مصر وسوريا والخليج..والارهاب
بداية أود التأكيد على أن العلاقة الواجب قيامها بين شعوب الأمة العربية هي القومية العربية، وليس الانتماءات المذهبية أو العرقية أو حتى الدولية، بالرغم من كون كل عربي لديه الحرية في بلده بدرجة أكبر من غيرها، لكن الأهم ألا يكون هناك تعصب طائفي وديني، كتلك العصبيات التي نراها في المنطقة، والتي أودت باستقرار بلداننا العربية، وقتلت الهدوء الذي كنا نعيشه على مدار عقود مضت، منذ رحيل الاحتلال الأوروبي للمنطقة، وما أسفر عنه من تقسيمها لعدة دول منها دويلات صغيرة.
وفي هذا الإطار لا ننسى الحديث عن الأزمات التي تمر بها المنطقة، من حرب طاحنة في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وفي سيناء أيضًا، وفي كل هذه المعارك لا أرى رابحًا سوى الکیان الاسرائیلی، الذي يعيش بيننا وعلى أرضنا المغتصبة في أمن وأمان، ونحن أصحاب الأرض نحيا في جحيم الاقتتال والفوضى والاضطرابات المستمرة.
وقد اندلعت الأزمة السورية في عام 2011 و أعقبها تكوين ما سمي بالجيش السوري الحر من عدد من المتقاعدين العسكريين في سوريا في محاولة لإسقاط الجيش العربي السوري، وهو ما لم يفلحوا فيه بالرغم من دخول الأزمة اليوم عامها الخامس، حيث يقف الجيش السوري الممثل للدولة ولرئيسها بشار الأسد في وجه المؤامرة التي تستهدف إسقاط سوريا وجيشها الذي يعتبر أحد أهم الجيوش العربية، وكان فيما مضى جزء من الجيش المصري.
ولا شك أن التحديات والأخطار التي تواجهها الدولة السورية من الإرهاب ومخططات التقسيم، هي نفسها التي تواجه الدولة المصرية، الأمر الذي يخلق حالة التقارب بين الدولتين، اللتين كانتا عبر التاريخ كيان واحد يقف جنبا إلى جنب في مواجهة أي عدو، بالرغم من محاولات الوقيعة بين البلدين، والتي تمت إبان حكم جماعة الإخوان لمصر، حيث أرسلت الجماعة مقاتلين للانضمام لصفوف المعارضة التي تستهدف كسر الجيش السوري والسيطرة على مقدرات البلد.
ولا يخفى على أحد أن الحرب الإعلامية التي تستهدف مصر وجيشها، هي نفسها الحرب التي تستهدف سوريا وجيشها، وهي نفسها وسائل الإعلام المأجورة، والتي يدفع لها البعض ملايين الدولارات لشن هجومها على الجيشين ليل نهار، للإساءة للجيشين ورئيسي الدولتين عبد الفتاح السيسي وبشار الأسد، وهو ما بدأت الشعوب العربية تراه رأي العين، بعد أن تكشفت الأمور وظهرت الحقائق.
وقد جاءت زيارة رئيس مكتب الأمن القومي السوري، اللواء علي مملوك إلى القاهرة ولقاءه بالرئيس السيسي، كخطوة في الاتجاه الصحيح، وينبغي أن تستكمل بخطوات أخرى علنية وواضحة، وهو ما تحدث عنه الرئيس السوري في حديث له بالأمس، حيث أكد أن مصيري مصر وسوريا مشترك، وأن البلدين يتعاونان في الملف الأمني لمواجهة الإرهاب والمخاطر التي تحيق بهما، لذا يجب السير في هذا الطريق دون الالتفات إلى بعض الأصوات الرافضة للتقارب مع النظام السوري، فتلك الأصوات أنفسها تعارض معركة الجيش المصري في سيناء، بل وتتهمه بقتل المصريين الأبرياء بعكس الحقيقة.
وبالرغم من التوافق الكبير بين البلدين حاليًا، إلا أن مصر لديها حسابات أخرى، حيث تربطها علاقات بدول خليجية، والتي ترفض التقارب مع النظام السوري الحالي، ربما لعلاقته الجيدة بإيران وربما لاعتبارات مذهبية، ومصر حريصة على علاقاتها الجيدة بدول خليجية، لذا أرى هناك محاولات من مصر للتقريب بين النظام السوري والدول الخليجية، وهي محاولة لإذابة الجليد ربما قد تسفر عن تعاون كبير في الفترة القادمة، وربما تنتهي الأزمة في حال نجاح التحركات المصرية في هذا الشأن.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق