أزمة اللاجئين السوريين، ملف ساخن على طاولة الكونغرس الأمريكي
لقد خلقت أربع سنوات من الحرب في سوريا ما يمكن أن يكون أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية؛ حيث لقي نحو ربع مليون شخص حتفهم، وأصبح ما يقارب أربعة ملايين شخص في عداد اللاجئين، كما واضطر ٧.٦ مليون شخص آخر للنزوح داخليًا، وفقًا للأمم المتحدة. في ظل هذه الأجواء جاءت وعود الدول الكبرى في احتواء هذه الأزمة واستقبال اللاجئين وتوفير المستلزمات المعيشية لهم لحين حل معضلة بلادهم وعودة الأمن والإستقرار، لكن الواقع يشهد على عدم وفاء هذه الدول لوعودها فمنذ اندلاع الحرب السورية في ٢٠١١ بقيت هذه الدول على الهامش من الأزمة، فما السبب الذي أعاد طرح هذه القضية على المنابر العالمية مجدداً، وما كان موقف أمريکا في هذا الشأن؟
اكتسبت قضيةُ اللاجئين السوريين اهتمامًا وزخمًا خاصًّا خلال الفترة الأخيرة في أعقاب نزوح عدد كبير من هؤلاء اللاجئين إلى بعض الدول الأوروبية، وبعد الصدمة التي تسببت بها صور اللاجئين الغرقى، تعرضت أمريکا إلى ضغوط سياسية للتحرك بسرعة؛ وفي هذا الإطار قام الرئيس الأمريكي باراك أوباما في ١١ من سبتمبر على لسان الناطق باسم البيت الأبيض جوش ايرنست بالتصريح عن نية بلاده في استقبال ١٠ آلاف لاجئ سوري على الأقل العام القادم.
كان لهذا التصريح ردود فعل متناقضة داخل الكونغرس الأمريكي، فمن جهة اعترض النائب الديمقراطي ديفيد سيسيلاين على النسبة التي طرحها أوباما واقترح رفع العدد إلى ٦٥ ألف لاجئ سوري، عبر رسالة وزعها في مجلس النواب، كما وكانت جماعات دينية دعت أمريکا إلى قبول ١٠٠ ألف لاجئ سوري. بينما من جهة أخرى، أبدت لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب الأمريكي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، تحفظات على خطة إدارة الرئيس باراك أوباما للسماح للاجئين سوريين بدخول أمريکا قائلة إن ذلك قد يتيح لإرهابيين محتملين التسلل إلى البلاد، وطرح الجمهوريون في مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون من شأنه منح الكونغرس فرصة بالموافقة أو منع خطط البيت الأبيض، مما يزيد دور الكونغرس بشكل كبير في كيفية استجابة أمريکا لأزمة اللاجئين المستمرة.
وبعد عرض مشروع القانون، أصدر النائب مايكل مكونيل رئيس لجنة الأمن الداخلي بيانا قال فيه إن الكثير من الأمريكيين قلقون من التهديد الذي يشكله عدم كفاية إجراءات الفحص الأمني للاجئين الذين يسعون لدخول أمريکا، وأضاف في البيان: “علينا ان نأخذ هذا التهديد على محمل الجد” . ويمنح مشروع القانون الذي يدعى “الرقابة والأمن على إعادة توطين اللاجئين” الكونغرس حق الموافقة بالإيجاب على عدد اللاجئين الذين تريد الأدارة الأمريكية السماح لهم بدخول البلاد كما ينص التشريع بصراحة على منح الأولوية للأقليات الدينية من العراق وسوريا وخاصة من المسيحيين على غيرهم من اللاجئين . وأضاف ماكونيل أن هذه التحديثات الأمنية ضرورية لعمليات اللجوء لأمن أمريکا ومن أجل سلامة اللاجئين . وسيعطي التشريع دورا أكبر للكونغرس في تحديد عدد اللاجئين السوريين وتصنيفهم على أسس دينية وطائفية في وسط أزمة تستحوذ على اهتمام العالم وأوروبا بشكل خاص بعد تدهور الأوضاع في سوريا.
واتفق الكثير من مرشحي الرئاسة الأمريكية مع هذا الموقف المتشدد من الجمهوريين، إذ قال المرشح الجمهوري دونالد ترامب ان أمريکا لديها ما يكفي من المشاكل الكبيرة وأنه يجب الحذر من عملية المساعدة في قضية اللاجئين.
في هذا السياق رد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست بأن الأمن القومي سيبقى الهاجس الرئيسي عند استقبال اللاجئين من سوريا على اعتبار أنها تضم متشددين مناهضين لأمريكا، ولاحظ أن فحوصا أمنية مكثفة للاجئين قد تستغرق ما يصل إلى ١٨ شهرا . وأضاف موجها حديثه للصحفيين “بوسعي أن أبلغكم بأن الرئيس لن يوقع على عملية بشكل متسرع عندما يتعلق الامر بأمن وأمان الشعب الأمريكي والولايات المتحدة”.
أمريکا في الوقت الحالي تستقبل سنويا ما مجموعه ٧٠ ألف لاجئ من شتى أنحاء العالم ومن المقرر أن تزيد هذا الرقم ٥٠٠٠ آلاف في السنة المالية التي تبدأ في أكتوبر تشرين الأول، وقد قدمت أمريکا مساعدات مالية وعسكرية، ولكنها بقيت إلى حد كبير على الهامش من حيث استقبالها للاجئين السوريين حيث استقبلت حوالي ١٥٠٠ فقط من أصل أكثر من ٤ ملايين فروا من البلاد منذ بداية الحرب الاهلية في عام ٢٠١١. فهل الرقم الذي وضعته ادارة اوباما “١٠٠٠٠ لاجئ” إن نُفذ كافٍ لحل أزمة اللاجئين؟
المصدر / الوقت