الإمارات تبحث عن دورٍ إقليميٍ من بوابة الإرهاب، فكيف يمكن أن تبرر أفعالها في اليمن؟
لا شك أن الدول عادة ما تقوم بالبحث عن دورٍ لها وذلك في محاولةٍ لترسيخ سياساتها، أو بسط نفوذها. لكن الإمارات ومن خلال مسيرتها التاريخية لم تتميز بأي دورٍ إقليميٍ فعال سوى فيما يتعلق بالأدوار الإقتصادية. لكن برزت مؤخراً ومنذ أيام محاولاتٌ إماراتية للظهور على الساحة الإقليمية من خلال الإنخراط في الصراعات الحاصلة إن على صعيد ما يُسمى بالتحالف لمحاربة الإرهاب، أو الحرب على اليمن. فكيف يمكن قراءة ذلك؟ وما حقيقة الدور الإماراتي المزعوم؟
قراءة في الدور الإماراتي الأخير:
يمكن القول إنه لم تعد مسألة معالجة أزمات المنطقة حكراً على أحد، تحديداً مسألة الإرهاب المتنامي. لكن دور الدول لا بد أن يتناسب مع حجمها. وما يُعتبر مُثيراً للإنتباه هو ما تقوم به الإمارات من جهدٍ في محاولة المشاركة بما يُسمى الحرب على الإرهاب في العالم العربي وخارجه. وقد تجلى ذلك، من خلال العمل على الصعيدين المالي والعسكري. فعلى الصعيد المالي كان للإمارات دورٌ في ما نقلته وسائل إعلام عربية وأجنبية الى جانب الصحف، عن قيام أبو ظبي بتمويل مراكز أبحاثٍ في بعض دول العالم العربي وتحديداً مصر، الى جانب تمويلها لمراكز في دولٍ غربية، وبالتعاون والتنسيق مع أمريكا. وتهدف هذه المراكز الى محاولة الدفاع عن صورة الإسلام، وترويج أفكار قد تساعد في منع المسلمين من الإلتحاق بتنظيم داعش الإرهابي، وقد كان آخرها مركز “صواب”. أما على الصعيد العسكري فقد جرت منذ أيام لقاءات بين مسؤولين إماراتيين من جهة، وآخرين فرنسيين وأمريكيين من جهةٍ أخرى، كانت فحواها كيفية محاربة الإرهاب وتقديم الدعم العسكري، الى جانب النقاش حول أهمية القاعدة الفرنسية ودورها فيما يخص هذا الملف. كما تصدر الصحف العربية منذ أيام، الدور الإماراتي العسكري المتصاعد والداعم للحرب السعودية على اليمن، مع أننا نشير هنا الى حجم الخلافات المزمنة والتاريخية بين الرياض وأبو ظبي. فكيف يمكن قراءة دلالات هذه الأدوار؟ وما هي حقيقتها؟
لا يمكن القول إن سياسة الإمارات الحالية يمكن أن تكون سياسةً مؤثرة في تغيير التوازنات الموجودة أو قلب المعادلات. فاللاعبون على الساحة اليوم، معروفةٌ أحجامهم وهو ما لا يتناسب مع الإمارات، الفاقدة للسياسة الواضحة أو للأطراف الداخلية التي تتبنى رؤىً معينة. وهنا نقول التالي:
– إن الممارسات التي تقوم بها الإمارات حالياً، لا تدل على سياسة خارجية محددة، أو يمكن أن تتبناها أبو ظبي، خصوصاً أن معلومات وتقارير تُشير الى خلافات داخلية بين إمارة أبو ظبي والإمارات الأخرى، حول آلية تنفيذ السياسة الخارجية للدولة، وحجم مشاركتها على الصعيد الإقليمي. فهناك العديد من الآراء التي تتحدث عن أن قدرات الإمارات لا تتناسب مع الدور الذي يسعى له حكام أبو ظبي.
– وفيما يتعلق بمسألة المساهمة في محاربة الإرهاب، فمن جهة نقول إنه حريٌ بالإمارات أولاً، أن تخرج من نطاق السياسة الإستراتيجية لدول مجلس التعاون، وذلك لأن بداية بذور نشأة الإرهاب في المنطقة كانت بدورٍ سعودي وقطري تعدى التمويل والتسليح. كما أنه لو سلمنا جدلاً أن مكافحة الإرهاب أصبحت مسألة تعني هذه الدول ومنها الإمارات وهو ما لا نستطيع نفيه، فكيف يكون العمل في هذا المجال مع واشنطن أو باريس، وتحديداً فيما يخص محاولة الدفاع عن صورة الإسلام. في حين لم ينس التاريخ السياسي الجديد حجم الحملات الأمريكية أو الفرنسية التي طالت الإسلام بغية تشويهه. وهنا يُشير مراقبون الى أن الإمارات ومع بداية ما سُمي بالربيع العربي، خافت من أن تطالها ثورة ما سُمي بالإسلام السياسي، مما جعلها تأخذ خطواتٍ في هذا المجال.
– وفيما يخص مسألة الجهد العسكري وبالتحديد الحضور الفرنسي، فهنا نشير الى أن فرنسا تشارك الإمارات في قاسمٍ مشتركٍ يتمثل في بحث الدولتين عن دورٍ ما. ليكون وجود القاعدة الفرنسية على الأراضي الإماراتية دافعاً لتعزيز التعاون المُشترك. أما بالنسبة للحرب على اليمن، فهناك العديد من التحليلات التي تخلص لنتيجةٍ مفادها أن صراعاً بين الرياض وأبو ظبي، يحصل على الساحة اليمنية. مما يعني أن مشاركة الإمارات في الحرب على اليمن، تصب في خانة إستغلال الأزمة اليمنية من بوابة تحالف عاصفة الحزم، لتكون الإمارات شريكة في الجرائم الإنسانية الحاصلة في اليمن. وهنا نشير الى أن الخلاف الحاصل بين البلدين الخليجيين، معروفةٌ جذوره التي تعود الى عام ١٩٧١ منذ مشكلة رسم الحدود ورفض السعودية الإعتراف بالإمارات كدولة.
تسعى أبو ظبي اليوم لإستغلال الضعف الحاصل في دول مجلس التعاون، خصوصاً الدول التي خسرت رهاناتها في المنطقة وتحديداً السعودية وقطر. في حين يبدو جلياً أن دورها لا يتناسب مع حجمها، وهو ما قد تستغله الدول الكبرى كأمريكا تحديداً والغرب الناشئ كفرنسا. بينما تقوم الإمارات بالمشاركة عسكرياً في اليمن، ضمن مخطط الدول الخليجية، وتستغل ذلك لتصفية حسابها مع السعودية. فيما يدفع الشعب اليمني الثمن، نتيجة التنسيق الأمني الذي يجمع الدول الخليجية ليس أكثر. وهو ما كان يجب أن يرتقي لمستوى طموحات الشعوب، عبر ما يمكن أن تقدمه هذه الدول من أموال تساهم في تنمية المنطقة. لكن السياسة الأمريكية أغرقت الجميع. فكيف يمكن للإمارات أن تدعي حربها على الإرهاب، وهي تغرق يوماً بعد يوم، في جرائم ضد الشعب اليمني؟
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق