التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

القضية الفلسطينية في قراءةٍ موضوعية: لا سلام إلا بزوال الإحتلال ولا خيار إلا المقاومة 

إن مراجعة تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي من بوابة القدس أو القضية الفلسطينية، يضعنا أمام العديد من الحقائق التي يمكن أن تنبثق من حقيقةٍ مركزية واحدة وهي، أن مقاومة الإحتلال الإسرائيلي، هي الخيار الوحيد أمام الشعب الفلسطيني لإستعادة حقوقه، وليست مبادرات السلام أو محاولات التسوية، إلا وسيلة يستخدمها الطرفين الإسرائيلي الذي يحاول إطالة أمد إستمرارية كيانه المزعوم من جهة، والطرف العربي المتخاذل الذي استخدم القضية الفلسطينية لا للدفاع عن الحق الوجودي الفلسطيني، بل لإعتماده كورقةٍ يقامرعليها ساعة تلزمه الحاجة لذلك. فكيف يمكن تبيين ذلك من خلال قراءة سريعة لتاريخ التخاذل والتسويات العربية؟ وكيف يمكن الخلاص لنتيجة أن المقاومة فقط هي الخيار الأسلم لإستعادة الحقوق؟

 

قراءة في تاريخ التخاذل العربي أو ما يسمى بالتسويات ومشاريع السلام مع تل أبيب:

 

إن كثرة الأحداث والتجارب، يمكن أن تكون بدايةً لتحقيق النجاحات من خلال الإستفادة منها. ولعل المراجعة السريعة لتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، يُفضي الى النتائج التالية:

–         استخدمت العديد من الدول العربية والقيادات الفلسطينية مفهوم أو مصطلح النضال العربي أو الفلسطيني ضد الإحتلال الإسرائيلي، ليكون مشروعها إما في الداخل الفلسطيني أو على الساحة العربية. لكن حقيقة الأحداث ومن خلال قراءة النتائج، تُشير الى أن البعض في فلسطين والأغلب على الساحة العربية لا سيما الأنظمة الحاكمة، كان يستخدم هذا المفهوم من أجل الترويج للمفاوضات أو التسويات، لضمان بقائه في السلطة، وتأمين استمرارية مستقبله السياسي. فكيف كان يحدث ذلك؟

–         بدأ النضال الوطني الفلسطيني كنتاجٍ لصراع بين السكان الأصليين العرب في فلسطين وحركةٍ إستعمارية إستيطانية قومية، لا ينفصل إنتماؤها القومي عن الديني، وتقوم بممارسة الإستيطان كعملية لتأسيس وإقامة دولتها وبناء مؤسساتها. وقد اتخذ هذا النضال الفلسطيني شكلاً منظماً بعد تشكل الوعي العربي الرافض لتقسيم ما يعرف ببلاد الشام حينها. وتصاعد هذا النضال مع تصاعد الوعي ليصل الى ذروته في ستينيات القرن الماضي، مع وجود مشروع عربي يتبنى الحركة الوطنية التي تولدت عنها كيانية فلسطينية. ولم يظهر أي فصيل فلسطيني منذ عام 1936، وصولاً للنكبة في الخمسينيات والستينيات لأن النضال الوطني الفلسطيني كان جزءاً من الصراع العربي ضد الإحتلال الإسرائيلي، لأرض عربية.

–         لكن هذا النضال الخام إذا صح التعبير ومعادلة إعتبار فلسطين قضية العرب، اختلت عندما وصل الى الحكم في أكثر من دولةٍ عربية، نخبٌ سياسية عسكرية حكمت لفترة ليلحقها في ما بعد نخبٌ إقتصادية، كان من نتائج توليها للسلطة، إيمانها بضرورة السلام والتسوية مع الكيان الإسرائيلي، كنتيجةٍ استخلصتها من هزيمة حزيران 1967، ومن نتائج حرب 1973. ليبدأ بذلك الإنتقال الى المعسكر الأمريكي إقتصادياً وسياسياً وليبدأ معه تشكُّل واقع التبعية الذي ما يزال حتى يومنا هذا لكن بشكل أكبر وعلى نطاقٍ أوسع. 

–         إلا أن هذا التغيُّر تطلب العمل على ترسيخ وإجراء تحولات سياسية وإجتماعية وثقافية، في ما يعرف بالشخصية الحاكمة أو النخب الساعية للوصول للحكم. ليتم العمل على جعل قضايا الدول، تقتصر على حدودها فقط، أو ما يدخل في إطار حركتها الجيوسياسية. وهو الأمر الذي أدى مثلاً، الى إعتبار القضية المركزية لمصر هي قضية استعادة سيناء منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا. ويتم بالمقابل محو محورية قضية فلسطين من الهم العربي. مما يعتبر انتصاراً لتل أبيب وهي التي احتفظت بهذه القضية لمقايضتها ضمن محادثات السلام. وقد تزامنت هذه الأحداث المفصلية، مع انهيار الإتحاد السوفيتي أو النظام الإشتراكي والذي كان يؤمن أيديلوجيةً كان لرحيلها الدور في تفكك النظام الرسمي العربي تحديداً بعد حرب الكويت.

 

ماذا في الحاضر العربي؟

بقيت الجبهة الوحيدة المفتوحة أمام المقاومة الفلسطينية منذ حرب 1973 هي الجبهة اللبنانية، ليبدأ مشروع المقاومة الإسلامية منذ العام 1982. فيما بقيت جبهة الإحتكاك الرئيسية مع الكيان الإسرائيلي بالنسبة للفلسطينيين هي المناطق المحتلة عام 1967. لكن هذه الجبهة سرعان ما تحولت الى ساحة للمواجهة والصدام بين للقيادة الفلسطينية، في صراعها من أجل البقاء كقيادة معترف بها عربياً ودولياً، وليس في صراعها مع الكيان الإسرائيلي. وهو الأمر الذي يمكن القول أنه نتيجة الرضوخ العربي لمبدأ التسويات التي طالما كانت شرط واشنطن لصعود أي نظامٍ عربي. فقد أصرت أمريكا على التفاوض مع القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، في محاولةٍ لترسيخ نهج كامب ديفيد المصري ـ الإسرائيلي الذي يرى في أراضي 67 المشكلة الوحيدة التي تحتاج الى الحل كشرط للسلام. وهو ما يجب الوقوف عنده لنتعلم من هذا الماضي السياسي، لعلنا نفهم الحاضر ونُخطط للمستقبل بوعي وهنا نقول التالي:

–         يجب أن تخرج أنظمتنا العربية من حالة اعتماد خيارات الضرورة والتي تكون لتأمين إستمراريتها ولا تخدم غالباً بل دائماً خيارات الشعوب الرافضة لوجود الكيان الإسرائيلي. فالعديد من الأنظمة العربية كان الشرط الأساسي لإستمراريتها هو بقاء خيار التسوية مع الإحتلال قائماً، كمقدمةٍ للسلام العربي الإسرائيلي.

–         إلا أن الأمر الآخر المهم هو أن الكيان الإسرائيلي ومن خلال التجربة، ليس متمسكاً بثوابته فقط، بل يزداد تمسكاً كلما تجرد الحاكم العربي أو الطرف الآخر من مصادر قوته وخياراته. فالكيان الإسرائيلي لا يتوانى عن التشبُّث بما يعتبره خطوطه الحمراء والتي يمكن تلخيصها بـ: رفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، والتمسك بيهودية (إسرائيل) المزعومة، ووضع الإعتبارات الأمنية الإسرائيلية فوق أي إعتبار يخص السلام، الى جانب الإشتراط بأنه لا عودة إلى حدود 67 في الضفة الغربية مع الإحتفاظ بالسيادة الإسرائيلية على القدس.

 

النتيجة:

إن القضية الفلسطينية أُدخلت في بازار الإستغلال السياسي من خلال النخب التي حكمت الدول العربية لسنواتٍ طوال. وما محاولات البعض الساعية لتحقيق السلام، إلا آلياتٍ تنفيذية لمخطط واشنطن من أجل تغيير الوعي العربي لدى الشعوب والنخب. لكن نجاح تجربة المقاومة في لبنان، واستمرار المقاومة الفلسطينية بخيارها النضالي البعيد عن تسويات البعض، أدى لترسيخ مبدأ أن لا إمكانية لتحصيل الحقوق المشروعة للفلسطينيين إلا من خلال المقاومة. لنصل الى نتيجةٍ مفادها، أن خيار المقاومة هو الخيار الأسلم لتحقيق ما يُسمى بالسلام الحقيقي، والذي لا يحصل إلا من خلال إزالة هذه الغدة السرطانية التي كانت السبب في مشاكل الأمة الإسلامية كافة وما تزال. 

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق