الأردن شعبياً ورسمياً يقول كلمته دعماً للقضية الفلسطينية
يظن البعض أن الأردن بعيدٌ عن الخيارات العروبية، نتيجة مواقفه الرسمية وبالتحديد علاقته بالكيان الإسرائيلي. في حين يبدو اليوم أن عدداً من أعضاء البرلمان الأردني، قرروا أن يثبتوا أن الأردن شعباً وسياسيين، هو في قلب العروبة النابض، والداعم للقضية الفلسطينية. وهذا ما بينته الأحداث الأخيرة منذ أيام والتي تنوعت بين مطالبات شعبية وسياسية لطرد السفير الاسرائيلي وقطع العلاقات مع تل أبيب. فماذا في مطالبات البرلمان الأردني والنخب الأردنية الأخرى؟
تقريرٌ يصف التحركات على الصعيد الشعبي:
إنطلقت عقب صلاة الجمعة الأخيرة في العديد من المحافظات الأردنية مسيرات حاشدة نصرة للمسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض لانتهاكات واعتداءات إسرائيلية شرسة على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي. ففي عمان، طالب محتجون قرب سفارة الكيان الإسرائيلي بإغلاق السفارة وطرد السفير ردا على الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق المسجد الأقصى، كما طالبوا بقطع العلاقات الأردنية الإسرائيلية وإلغاء معاهدة “وادي عربة”. وفي الزرقاء، نظمت الفعاليات الشعبية والحزبية مسيرة هتف خلالها المشاركون ضد قوات الكيان الإسرائيلي وقطعان المستوطنين، مثمنين وقوف المرابطين والمرابطات من الأحرار الفلسطينيين والعرب في باحات الأقصى وحمايته من غطرسة المحتل. وشددوا على ضرورة الصمود في وجه المحتل وتفويت الفرصة عليه للمضي بمسيرته التي تستهدف هدم الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم مكانه، داعين الأمتين العربية والإسلامية للتصدي لمخططات الكيان الإسرائيلي وإجهاضها، ودعم الشعب العربي الفلسطيني لمواصلة الصمود في وجه الاحتلال.
وفي الكرك، طالب مشاركون في اعتصام احتجاجي، نظمته فعاليات شعبية وحزبية ونقابية رفضا للإعتداءات الإسرائيلية بحق الأقصى، بقطع العلاقات مع تل أبيب وطرد السفير الإسرائيلي من عمان. وشدد المشاركون في الاعتصام على ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي وتقديم كل أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي له والمساعدات بشتى أنواعها لتقوية صمود المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة. وأكدوا على أن العدوان الحالي على الأقصى إنما هو حلقة من حلقات احتلال الكيان الإسرائيلي للأرض العربية في فلسطين، لافتين إلى أن العدوان على فلسطين يؤكد أن القضية الأساسية هي القضية الفلسطينية وأن على العرب أن يتوحدوا في مواجهة هذا العدوان.
يشار إلى أن العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني محمود عباس كانا قد وقعا بعمان في ٣١ مارس ٢٠١٣ اتفاقية أعاد فيها عباس التأكيد على أن الملك عبدالله الثاني هو صاحب الوصاية وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ على الأماکن المقدسة خصوصا الأقصى المعرف في هذه الاتفاقية على أنه كامل الحرم القدسي الشريف. وتمكن هذه الإتفاقية (التي تؤكد على المبادئ التاريخية المتفق عليها أردنياً وفلسطينياً حول القدس) الأردن وفلسطين من بذل جميع الجهود بشكل مشترك لحماية القدس والأماكن المقدسة من محاولات التهويد الإسرائيلية، كما تهدف إلى حماية مئات الممتلكات الوقفية التابعة للمسجد الأقصى المبارك.
أما معاهدة السلام الموقعة بين الأردن والکيان الإسرائيلي في العام ١٩٩٤ والمعروفة باسم “وادي عربة” فهي تنص بمادتها التاسعة على أن يمنح كل طرف للآخر حرية الوصول للأماكن ذات الأهمية الدينية والتاريخية، وأن يحترم الکيان الإسرائيلي وفق إعلان واشنطن، الدور الحالي الخاص للأردن في الأماكن المقدسة بمدينة القدس.
على الصعيد الرسمي والجمعيات:
صوت ٤٥ نائباً أردنيا الأحد، خلال جلسة للبرلمان الأردني على طرد السفير الإسرائيلي من عمان، وإعادة النظر باتفاقية وادي عربة وذلك رداً على الإعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على المسجد الأقصى المبارك. وقال النواب، في مذكرة لهم سلمت للحكومة: “إن مطالبهم بطرد السفير تهدف إلى إظهار هيبة الموقف الأردني الرافض للعدوان الإسرائيلي على المقدسات الإسلامية بالقدس الشريف للضغط على الجانب الإسرائيلي ووقف الممارسات الإستفزازية في القدس”. وهو ما جاء نتيجةً لما يشهده المسجد الأقصى منذ أيام، من تصعيدٍ إسرائيليٍ هدف لفرض ما يُسمى بالتقسيم الزماني عبر السماح للجماعات الإستيطانية المتطرفة باقتحام المسجد وتأدية صلواتهم التلمودية فيه، وهو ما أدى لاندلاع مواجهات مع المرابطين أسفرت عن إصابة واعتقال العشرات.
من جهةٍ أخرى أكد النائب زكريا الشيخ أن الأردن قيادة وشعباً كانت ومازالت سنداً لفلسطين وتابع في تصريح له منذ أيام، أن حادثة الإعتداء على المسجد الأقصى من قبل الإسرائيليين تعتبر حادثة وقعت داخل الأردن من منظار الأردنيين وتركت اثراً كبيراً في نفوسهم مشيراً الى أن الصوت الأردني دوماً هو الصوت الأعلى إن لم يكن الوحيد في هذا الجانب. وأشار الى انه وعلى الرغم من الدور الأردني في دعم الجانب الفلسطيني وحماية مقدساته إلا أن أقل واجب يجب ان يقدم الى المقدسيين، هو طرد السفير الإسرائيلي من عمان وسحب الأردني من الجانب الآخر والقيام بإلغاء اتفاقية وادي عربة أو تعليقها كرسالة سياسية. مؤكداً على ضرورة دعم المقاومة الفلسطينية وزعزعة الکيان الإسرائيلي عسكرياً داخل مدنه لأنه كيان لا يعرف إلا لغة القوة ولن توقف بيانات الإستنكار والشجب غطرسته وعدوانه.
كذلك أدانت جمعيات أردنية تتمتع بأرضيةٍ شعبية، التعاطي السياسي الأردني مع الکيان الإسرائيلي وقالت في بيانٍ لها، في ذكرى توقيع إتفاقية أوسلو: “تدين جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية تعيين السفيرة الصهيونية عينات شلاين في الأردن بديلاً للسفير الصهيوني المأفون دانييل نيفو. وليس هناك فرق بين صهيوني وصهيوني طبعاً، ونحن نرفض مبدأ وجود سفارة صهيونية على الأرض الأردنية أو على الأرض المصرية ونرفض أي حالة تطبيع مع العدو الصهيوني في أي مكان، ونطالب بإعلان بطلان معاهدة كامب ديفيد ووادي عربية واتفاقية أوسلو التي أسست التطبيع مع العدو الصهيوني وجعلت من التمثيل الدبلوماسي الصهيوني في الأردن ومصر التزامات قانونية على الأردن ومصر! وإذ نؤكد على هذه النقطة في الذكرى الثانية والعشرين لتوقيع اتفاقية أوسلو، فإننا نعتبر أن توقيع تلك الاتفاقية الخيانية هو ما فتح الباب على مصراعيه لشرعنة كل أشكال التطبيع العربي والدولي مع العدو الصهيوني في الوقت الذي لا يخفي فيه الكيان الصهيوني عداءه لكل شيء عربي، ماضياً في مشروع تهويد كل فلسطين وضارباً بعرض الحائط أي التزامات قانونية أو غير قانونية …”.
لقد أعاد الشعب الأردني من خلال فعالياته الرسمية والشعبية، الإعتبار للقضية الفلسطينية على الصعيد الأردني. فالتعاطي الرسمي لا يشكل حقيقة الموقف الشعبي من القضية الفلسطينية. فهل يمكن أن تكون القضية الفلسطينية بداية التحركات الداخلية الشعبية في الأردن؟
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق