التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

تركيا وتنظيم داعش الإرهابي: معاً ضدّ الأكراد 

 بدأت تركيا تنفيذ ضربات جوية ضد أهداف لتنظيم داعش الإرهابي في سوريا، فمنذ شهر تقصف تركيا “مواقع تابعة لداعش” في سوريا بعدما حملت هذا التنظيم الارهابي مسؤولية التفجير الانتحاري الذي اسفر عن مقتل ٣٢ شخصا في مدينة سوروتش . تتناسل الأسئلة حول أسباب تغيير الموقف التركي من الحرب على داعش والأثر الذي قد تتركه مشاركة تركيا العسكرية بشكل مباشر في جهود القضاء على هذا التنظيم المتشدد .وتجاور هذه الأسئلة علامات استفهام حول تزامن الضربات الجوية التركية ضد داعش مع أخرى تستهدف مواقع حزب العمال الكردستاني .

 

فقد وسعت تركيا حملتها العسكرية عبر الحدود لتستهدف مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، فيما يشكل اكبر حملة جوية لها منذ العام ٢٠١١ بعد هجمات دموية نسبتها الى المقاتلين الاكراد . وصنفت انقرة الحملتين العسكريتين ضد “داعش” من جهة والاكراد من جهة اخرى في اطار واحد هو “الحرب على الارهاب”، مع ان الطرفين المستهدفين يتواجهان اصلا في معارك شرسة . ويقول محللون ان حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا يبحث عن زيادة عدد الناخبين بعد ادائه المخيب للآمال في الانتخابات التشريعية في ٧ حزيران/ يونيو، وايضا منع الاكراد من اقامة معقل قوي في سوريا . وتصنف تركيا حزب العمال الكردستاني على انه مجموعة ارهابية، كما تعتبر حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الكردي الاهم الذي يقاتل تنظيم “داعش” الارهابي في سوريا، الفرع  السوري لحزب العمال الكردستاني .

 

وبحسب مارك بيانيري، الباحث في مركز كارنيغي اوروبا، فان “الحكومة (التركية) وازنت بين حزب العمال الكردستاني و(داعش)، ومع انهما كيانان متباينان الى حد كبير، الا ان هذا الامر يخدم مصالح الحكومة “.

 

واعتبر دايفيد رومانو استاذ سياسات الشرق الاوسط في جامعة ميزوري انه قد يتبين ان الحملة العسكرية التركية تركز اساسا على حزب العمال الكردستاني وليس على “داعش “. وتابع رومانو، ان تركيا وبعدما سمحت لأمريکا باستخدام قاعدة انجرليك الجوية لشن غاراتها ضد “داعش”، تأمل ان تبادلها بالمثل عبر الابتعاد عن حزب الاتحاد الديموقراطي في سوريا .

 

ويبدو ان السيناريو الاسوأ في سوريا بالنسبة الى تركيا هو ان يتحقق حلم حزب الاتحاد الديموقراطي بإنشاء منطقة حكم ذاتي في سوريا قرب الحدود مع تركيا .وتعتبر الحكومة التركية انه من المنطقي جدا ان توازن بين تنظيم “داعش” الارهابي وحزب العمال الكردستاني الذي اعلن الاسبوع الماضي قتل شرطيين تركيين اثناء نومهما .

 

وكتب ابراهيم كالين، المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، في صحيفة “الصباح” اليومية أنه “بالرغم من انهما يتحركان بدوافع مختلفة، الا ان الاثنين يتشاركان اساليب واهداف متشابهة “.

 

وتأتي الغارات التركية بعد انتخابات السابع من حزيران/يونيو التي خسر فيها حزب العدالة والتنمية الغالبية المطلقة للمرة الاولى منذ وصوله الى السلطة في العام ٢٠٠٢ مما ادى الى فشل الرئيس اردوغان في اجراء تعديل دستوري لتحويل النظام التركي الى جمهوري . وتجد تركيا اليوم نفسها امام حلين: تشكيل حكومة ائتلافية هشة او اعادة تنظيم الانتخابات حيث يأمل حزب العدالة والتنمية استعادة الغالبية المطلقة . وقد يساهم استهداف حزب العمال الكردستاني، الذي يكن له الكثير من الاتراك العداء، في حصول حزب العدالة والتنمية على المزيد من اصوات القوميين المتطرفين .

 

وبحسب بيانيري فان من شأن هذه “الحرب على الارهاب” ان تخفف من حدة الصعوبات السياسية الداخلية في تركيا بعد الانتخابات، وبالتالي فإن احتمال اعادة اجراء الانتخابات يبدو واردا جدا .

 

يذكر ان الانتخابات الاخيرة انتهت ايضا باختراق لحزب الشعوب الديموقراطي، المؤيد للاكراد، اذ حاز على ٨٠ مقعدا في البرلمان ليطيح بذلك بآمال حزب العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية المطلقة .

 

وكتب المعلق جنكيز جندار في صحيفة “راديكال” الالكترونية ان اردوغان اراد “تشويه” صورة حزب الشعوب الديموقراطي عبر ربطه بحزب العمال الكردستاني . واعتبر ان “الحرب على الارهاب مجرد حجة. الهدف هو الانتقام لما حصل في السابع من حزيران/ يونيو”، اي من نتيجة الانتخابات .

 

الا ان احلال السلام بين انقرة والاكراد، الذين يشكلون ٢٠ في المئة من الشعب التركي، يمكن ان يشكل اذا تم، اكبر انجاز لحزب العدالة والتنمية .وقد تمت فعليا الاشادة باردوغان لوضعه تعديلات محدودة لصالح الاكراد ولاطلاقه في ٢٠١٣ عملية سلام بعد محادثات سرية بين انقرة وزعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل عبد الله اوجلان . ويلتزم الجانبان منذ ذلك التاريخ بوقف هش لاطلاق النار يبدو اليوم مهددا بعدما اعلن حزب العمال الكردستاني ان الهدنة فقدت اليوم اي معنى حقيقي لها .

 

والسبت قتل جنديان تركيان في تفجير سيارة مفخخة نسبه الجيش التركي الى حزب العمال الكردستاني. ومع ان وقف اطلاق النار يبدو انه انتهى، الا ان بعض المحللين يرون ان عملية السلام لم تفشل بعد.

 

 ويقول بيانيري ان حزب العمال الكردستاني “كيان متعدد” يتألف من ثلاثة عناصر اساسية هي حزب الشعوب الديموقراطي واوجلان والقيادة العسكرية في شمال العراق، الا انهم لا يعملون بانسجام دائما .

 

من جهته يعتبر رومانو ان حزب العمال الكردستاني عليه الا يقع في فخ الحكومة التركية التي تريد ان يصنف في خانة الارهاب، كما انه غارق في الوقت نفسه في الحرب ضد “داعش” في سوريا . وتابع رومانو “اتوقع ان يحاول حزب العمال الكردستاني التراجع والا يستأنف تمرده ضد انقرة بشكل جدي “.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق