التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

اليمن التجربة الأولى والأخيرة للسعودية 

يعتبر العدوان الذي تشنه السعودية على اليمن أول اجتياح بري تقوم به منذ عشرات السنوات الماضية، فمنذ مشاركة القوات السعودية في حرب الكويت عام ١٩٩١ لم تدخل الرياض في أي حربٍ برية، حتى أن الحروب التي شاركت فيها سابقًا كحرب الكويت لم یکن جيشها إلا وسيلةً وأداة تقوده دول أخرى، فالمخططات والاستراتيجيات العسكرية كانت ترسم من أطرافٍ أخرى والسعودية وضعت جنودها في خدمة هذه الأطراف، فأمريكا هي التي كانت تقود التحالف في حرب الكويت، وهي التي كانت تخطط للمعارك في حين اقتصر دور الجيش السعودي على التنفيذ.

 

خلال حرب الكويت ظهر ضَعف الجيش السعودي، وعدم كفاءته، إذ استطاعت القوات العراقية التوغل داخل الأراضي السعودية، والسيطرة على مدينة الخفجي السعودية، أي يمكن القول أن آخر تجربة عسكرية برية للجيش السعودي تعود لعشرات السنوات، ولم تكن هذه التجربة ناجحة رغم أنها كانت جيش نظامي ضد جيش آخر، فكيف بحربٍ تشنها القوات السعودية على الأراضي اليمنية وتحارب فيها لجانًا شعبيةً لا تعتمد في أسلوبها على خطط الجيوش النظامية!.

 

إذًا، الحرب ضد شعب اليمن شاقة جدًا على الجيش السعودي، وهذا ما يتضح من خلال متابعة أحداث العدوان طيلة الأشهر الماضية، فالجيش السعودي تكبد خسائر فادحة في الأرواح والآليات، كما أن اللجان الشعبية استطاعت السيطرة على عشرات المعسكرات داخل الأراضي السعودية، وكل ما يمكن تأكيده هو تراجع قدرة السعودية على إدارة الحرب، فمخطط احتلال صنعاء كان سيبدأ من معسكر صافر في مأرب (قرابة ١٧٠ كم عن صنعاء)، إلا أن صاروخ “توشكا” الذي أطلقه اليمنيون غير المعادلات، فالخسائر الكبيرة التي تكبدتها السعودية والدول المتحالفة معها دفعها إلى نقل المعسكر إلى “الشرارة” داخل الأراضي السعودية ليصبح أمام القوات السعودية طريقًا يزيد عن ٣٠٠ كم لتبلغ صنعاء.

 

الارتباك في صفوف الجيش السعودي واضح جدًا، وقد برز جليًا بعد عملية “صافر”، إذ أن السعودية لم تعلن عن عدد قتلاها حتى اليوم الثاني، ما يشير إلى انعقاد عدة اجتماعات قبل الإعلان عن القتلى، كما أن حالة الإرباك التي تعيشها القيادة في الرياض منعت السعودية من تنفيذ مخططها في عدن وإذ كان من المفترض أن تولي “عبد ربه منصور هادي” الرئاسة هناك، ليُنقل فيما بعد إلى صنعاء بعد السيطرة عليها، ولكن السعودية بدأت تدرك عجزها عن احتلال العاصمة اليمنية، الأمر الذي تسبب بزيادة الارتباك السعودي الذي وصل إلى حدٍ لجأت فيه القوات السعودية إلى استهداف منزل سفير سلطنة عمان في اليمن.

 

لا معطياتٌ تشير إلى احتمالية تحقيق جيش العدوان أهدافه، فكل المؤشرات تدل على أن السعودية ستلقى هزيمة عسكريةً كبيرة في اليمن، وستكون هذه المعركة آخر تجربة تجرؤ السعودية على الدخول بها، وبهذا ستكون قد خسرت سياسيًا إضافةً إلى خسارتها العسكرية، فالرياض كانت تجهز نفسها لتطبيق مبدأ “التدخل العسكري” في دولٍ كثيرة كسورية بعد النجاح في اليمن، ولكن مع انكسار المخطط على أبواب صنعاء، سيدرك السعوديين حجمهم الحقيقي.

 

المعركة مستمرة، وعلى ما يبدو أن السعودية رغم إدراك فشلها، لا زالت تسعى إلى إيجاد مخرجٍ على الأقل ينقذها من ورطتها، فهي لم تعد تبحث عن “نصر” بل باتت تريد مخرجًا يحفظ ماء وجهها وكرامتها، ولكن طاما أنها لا تزال تستخدم أسلوب العسكر في البحث عن هذا المخرج فلن تنال إلا المزيد من الخسائر والانكسارات، وستتعقد أزمتها في اليمن، هذا إذا لم تدخل الحرب مرحلة جديدة تكون فيها السعودية هي الحلقة الأضعف.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق