التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

هل يطلب الانسان السلم، أم يدعو للحرب؟ وهل تتصارع الديمقراطيات فيما بينها؟! 

في الحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر من كل عام تحتفل الأمم المتحدة باليوم العالمي للسلام لتعزيز مُثل وقيم السلام في أوساط الأمم والدول والشعوب. وتقرر أن يكون موضوع اليوم الدولي لهذا العام هو “حق الشعوب في السلام”.
فما معنى السلم الحقيقي؟ وهل النظم الديمقراطية قادرة على تحقيق السلم الدولي، أم هي تتصارع فيما بينها؟
جاء في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة أنّ الغرض من إنشاء المنظمة هو منع نشوب النزاعات الدولية وحلّها بالوسائل السلمية، والمساعدة على إرساء ثقافة السلام في العالم، فيما تعني الديمقراطية وكما عرّفها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بأنها نظام للحكم يهدف الى تهيئة بيئة مناسبة لممارسة الحقوق السياسية والحريات المدنية لتعزيز السلم كأمر حيوي يمكّن البشرية من نيل حقوقها التي أقرها ميثاق الامم المتحدة.
ويتيح اليوم العالمي للسلام لجميع الشعوب الفرص للقيام بأعمال تمجد السلام بطرق مفيدة تهدف الى نبذ العنف بمختلف أشكاله والسعي لوقف الحروب والنزاعات المدمرة والأعمال العدائية بكافة صورها عبر نشر الوعي بالوسائل المتصلة بهذا الموضوع من خلال التضامن والحوار باعتبارهما من أقوى الأسس التي يُبنى عليها السلام القائم على المساواة والاحترام والتفاهم.
وبات الالتزام بهذه الرسالة في هذه الأوقات العصيبة والمضطربة التي تعصف بالعالم ويُعتدى فيها على السلام أكثر أهمية من أي وقت مضى. إذ يُعد السعي المتواصل لبناء السلام وترسيخه في كافة نواحي الحياة مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع دولاً وشعوبا.
ولا تستطيع أية دولة مهما بلغت قوتها إحلال السلام بمفردها، ولكن يمكنها عن طريق العمل مع بقية الدول ترسيخ مفاهيم السلام في عقول الناس لإقامة علاقات جديدة ملؤها التوافق والتعاطف والتراحم بين الشعوب والدول في كافة ارجاء العالم.
والسلام الحقيقي لا يعني أن يعيش الإنسـان دون مشاكل وعقبات بغض النظر عن الظروف والملابسات التي تحيط به، ولا يقتصر على مجرد انعدام النزاعات المسلحة بين الدول وفي داخلها، بل يشمل تعزيز التفاهم بين كافة الشعوب لتكون حقوق الإنسان وكرامته المنطلق والأساس الذي يُستند إليه للعيش بودّ وسلام بطرق بنّاءة ومثمرة.

هل الديمقراطية قادرة على تحقيق السلم الدولي؟
هذا التساؤل أملَته وحشية النزاعات الدولية التي خلفت دماراً شاملاً في الأرواح والمكتسبات التاريخية للإنسانية، وهو مرتبط بإمكانية قيام سلام عالمي خال من النزاعات المسلحة والحروب القاتلة.
وقد نشأت على إثر هذا السؤال مدارس ونظريات في الفكر السياسي وفي مباحث العلاقات الدولية، حاول كل منها إثبات صحة تحليلاته النظرية والتطبيقية طبقاً للمتغيرات الدولية التي قد تدحض نظرية على حساب أخرى.
ورغم ان الأنظمة الديمقراطية تدّعي أنها جاءت لخدمة الشعوب وتحقيق أمانيها في العيش الكريم القائم على أساس الحرية والعدالة ومراعاة حقوق الانسان، إلاّ أن التجارب المرّة التي عاشتها البشرية أثبتت أن هذه النظم أخفقت في تحقيق ما روّجت له لأسباب عدّة يمكن إجمالها بما يلي:
١ – الأنانية التي غلبت على قيادات هذه الأنظمة التي تحكم باسم الديمقراطية وحقوق الانسان ولكنها تسعى في الحقيقة الى تغليب مصالحها الحزبية والفئوية على حساب الجماهير، وتهيئة الأرضية للهيمنة بشكل تدريجي على كل شيء بحجج ودواعٍ واهية تحت مظلة “تطبيق القانون”.
٢ – تبرير هذه الأنظمة لاستخدام القوة بكل أشكالها لتغليب مصالحها السياسية والاقتصادية على حساب الدول الاخرى التي تتباين معها في الافكار والرؤى التي تتعلق بفهم الديمقراطية والرأسمالية واقتصاد السوق ودور الإعلام والدعاية وما شاكل ذلك في تشكيل النظام العالمي الجديد.
ومازال تبادل الحجج مستمراً في أروقة التحليل السياسي للنزاعات الدولية التي أملاها تصارع الإيديولوجيات التي كان بعضها سبباً لنشوب العديد من الحروب العالمية والصراعات الطبقية التي يسعى كل منها للهيمنة على مقدرات وثروات الاخرين بفعل قوة السلاح والظروف المساعدة.
ويبرز بين المتفائلين بإمكانية تحقيق سلام عالمي وتأسيس رؤية تكاملية تنظر إلى الامور بواقعية مَنْ يقول بأن الدول ذات الأنظمة الديمقراطية هي الأقل حروباً ومشاكل قياساً الى الأنظمة الديكتاتورية باعتبارها تقوم على أسس منبثقة من حق الشعب في اختيار ممثليه، وهذا صحيح الى حد ما، لكن هذا التوجه تضاءل الى حد كبير في العقود الأخيرة لدى مَنْ ينظر الى الشؤون الدولية على أنها صراعات مستمرة بين عدد من القوى الكبرى التي يسعى كلٌ منها لتعزيز مصالحه والسيطرة على مقدرات الدول الاخرى عبر اختزال النظام الدولي بمجموعة قوانين تضمن بقاء هذه المصالح سواء عن طريق القوة أو أي وسيلة أخرى.
ومن خلال هذه الرؤية يمكن القول ان العالم الغارق اليوم بالاضطرابات والحروب والمجاعات والجهل والفقر والذي تتوق شعوبه الى الحرية والعدالة والتقدم بات أحوج ما يكون الى إدراك مفهوم السلم ومتطلباته على حقيقتها والعمل دون توقف على تطبيقها على أرض الواقع لتجنب المزيد من النزاعات والحروب التي تهدد أمن واستقرار ومستقبل البشرية بأسرها في شتى انحاء العالم.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق