الروسية. وهو ما يعني أنه وبناءاً للجغرافيا السياسية القائمة، الى جانب المعاهدات السورية الروسية المشتركة في مجال التعاون الدفاعي المشترك، يمكن إعطاء الشرعية للخطوة الروسية.

– في حين لا يوجد أي مبررٍ لتصرفات واشنطن، ودعمها المتواصل للإرهاب في سوريا، إلا في محاولةٍ منها لإسقاط النظام السوري. وهو ما يتعلق إستراتيجياً بمحاولتها كسر محور المقاومة، والذي يُعتبر النظام السوري جزءاً منه. مما يجعلها تملك أوراقاً أقوى في منطقةٍ تراجع فيها دورها ونفوذها مؤخراً.

إننا أمام واقعٍ يدل على حجم التوتر الذي تشهده المنطقة جراء الصراع الدولي على الساحة السورية. لكن الخطوة الروسية، أتت ضمن محاولة روسيا تعزيز دعمها للنظام السوري في مكافحته للإرهاب. وإن كانت فعلت ذلك سابقاً من خلال الأطر السياسية والدبلوماسية الدولية، أو عبر إرسال السلاح له، قررت اليوم زيادة تواجدها، بعد أن أصبحت المعركة في الساحة السورية معركة مصيرية للجميع. فواشنطن لم تُخف يوماً دعمها لإسقاط الرئيس السوري وإن أخفت طرقها العملية. في حين تتجرأ موسكو في وقتٍ تمر به المنطقة بظروفٍ حساسة، لتقول كلمتها تجاه سوريا. بل لتحاول القيام بالهجوم الإستباقي الذي تهدف منه إلى تعزيز الدفاع عن أمنها القومي. فيما تبقى الساحة السورية ساحة الصراع الدولي.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق