الیونان ترفض من جديد خطة التقشف الاوروبية، ماذا عن مصير الديون؟
رفض الیونانيون من جديد سياسات الدول الأوروبية التي تدعوهم الی تنفيذ عملية التقشف المرسومة من قبل الدول الاوروبية، لتمكين الیونان من الخروج من أزمته المالیة، بعد أن صوّت الیونانيون وبنسبة عالیة لحزب «سيريزا» الذي حاز علی ١٤٥ مقعداً من أصل ٣٠٠ مقعدا في البرلمان، وفق ما اعلنت وزارة الداخلية الیونانية. وفي المقابل ازعجت هذه النتيجة الدول الأوروبية، باعتبار أن حزب سيريزا الیساري يعارض خطة التقشف الاوروبية بشدة ويدعو الی سياسة اقتصادية تختلف عما تدعو الیها اوروبا، لانقاذ الیونان من كاهل الديون الثقيلة. ومنذ فترة وجيزة بعد انضمام الیونان الی منظمة الیورو في بداية عام ٢٠٠١ واعتمادها الیورو كعملة رسمية بدل «الدراخما» العملة السابقة للبلاد، دخلت الیونان ازمة مالیة طاحنة، عجزت الحكومات المتعاقبة من اخراج البلاد من هذه الأزمة حتی الیوم. إذن بعد فوز حزب سيريزا وتشكيل الحكومة الیونانية الجديدة من قبل «الیكسيس تسيبراس» رئيس هذا الحزب الیساري، كيف ستتعامل الدول الأوروبية مع الیونان الرافضة لخطة التقشف الإقتصادي؟ وكيف لليونان أن تسدد ما علیها من ديون للترويكا الاوروبية؟
تعتبر خسارة الاحزاب المؤيدة للسياسات الاوروبية والتي تدعو الی دخول البلاد في سياسة تقشف وإجراء اصلاحات اقتصادية يطالب بها الدائنون، نكسة للاتحاد الاوروبي وخاصة لالمانيا. وفي هذا السياق حل حزب «الديمقراطية الجديدة» المنافس الرئيسي لحزب سيريزا الذي حاز فقط علی ٧٥ مقعدا في المكان الثاني من الانتخابات البرلمانية. بينما حاز حزب «الفجر الذهبي» علی ١٨ مقعدا ونال المرتبة الثالثة في الإنتخابات البرلمانية الیونانية.
وبعد اعلان تشكيل الحكومة الیونانية الجديدة من قبل الیكسيس تسيبراس، زادت خيبة أمل الترويكا الدولیة المقرضة للیونان والتي تتشكل من المركزي الأوروبي والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، باعتبارها الجهات المقرضة الرئيسية لليونان، بسبب عدم وجود رؤية واضحة لسداد الديون من قبل أثینا في المرحلة القادمة بسبب رفض خطة التقشف من قبل الیكسيس تسيبراس.
ووفقا لاحصائيات الربع الثالث من العام الماضي (٢٠١٤) فقد وصلت ديون الیونان الخارجية الی أكثر من ٣١٥ مليار يورو، وذلك بالرغم من اتباع خطة التقشف الصارمة والإصلاحات الإقتصادية التي اجرتها الحكومة الیونانية قبل عام ٢٠١٤. وادت ضغوط الترويكا الدولية وسائر الدائنين علی الحکومات الیونانية السابقة لاجراء خطة التقشف، وإجراء بعض الإصلاحات الإقتصادية، الی صعوبة بالغة في المعيشة الیومية لدی المجتمع الیوناني، واحتجاجات عارمة اجتاحت مختلف مناطق البلاد. ويری الكثير من المتابعين أن السياسات الأوروبية الداعية الی التقشف الإقتصادي في الیونان، تاتي لضمان استلام القروض التي منحتها لأثينا، دون مراعاة تدهور ظروف المعيشة في الیونان؛ في وقت يدعو فيه الكثير من الیونانيين للخروج من منظمة الیورو. وفي سياق متصل تشير الاحصائيات الی أن ما يزيد علی ربع القوی العاملة في الیونان، باتت فاقدة لفرص العمل وتعاني من البطالة بسبب تدهور الاوضاع الإقتصادية في البلاد.
وخلال تصريحات سابقة أكد الیكسيس تسيبراس أن «مستقبل الیونان في أوروبا يعتمد على إلغاء سياسة التقشف التي فرضت على الیونان»، في اشارة منه تطالب بضرورة شطب مبالغ کبیرة من هذه الدیون من قبل الجهات الدائنة. ويطالب حزب سيريزا باعادة هيكلة الديون المستحقة علی الیونان بدل الخضوع الی سياسة التقشف التي تطالب بها الجهات الدائنة. وكانت الدول الاوروبية هددت في السابق بعدم التفاوض مع الیونان حول ديونها في حال فاز حزب سيريزا بالانتخابات التشريعية، وهو الامر الذي تحقق حالیا.
وفي وقت سابق اعلنت «كريستين لاغارد» رئيسة صندوق النقد الدولي عن بالغ مخاوفها تجاه محاولات الیونان الرامية للانسحاب من منظمة الیورو، مؤكدة أن ذلك سيكون له اثر كارثي علی الیونان في المستقبل.
إذن بعد ان رفض الشعب الیوناني من جديد سياسة التقشف المالي الذي تدعو الیه اوروبا، ستكون الدول الاوروبية عاجزة عن استلام أموالها من الیونان، والتفکیر في شطب مبالغ کبیرة من دیونها، بعد وصول حزب سیریزا الی سدة الحكم من جديد. ويمكن القول إن الانتخابات البرلمانية التي شهدتها الیونان في الآونة الاخيرة، هي فشل للسياسات الاوروبية تجاه اليونان. وبناء علی هذا فان الیونان باتت تدرك جيدا، أنه من أجل تسديد الديون المستحقة علیها يجب أن تعتمد خطة اقتصادية وطنية بعيدة عن الخطط الاوروبية وسياسة التقشف. وبعد هذه الاحداث التي شهدتها الیونان، باتت الدول الاوروبية علی اعتاب ازمة مالیة من الممكن أن تطيح بالعملة الاوروبية الموحدة، بعد ان رفض الیونانيون من جديد، تسديد ديونهم لاوروبا وسائر الدائنين، بناءً علی اعتماد سياسة التقشف، وذلك بعد فوز حزب سيريزا في الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة من قبل هذا الحزب.
المصدر / الوقت