التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

العراق: مسرحية أمريكية … وجدّية إيرانية 

أكثر من سنة مرت على الحرب التي أعلنتها امريكا وحلفاؤها على تنظيم داعش الارهابي في العراق وسوريا والتي اقتصرت على الضربات الجوية ولم تحقق هذه الضربات هدفها المنشود بوقف تمدد بل وتدمير هذا التنظيم الارهابي. ويوما بعد يوم ينكشف زيف الادعاءات الأمريكية في الحرب على داعش في سوريا والعراق، حيث أكدت قيادات ميدانية عراقية أن الجانب الأمريكي يضغط على الحكومة بهدف إبعاد قوات الحشد الشعبي عن معارك تحرير المناطق المحتلة من قبل التنظيم الارهابي، بل تسعى واشنطن الى اطالة أمد الحرب في العراق. 

 

وعلى طريقة شهد شاهد من أهله، قال “كينغ زنغر” الذي شارك كطيار في سلاح الجو الامريكي خلال الحرب على العراق “ان على الرئيس باراك أوباما الوقوف أمام الشعب وتوضيح حقيقة الخطر الذي يشكله تنظيم داعش الارهابي”، وردّ زنغر على قول أوباما “إننا لا نهزم في العراق” وعلى قول أوباما عندما بدأ التحالف هجومه على تنظيم داعش “سنقصفهم ونضربهم”، قائلا “أعتقد أن على الرئيس باراك أوباما أن يقف أمام الشعب الأمريكي ويقول بصراحة إن تنظيم داعش هو خطر كبير ينمو في الشرق الأوسط وإنّه ليس شبيهاً باشتعال حريق في منزل وننتظر أن يصبح رمادا، فهذا المنزل موجود في حي مکتظ وسينتشر الى مناطق أخرى.” وأضاف أنه “علينا أن نكون صارمين في وقف تفشي هذا السرطان في العراق وسوريا وليبيا.” وهذا يظهر بصراحة أن التحالف لضرب تنظيم داعش ليس الا مضيعة للوقت وليس جديا.

 

من جانبه قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني اتهم أمريکا بدعم حصول داعش على السلاح والمال وبيع النفط المنهوب في سوريا والعراق بتسهيل من دول تزعم مشارکتها في الحرب عليه. ويذكر أن ما يسمى التحالف الدولي للحرب على داعش يقصف بعض المواقع التابعة للتنظيم الارهابي ويسكت على تمدده المكشوف وامداد المحاصرين منه بالمؤن والسلاح بهدف اطالة أمد حربه في المنطقة تمهيدا لتنفيذ مخطط تفتيتها واضعاف دول محور الممانعة. فهل أمريكا جادة في الحرب على داعش؟ 

 

على الخط الآخر تقوم الجمهورية الاسلامية الايرانية بتقديم المساعدات للحكومة العراقية الجادة في حربها على تنظيم داعش حيث دعى برلمانيون عراقيون الى توريد الأسلحة من إيران الى العراق وعدم الاعتماد على أمريکا في تسليح الجيش العراقي. ويضيف العراقيون اذا قارنا بين أمريکا والجمهورية الاسلامية من ناحية تسليح العراق، فيمكن القول ان امريكا زودت العراق بأسلحة خفيفة وصغيرة غير فعالة حتى الآن، بينما الجانب الايراني مدّ العراقيين بالسلاح الكبير الذي كانوا بحاجة اليه في ظل حربهم الحالية. ويضيفون أنّه لا شك ان الجمهورية الاسلامية، قدمت للعراق امدادات عسكرية طيلة الفترة الماضية ولاسيما في حربه ضد مسلحي “داعش” بمدينة تكريت التي انتهت بتحريرها.

 

واكد برلماني عراقي، ان دور ايران في مساعدة العراق كان ملحوظاً لاسيما تجهيزها السلاح لقوات الجيش العراقي والحشد الشعبي التي كان لها الدور الابرز في استعادة السيطرة على مدينة تكريت في الشهر الماضي. ويرى النائب العراقي الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، انه لولا ايران لما تمكن العراق من دحر مسلحي “داعش” لان الاعتماد على أمريکا في هذا الشأن لن يجدي نفعاً. 

 

عبد الرزاق المهندس، ممثل حركة بدر في البرلمان، وصف موقف ايران بالنزيه والانساني والمسؤول، لانه ساعد العراق في محاربة الارهاب حفاظاً على مقدساته وكرامته.

 

محمد المياحي، العضو الآخر في البرلمان، اكد حاجة بلاده الى المساعدة الايرانية فضلاً عن حاجة البلد الى جميع الدول المجاورة، لكن اهتم بالجانب الايراني لأنه وقف الى جانب العراق في حربه ضد تنظيم “داعش”، معتبراً انها الدولة الاولى التي قدمت المساعدة للبلد، منتقداً بالوقت نفسه الدول العربية لعدم مساعدتها العراق مكتفية بالمشاركة في التحالف الدولي الذي لم يقدم الشيء الكثير للشعب العراقي، بحسب تعبيره.

 

وكان مسؤولون وبرلمانيون وزعماء محليون، قد اشادوا بدور ايران المساعد للبلد في اكثر من مناسبة ضد الجماعة المتطرفة، معترفين بدور طهران المحوري في تخليص العاصمة بغداد من ايدي الارهابيين، بحسب تعبيرهم.

 

وفي كانون الثاني الماضي، وصف وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي نظيره الايراني حسن دهكان بالشخص المسؤول من خلال فتح الاخير خزائن العتاد الايرانية للعراق في ظل حربه ضد الارهاب. وقال الوزير وقتذاك، ايران تشارك العراق في قتال شرس وبجبهات متعددة فضلاً عن مشاركتها في القضاء على الفساد لإعادة بناء البلد، كما ان العراق بحاجة الى الدعم والمساعدة الايرانية.

 

مضيفاً بالوقت نفسه، ان الدعم الإيراني المتزايد للقوات المسلحة العراقية ضرورة استراتيجية، وفي غضون ذلك، جدد العبيدي تقديره لإيران بمساعدتها الجيش العراقي من خلال تقديمها المشورة العسكرية في الماضي قائلاً في هذا الشأن: “من خلال زيارة إيران، فإننا نؤكد للعراقيين، ان البلدين يسعيان الى توسيع العلاقات مع بعضهما البعض، ونعتقد أن تطوير العلاقات بين الطرفين سوف يعود بالفائدة على كل الأمم”.

 

وفي الأيام الاخيرة، كثر الحديث عن تنسيق أمني بين الجمهورية الاسلامية وأمريكا في الميدان العراقي، وقيل إن أمريكا تنسق مع ايران وتقدم لها المعلومات الاستخباراتية عن أماكن انتشار وتجمع ارهابيي داعش، وبهذا الصدد فقد نفى قائد الثورة الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي مراراً وتكراراً أن الجمهورية الاسلامية لن تضع يدها مع أناس ملطخة أيديهم بدماء الابرياء في العراق وسوريا ولبنان وغيرها من الدول، مشيراً الى أن حرب أمريكا على داعش ليست الا مسرحية من اخراج أمريكي وتمويل خليجي.

 

وفي سياق متصل، أعلن السفير الأمريكي في العراق أنه “لا يوجد أي تواصل مع كتائب حزب الله أو عصائب أهل الحق، وأي تنسيق مع الحشد الشعبي يجري بالتنسيق عبر القوات المسلحة العراقية ومستشارية الأمن الوطني” لافتاً إلى أننا “لا نستطيع طرد داعش باستخدام القوة الجوية فقط”. 

 

كل ما تقدم يوصلنا الى نتيجة واحدة هي أن أمريکا والقوى المتحالفة معها تتقاعس عن التصدي لتنظيم “داعش”، وأن إيران هي التي أخذت هذه المهمة على عاتقها، ويشير المشهد العراقي إلى الآتي: إيران وضعت نفسها وحلفاءها في مسار الانتصار، ومهمة الأمريكيين في المقابل عرقلة هذا المسار ومنعهم من تحقيق انتصارهم. وإن استلزم ذلك من الأمريكيين ضرب «داعش»، بمستوى أو آخر، أكان كبيرا أم صغيرا، فليكن. وإلا فلا.    

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق