التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

أزمة اليمن والصراع العربي 

لاشك أن أزمة اليمن تتفاقم مع استمرار الحرب الخليجية والحصار المفروض على الشعب اليمني، واستمرار ضرب طيران القوات الخليجية للمحافظات اليمنية، بلا هوادة دون مراعاة للأخوة العربية ولا للمصير المشترك، في حرب الخاسر الوحيد فيها هو نحن الأمة العربية بأكملها، حرب تقتل الأبرياء ولا تترك الحجر ولا الشجر، تنهار فيها البنية التحتية وتخور فيها قوات الدولة، والتي باتت تحتاج لعشرات السنين لتعود لما كانت عليه، بعد أن صارت معظم مدنها مدن أشباح، تخيم عليها رائحة الموت في كل مكان.

 

 

 

 

ولا أجد سببا حقيقيا لأن يشن عربي حربا بهذه الشراسة على شقيق له، فهذه الحرب التي تقودها السعودية والإمارات على اليمن، لن تجني سوى سقوط المزيد من الدماء، ووقوع المزيد من الدمار والخراب في ربوع اليمن الذي كان سعيدًا، وليته يعود لسعادته بمغادرة القوات الخليجية لبلاده وتركه يختار مصيره كما يشاء أبناءه، دون فرض وصاية عليهم من أي أحد، وهو الخيار الذي يراه غالبية الشعب اليمني، سواء الرافضين للرئيس هادي أو المؤيدين له.

 

 

 

لا أحد يرحب بالحرب، فهي نار تلتهم الجميع بكل شراسة ولابد من وقفها بأي طريقة، وربما تسفر التغيرات الأخيرة عن اضطرار الجميع للتوجه لهذا الخيار، خاصة بعدما دخلت السعودية في ورطة لم تكن في حساباتها عندما قررت خوض الحرب في اليمن، فالخسائر التي منيت بها في اليمن، خاصة في مأرب، جعلتها تشعر بقسوة الحرب، والتي خاضتها بحجة حماية شرعية الرئيس منصور هادي، ما أدى لسقوط الآلاف من أبناء الشعب اليمني، ولم تنجح حتى الآن في دخول صنعاء، بل إنها لم تستطع حتى حماية حدودها الجنوبية، والتي تعرضت لهجوم أسفر عن سقوط العديد من قواتها.

 

 

 

وليست الورطة في الخسائر التي تتكبدها السعودية فقط، بل إن هناك انشقاقات التي بدأت تظهر فيما يسمى بالتحالف العربي، أصبحت تدق ناقوس الخطر، خاصة أنها ترعى جماعة الإخوان المسلمين اليمنية، وتتشاور معهم في كل كبيرة وصغيرة بشأن المعارك الدائرة في العواصم اليمنية، بالإضافة لاستضافة الكثير من رموزها على أراضيها، وهو ما ترفضه الإمارات “الضلع الثاني في التحالف”، والتي تعادي جماعة الإخوان، وتعتبرها “إرهابية”، ولا تقبل أن يكون لها مستقبل في اليمن كما تريد لها السعودية، الأمر الذي قد يثير أزمة بين البلدين.

 

 

 

ومن ناحية أخرى فقد تورطت السعودية في أمر آخر، حيث الخلافات بين الحراك الجنوبي، والرئيس منصور هادي، والذي لا يريد التحالف استمراره في منصبه، لذا تفكر السعودية في استبدال هادي بنائبه خالد بحاح، وهو أيضا لا يحظى بقبول كبير لدى أعضاء الحراك الجنوبي، لكن السعودية تخشى في حال التخلي عن “هادي”، من اتهامها بالتخلي عن حليفها في اليمن، بل ربما تتهم بأنها خسرت رهانها في إعادة الشرعية والتي تتمثل في عودة الرئيس هادي كما روج التحالف الدولي لذلك منذ بدء عدوانه على اليمن.

 

 

 

وفي ظل هذه الأجواء المتشابكة، جاء الهجوم اليمني على معسكر القوات العربية في مأرب، وهو الهجوم الذي يمكن وصفه بالمفصلي في المعركة، فهو الذي أوقف الزحف الخليجي على “صنعاء”، وذلك الهجوم لم يكن مجرد مصادفة، حيث أن قدرته على التسبب في هذا القدر من الخسائر الفادحة في صفوف التحالف العربي، يؤكد أنه كان مخططا له بشكل دقيق، حيث أنه أصاب أهدافه بدقة متناهية، وخلف الكثير من الضحايا، الأمر الذي حول دفة المعركة وأوقف الزحف الخليجي نحو صنعاء.

 

 

 

ومع توقف تقدم القوات الخليجية نحو صنعاء، ظهرت بوادر الاستقرار، حيث نشأ تحالف قوي بين حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الرئيس السابق علي صالح، وبين جماعة أنصار الله، وجزء من الحراك الجنوبي، وهو التحالف الذي يمكن أن يتطور خلال الأيام القليلة القادمة، الأمر الذي قد ينشأ عنه تكوين حكومة وطنية، يمكنها أن تنتشل اليمن من أزمته الراهنة، وأن تعيد الأمن والاستقرار للبلد من جديد.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق