تمادوا في الطغيان وأهدروا دم الإنسان
عبدالرضا الساعدي
مأساة الحج والحجاج ،هذا العام ، لا يمكن تجاهلها والمرور عليها مرور الكرام ، رغم صمت الغالبية من الدول والحكومات والشعوب الإسلامية للأسف ، باستثناء الشعب الإيراني والحكومة الإيرانية التي عبرت عن احتجاجها وغضبها مما حدث ، مشددين الحاجة إلى التحقيق في أسباب هذه الحادثة وحوادث أخرى مشابهة في حج هذا العام.
ما حصل في موسم الحج هذا العام يعد كارثة حقيقية ، وبالنسبة للأرقام أو أعداد الضحايا لحد لحظة تصريح وزير الصحة السعودي السبت 26 أيلول/سبتمبر ‘‘ فإن عدد الحجاج الذين توفوا في حادث تدافع مشعر منى الخميس الماضي قد ارتفع إلى 769 فيما ارتفع عدد المصابين إلى 934‘‘.. ناهيك عن ضحايا الرافعة والحوادث اللاحقة التي جرت خلال مراسم الحج لهذا العام .
طبعا من بين الضحايا عدد من أهلنا في العراق ، قسم منهم مازال مفقودا حتى لحظة كتابة هذا العمود، ولم يكتف الوزير بهذا أيضا ، بل يضيف ، وكأنه يسخر من العالم ، أو يتهرب من الحقيقة المريرة : ‘‘ أن الوزارة أثبتت جاهزيتها واستعدادها لحالات الطوارئ ، وأضاف أن الوزارة سخرت طاقاتها للاهتمام بالحج ، قائلا : إنه وبمتابعة من منظمة الصحة العالمية قد خلا موسم الحج هذا العام من الأوبئة والأمراض!!. بينما ألقت الحكومة السعودية باللوم على الحجاج فهم يتحملون مسؤولية ما جرى لتجاهلهم تعليمات تحرك الحجيج!.
هذا هو منطق الحكومات الطاغية دائما ، لا تعترف بمسؤوليتها وتجاهلها بأرواح الناس ، ولم لا والسعوديون مشغولون بحرب إبادة للشعب اليمني منذ 6 أشهر ، بمعنى أن هناك دماءً تسيل في اليمن والعراق وسوريا في نفس اللحظة التي تسيل دماء الحجيج ، والمسؤول الأول عنها هم الطغاة في هذه المملكة التي تدّعي الإسلام ، بينما طائراتها وجنودها تضرب الأبرياء في اليمن الشقيق فتسيل دماؤهم حتى في أيام الحج والعيد ؟!
فبدلا من تسخير الطاقات والإمكانات المادية والعسكرية للحروب والإرهاب والنزاعات ومشاريع التفرقة والتقسيم الطائفي والعرقي بين البلدان العربية والإسلامية ، كان الأجدر بحكام السعودية الاهتمام بحالهم الداخلي أيام الحج وحماية الحجيج على الأقل ، وتكريس تلك الإمكانات المهدورة على الخراب من أجل الخير والاعمار وحماية المسلمين في المنطقة بدلا من قتلهم وتشريدهم وسفك دمائهم بشتى الصور والوسائل ، وآخرها هذا التقصير والإهمال والتجاهل بمواسم الحج المقدسة ، والاستخفاف بدماء الحجيج من شتى بقاع العالم.
فكيف يعترف آل سعود بمسؤولية جرائمهم المتتالية واستهانتهم بالدم العربي والإسلامي ،
وما دام هناك صمت وتواطؤ وشراء ذمم للحكومات والسياسيين وبعض رجال الدين من وعاظ السلاطين ، فإن هذا التمادي في الطغيان وهدر الدماء سيطول و سيستمر ، وكأن على الشعوب البريئة دفع الثمن من حياتهم وأمنهم واستقرارهم ، جراء هذه السياسات المنحرفة لهؤلاء الطغاة وأمثالهم.. وجراء هذا الخنوع والاستسلام واللامبالاة من الآخرين الذين بلا ردة فعل حقيقية لما يجري من أهوال في المنطقة.