الإنتخابات المصرية المقبلة و تداعیاتها علی مستقبل مصر
مع اقتراب موعد اجراء الإنتخابات البرلمانية المصرية، والتي من المقرر اجراء المرحلة الأولى منها يومي 17 و18 تشرين الأول/أكتوبر المقبل في الخارج و18 و19 من الشهر نفسه داخليا. حيث بدء خصوم التيارات السلفية حرباً شرسة ضد هذه التيارات، خاصة ضد حزب النور السلفي الذي يعتبره الكثير أنه امتدادا لجماعة الاخوان المسلمين، وفي هذا السياق حذرت العديد من الاحزاب السياسية المصرية من دور المال السياسي الذي من شأنه أن يعيين الی حد كبير، شاكلة البرلمان النيابي القادم في مصر، وبما أن الكثير من خصوم الاحزاب السلفية المصرية، يتهمون هذه الإحزاب بأنها تُموّل من الخارج، أحدثت هذه القضية مزيداً من المخاوف لدی المصريين، بسبب إحتمال هيمنة التيارات السلفية علی أعداد کبيرة من مقاعد البرلمان القادم. إذن هل ستسمح الإشکاليات الموجودة أمام السلفيين، بخوضهم الانتخابات النيابية القادمة، أم أنهم سيحرمون من خوضها بسبب إنتمائهم الديني وولائهم لجهات خارجية، وإذا ما سمح لهم بالترشح لهذه الإنتخابات، کيف سیکون أثر ذلک علی مصير الإنتخابات القادمة؟.
في هذه المرحلة التی لم يفصلنا فيها الكثير من الوقت عن الإنتخابات البرلمانية المصرية القادمة، التي ستجري باشراف 16 ألف قاض وفق ما أعلن رئيس اللجنة العلیا المشرفة علی الانتخابات النيابية القادمة، أيمن عباس، بدءت الصراعات السياسية بين مختلف الأحزاب المصرية، بهدف كسب أكبر قدر ممكن من مقاعد البرلمان القادم، والذي يتشكل من 568 مقعداً. ويزداد هذا الصراع بين الاحزاب المصرية نظراً للأهمية التي تكتسبها الإنتخابات النيابية القادمة، باعتبار أن البرلمان القادم يحظی علی سلطات رئيسية، يأتي في مقدمتها، دوره الرئيسي في تشكيل الحكومة القادمة ومراجعة جميع القوانيين الصادرة، حيث يكون بوسعه الغائها أو تعديلها وفقا لرؤية النواب الجدد.
في هذه الاثناء نقلت جريدة الاهرام المصرية عن رئيس ائتلاف «تحيا مصر» في الاسكندرية، طارق محمود، أنه تقدم بدعوی الی محكمة القضاء الإداري، طالب خلالها باستبعاد جميع مرشحي حزب النور السلفي من قوائم اللجنة العلیا للإنتخابات النيابية. وادعی طارق محمود في دعواه أن كافة مرشحي حزب النور منعوا من تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية بسبب “تطرفهم الديني”، باعتبارهم خطرا علی الأمن القومي المصري، في حال دخولهم الی المؤسسة العسكرية المصرية. هذه الدعوة من الممكن أن تحرم السلفيين من خوض الانتخابات النيابة القادمة، في حال صوت القضاء الإداري لصالحها ضد السلفیین.
لا شك أن السلفيين يحظون بدعم خارجي من جهات معروفة، تاتي السعودية في مقدمة هذه الجهات، وبالطبع فان هذا الدعم الخارجي لم يكن مجانا، بل ياتي لتنفيذ اجندات اجنبية مرتبطة بالرياض، مما سيؤدي ذلك الدعم الی شراء ذمم الجهات المتلقية له، من خلال مشاركتهم في إصدار قرارات برلمانية تخدم السياسة السعودية، خاصة إذا ما حقق السلفيون فوزاً كاسحاً في الانتخابات البرلمانية القادمة، إثر الدعم المالي والإعلامي الذي يتلقونه من السعودية سراً وجهراً.
كما يمكن القول أن مواقف معظم التيارات السلفية المصرية، مذبذبة تجاه الأحزاب السياسية الاخری، حيث لا يمكن الإعتماد علی السلفيين في تشكيل الكتل السياسية ما بعد إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، ويمكن الوصول الی هذه الحقيقة بالعودة الی تحالفات السلفيين مع جماعة الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية، التي جرت زمن تولي السلطة من قبل الاخوان المسلمين، حيث أنهم سرعان ما نكثوا عهودهم مع الإسلاميين، بمجرد أن شعروا أن بقائهم مع الاخوان، سيعرض مستقبلهم الی الخطر، حيث لم ينفصل السلفيين عن الأخوان المسلمين، بعد ارتفاع نسبة الحراك السياسي ضدهم فحسب، بل أصبحوا أكثر الجهات مهاجمة للاخوان، حتی تم عزلهم عن السلطة من قبل الجيش.
وفي سياق متصل، دعت بعض الجهات المصرية، خلال الأيام الماضية، الی عدم السماح لحزب النور السلفي بالترشح للإنتخابات البرلمانية، بدعوی أنه حزباً دينياً وفقا للمادة 74 من الدستور المصري الذي يحظر تشكيل الاحزاب السياسية علی أساس ديني. وأعلنت هذه الجهات أن السلفيين يقومون هذه الأيام بتوزيع السلع بين المحتاجين لكسب أصواتهم الإنتخابية، بالإضافة الی أنهم يستغلون المساجد في حملاتهم الانتخابية. علاوة علی هذا، فان السلفيين متهمون من قبل خصومهم، علی أنهم أداة لعودة الإخوان الی البرلمان مجدداً، من خلال ترشيح أسماء غير معروفة اعلامياً في قوائمهم، تنتمي في الأساس الی جماعة الاخوان المسلمين!.
بالاضافة الی ذلك فان شريحة كبيرة من المجتمع المصري تعارض السماح للسلفيين بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة، بسبب افكارهم الدينية المتطرفة والفتاوي المتشددة التي تصدر عن رموز السلفيين بين حين وآخر. لكن بالرغم من هذا الرفض الكاسح من قبل المجتمع المصري لترشح السلفيين في الانتخابات القادمة، فانهم يروجون الی دعاية إعلامية، مفادها: أنهم ليس فقط يتمتعون بشعبية واسعة داخل المجتمع المصري، بل أنهم يحظون بدعم خارجي وفق هذه الرواية. حيث بادر السلفييون خلال الفترة الماضية الی عقد العديد من المؤتمرات الدولية خارج مصر، لحشد طاقات أنصارهم، بهدف الانتخابات في الانتخابات البرلمانية القادمة.
وفي النهاية يمكن القول أن البرلمان المصري القادم في حال دخوله عدد كبير من السلفيين، إن لم یتم رفض ترشحهم، فانه سيكون، برلمانا للاحزاب الموالیة لعبد الفتاح السيسي والسلفيين، دون أن يمثل كافة اقطاب المجتمع المصري الاخری، خاصة في ظل عدم السماح لجماعة الإخوان المسلمين بخوض الانتخابات. لكن إذا ما فشل السلفييون في استقطاب أعداداً كبيرة من مقاعد البرلمان، فان عبدالفتاح السيسي سيكون أكبر الرابحين في هذه الإنتخابات، باعتباره نجح في إبعاد جميع خصومه من الساحة الرئاسية والبرلمانية، وهذا ما سيولّد العنف مجددا في البلاد، وذلك بسبب أن شريحة كبيرة من المجتمع المصري ستعتبر نفسها مهمشة، وغير ممثلة في الحكومة والبرلمان علی حد سواء.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق