التناغم الأمريكي السعودي وتعاونهما والفكر التدميري… هل يبرره تباين الآراء؟
في عالم السياسة كما في كل عالم، التباين في وجهات النظر أمر مشروع، لكن أن يتحول التباين إلى مؤامرة ضد الشعوب وحكوماتها فهو ما لا يمكن اعتباره مشروعاً بأي وجه من الوجوه. هذا ما تترجمه سياسة العائلة الحاكمة في السعودية مضافاً إلى الإعتبارات الأخرى التي تعد عاملاً مؤثراً في سياستها، فالسياسة السعودية لا يمكن فصلها عن الدائرة التي تدور في فلكها، فالمحور الغربي بلا شك له تأثير كبير في قراراتها وهو ما يظهر أحد اشكاله في العدوان على اليمن. في اليمن تغذي السعودية جماعات التدمير، وتطلق أمريكا مشروعها بضرب هذه الجماعات، من جهة أخرى يتحدث المحور الداعم للجماعات عن أن العدوان يأتي لفك الدعم الإيراني الذي يدّعيه محور التدمير عن الشعب اليمني. هذه المقدمة تأتي لطرح مجموعة من الأسئلة المترابطة وبالتحديد حول مجريات الأمور في اليمن والتي تلعب فيه السعودية دوراً متناغماً مع الغرب الأمريكي، فما هو أداء السعودية حيال التباين بينها وسياسات المنطقة؟ خاصة الأداء الظاهر في دعمها لجماعات القاعدة، وهل من تناقض بين السياسة الأمريكية والسعودية بخصوص القاعدة؟ وكيف تنظر أمريكا إلى تحركات السعودية في اليمن؟
التعاون مع الجماعات التدميرية… هل يبرره تباين الآراء
التعاون بين النظام السعودي الحاكم والجماعات التدميرية من جهة وسلطة هادي المنبوذة يمنياً من جهة أخرى أصبح من أوضح الواضحات، وأحد مصاديق هذا التعاون ما يقوم به سلاح الجو السعودي من قصف للمدن اليمنية التي يتواجد فيها الجيش اليمني والتشكيلات الشعبية المساندة له، على الوجه الآخر فإنه يقوم بإنزال السلاح والأعتدة للجماعات التدميرية وسلطة هادي المنبوذة يمنياً في المناطق التي سيطروا عليها، هذا ويعد ارسال الحميقاني لجنيف لحضور المؤتمر حول اليمن خطوة واضحة للإرتباط الوثيق بين هادي والسعودية، فالحميقاني وضعته وزارة الخزانة الأمريكية على لائحة الإرهاب بإعتباره المسؤول الأول عن دعم جماعات التدمير هناك وتأمين المال لها من السعودية. هذا التعاون بينهما يأتي بحجة السعودية المزعومة تدخل ايران في اليمن، هذا الإدعاء وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل عليه حتى الآن لا من قبل السعودية ولا الغرب الحامي لها فإنه يصبح فاقداً للإعتبار، ويحتم البحث عن الأسباب الحقيقية التي ولّدت هذا العدوان، الذي جاء بأوامر غربية لضرب الإرادة الشعبية في اليمن. وبغض النظر عن الإدعاء السعودي والحجج المطروحة يبقى السؤال الأهم، هل يبرر التباينُ التعاونَ مع جماعات التدمير؟
جماعات التدمير هي بنظر الجميع حتى أولئك الداعمين لها بأنها جماعات لا شرعية وجودية لها سواء بفكرها أو أدائها، فهي فاقدة للمشروع والإرادة، عملها تخريب البلدان وتدميرها، وأعمالها في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وغيرها من البلدان خير دليل، من هنا يظهر التناقض، فإذا كانت السعودية والغرب الحامي لفكرها يدعي أن سبب تدخله في اليمن وغيرها من البلدان يأتي بسبب التدخل الإيراني الذي يرون فيه خطراً على هذه البلدان، فكيف يُفسّرُ الدعم والتعاون بين السعودية وغربها الحامي مع جماعات التدمير والتخريب؟ ألا يُعدُ هذا التعاون والتنسيق تدخلاً مدمراً لبلدان المنطقة بما فيها اليمن؟ وألا تكون السعودية والغرب الحامي لها شريكة التدمير بل وصانعته؟
كيف تنظر أمريكا لتحركات السعودية في اليمن؟
الدعم الذي تقدمه السعودية لجماعات التدمير والتخريب في اليمن، ولّد بحسب الزعم الأمريكي حاجة أمريكية وضرورة لتحريك طائراتها من دون طيار فوق الأراضي اليمنية بهدف ضرب جماعات التدمير التي ترى فيها خطراً متصاعداً، وبالتالي فالسعودية ترسل السلاح للجماعات التخريبية من جهة وأمريكا تراقب تحركهم وتقصفهم من جهة أخرى، فهل من تناقض بين التحرك السعودي في اليمن والرؤية الأمريكية لهذا التحرك؟ وهل أن السعودية تتحرك في اليمن أو غيرها من الأماكن بعيدةً عن الضوء الأخضر الأمريكي؟
وقائع الأرض تشير إلى أن ظاهر التناقض في التحرك الأمريكي والسعودي داخل اليمن هو تناغم وتنسيق في العمل، فالسعودية ترى في جماعات التخريب والتدمير فرصتها ولعلها الأخيرة لضرب أي تحرك شعبي مستقل في المنطقة من شأنه أن يولد إرادة جدية نحو التغيير، خاصةً بعد موجة التحركات الشعبية الأخيرة، والسعودية ترى في ذلك طريقها إلى حفظ نظام حكمها العائلي، وهذا هو ما يفسر التحرك السعودي وعدوانها على الشعب اليمني ودعمها للجماعات التدميرية التخريبية فيه وإرسال السلاح لهم وضرب الجيش اليمني والتشكيلات الشعبية المساندة له، من جهة أخرى فإن أمريكا وحلفها الغربي يرى في جماعات التدمير التي صنعتها وسيلتها لخلق جو مشحون يؤدي إلى تهيئة الأجواء لإحداث تقسيم مناطقي يُسهّل على أمريكا إعادة فرض هيبتها، فصحيح أن أمريكا أوجدت الكيان الإسرائيلي في المنطقة للقضاء على أي فرصة للإتحاد والإزدهار لكن بعد أن وجدت في التشكيلات الشعبية المقاومة التي صنعت محوراً لها، عاملاً مناقضاً لفكرها الإستعماري ومضعفاً من وظيفة وأداء الكيان، لجأت إلى شبيه الكيان والذي تَمثّل بالجماعات التخريبية، بالإنطلاق من هذه الرؤية يأتي دور الغرب الإستعماري وعلى رأسه أمريكا، فأمريكا ترى في السعودية منبع الدعم المادي والفكري والعسكري للجماعات، ليأتي دورها برسم حدود لهذه الجماعات يفصلها عن الحركات الشعبية من خلال طائراتها من دون طيار وبالتالي تهيئة الأرضية لمخطط التقسيم.