التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

عندما يُمنع مشروع داعش الأمريكي من عبور الحدود اللبنانية 

أجبر المخطط الأمريكي الإسرائيلي على الوقوف عند الحدود اللبنانية. فالمشروع القديم الجديد لتفتيت دول المنطقة وإعادة تقسيمها بحسب الأجندة الامريكية الحديثة ومصالحها لم يستطع أن يُكمل طريقه ويعبر إلى لبنان، بعد أن غزا دول المنطقة وعاث فساداً فيها ودمّر قدراتها واغتصب ثرواتها.  

 

وللإنصاف فقد نجحت أمريكا وأدواتها الإسرائيلية والعربية أن تزعزع أمن المنطقة وهي تحاول ضرب دول الممناعة خاصةً من خلال صناعة وتوريد داعش وأخواتها إليها وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية فيها، حتى تسعى كل طائفة داخلها للخوف والحفاظ على وجودها والإستقلال بمكونها الطائفي جغرافياً، ما يساعد على تنفيذ المخطط الأمريكي للتقسيم. وبدل أن تتوحّد البلاد العربية في مواجهة “إسرائيل” تصبح دويلات متناحرة فيما بينها غير قادرة على المواجهة بل يصير كل همّها الحفاظ على وجودها خوفاً من شريكها في الوطن والقومية!  

 

فما الذي حصل بعد أن مُنع المخطط الامريكي من عبور الحدود اللبنانية؟ وما هو السيناريو البديل لإشعال لبنان بعد أن دفنت المقاومة الإسلامية ومعها الجيش اللبناني المشروع التكفيري الأمريكي  في مهده؟ وأين موقع التحركات المطلبية الأخيرة من هذا السيناريو؟

 

الكل يعرف أنّ الإنجاز الكبير الذي حقّقه رجال المقاومة الإسلامية في لبنان ومعهم الجيش اللبناني لم يكن في الحسبان. فالتسونامي الإرهابي التكفيري الذي اجتاح الدول العربية وركب موجات الربيع العربي وصل إلى الحدود اللبنانية السورية وأُجبر على عدم العبور. وبعد أن كان من المخطط أن يجتاح هذا المشروع لبنان في أقل من شهر وأن تصبح بيروت مثل الرقة والشمال مقر الإمارة الأسلامية، وأن تسيطر داعش وجبهة النصرة وغيرها على كافة المدن الللبنانية وتمعن قتلاً وذبحاً واغتصاباً، فشل هذا المشروع وخاض مجاهدو المقاومة أعنف المعارك وسطروا الملاحم البطولية في العديد من الجولات كان أبرزها القصير والقلمون وعرسال وليس آخرها معركة الزبداني من أجل تطهير الحدود اللبنانية من الإرهابيين ومنع الفتنة وتخريب لبنان كما وعد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.

 

وأيقن المخطّطون الغربيون أن لبنان ليس كباقي الدول، فهو الذي كان عصياً على دخول العدو الإسرائيلي إليه وألحق به العديد من الهزائم المذّلة، فكيف ببعض المجموعات الإرهابية المرتزقة التي لا يمكن أن يكون لها أي موطئ قدم حتى على الحدود. فما كانت الخطة البديلة لتفجير لبنان؟

 

من الجليّ أنّ أمريكا لن تقعد مكتوفة الأيدي بعد أن أُحبط مشروعها في لبنان وهي التي اعتادت على ذلك، لكن الأمر هذه المرة بالغ الخطورة وتراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة يحثّها على تفجير لبنان بأي ثمن كان حتى وإن استدعى ذلك التقاتل الداخلي والحرب الأهلية من أجل تنفيذ مشروعها الجديد. ولكن هذه المرة من خلال تحركات شعبية محقّة وحركات مطلبية تُحرّك بها القلوب اليائسة من الوضع الإقتصادي والإجتماعي السيئ في لبنان، فالخطة البديلة هي ربيع عربي لبناني.

 

ما نُقل عن أحد المسؤولين الأمريكيين كان واضحاً بأنّ الربيع العربي قادم إلى لبنان، فهناك العديد من التساؤلات التي لا بد من طرحها في الوقت الراهن. لماذا تأخر هذا التحرك لغاية الآن على الرغم من الأزمات الإقتصادية والمعيشية الكبيرة التي مرت على اللبنانيين؟ وإذا كانت أزمة النفايات هي القشة التي قسمت ظهر البعير لماذا تأجل إقفال مطمر “الناعمة” الأساسي في لبنان سنة إضافية تزامنا مع انتهاء عقد الشركة الملتزمة ملف النفايات؟ ولماذا هذا التحريض والتغطية والمواكبة الإعلامية الضخمة والغير مسبوقة للتحرك؟

 

نعم إنّ الصرخة في وجه الفساد والهدر والأوضاع الإقتصادية والمعيشية السيئة أمر واجب ولكن لا بد من الحذر من الوقوع في الفخ الذي نصبته وخططت له أيادٍ معادية للشعب اللبناني كما وقعت فيه الشعوب العربية بعد تحركات الربيع العربي. وهذه الأيادي هي ذاتها التي دعمت العدوان الإسرائيلي على لبنان وأرادت للبنان أن يغرق في بحر الدم الذي نراه من حولنا اليوم، وهي ذاتها التي صنعت الإرهاب وسعت لإدخاله إلى لبنان.  

 

فقد شهد لبنان منذ بدء التحركات أحداثاً أمنية وترت الأوضاع الداخلية  فالتقارير الأمنية  أشارت إلى أنّ حرب مخيم عين الحلوة كانت توطئة لدخول تنظيم داعش الى لبنان عبر المخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان من جديد والإستفادة من أي حدث أمني للدخول على الخط وإشعال الفتنة عبر أعمال إرهابية، بعدما استحصل موفدون منه التنظيم على بيعات لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي من منتمين إلى تنظيمات أخرى ومناصرين لأحمد الأسير الذي اعتقل مؤخراً. وما الخلية التي تمّ القاء القبض عليها في الشمال وهي تخطط لأعمال تخريبية لإثارة الفتنة خلال التظاهرات المطلبية الأخيرة إلا قليل ممّا يُحاك حولها.  

 

هذا إضافة إلى المعلومات المؤكدة عن تمهيد السفارة الأمريكية للحركة المطلبية منذ فترة عبر إعداد مجموعات من الشباب وتدريبهم على تنظيم وإدارة التحركات المطلبية والتظاهرات عبر منظمة أمريكية خاصة لتحريك الثورات في العالم العربي، وهذا ما يربط بعض الحملات في الحراك المطلبي بأجندات مشبوهة للسفارة الأمريكية وغيرها من السفارات التي تسعى إلى ركوب الموجة الشعبية من أجل حرفها عن مسارها الصحيح والسلمي.

 

 بإختصار، أعداء لبنان كثر وإن أظهروا ابتسابتهم وصرحوا بدعم أمن لبنان، وهدفهم واحد وهو نفسه هدف العدوان الإسرائيلي الأخيرعلى لبنان وإدخال التكفيريين إليه. ولكن هذه المرة مستغلين الحقوق والمطالبة الصادقة والمشروعة للشعب اللبناني من أجل معاقبته على محاربة إسرائيل ورفع راية الدفاع عن القضية الفلسطينية ومقدسات الأمة. فعلى اللبنانيين المضي بشكل موحّد في حراكهم المطلبي من أجل تحصيل حقوقهم في العيش الكريم، ولكن عليهم أيضاً الحذر من الغرق في الفتنة  لأن النار إذا اشتعلت لن تستثني أحداً والنماذج من حولنا كثيرة. فالتجربة أثبتت أنّ لبنان الجديد الذي انتصر على الأسطورة التي لا تقهر، سيتنصر لحقوق شعبه وأمن مواطنيه.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق