فاجعة منى .. ملاحقة حقوقية أم تحقيق دولي
تقول العالمة الاقتصادية الهندية الحاصلة على جائزة نوبل آمارتياصن في كتابها “التنمية حرية” ان نشر الحرية يعتبر التنمية بعينها ولايمكن التكلم عن تقدم التنمية على الحرية أو العكس، وتعتقد آمارتياصن ان الحريات السياسية تؤدي الى تحسين الاوضاع الاقتصادية الى حد كبير وتمنع المجاعة والفساد كما يحصل في الهند الآن حيث لاوجود للمجاعة رغم التعداد السكاني الكبير والضعف الاقتصادي، وتضيف آمارتياصن ان الديمقراطية هي التي تمنع حدوث الكارثة لأنها تجبر المسؤولين الرسميين على التحلي بالمسؤولية قبل حدوث الكارثة وتمنع عدم الكفاءة، ومن هنا يريد كاتب هذا المقال ان يتطرق الى موضوع الفاجعة التي حصلت في مشعر منى وتقديم دراسة حقوقية مبسطة تثبت علاقة ديكتاتورية حكم آل سعود بحدوث هذه الفاجعة.
ان ابعاد فاجعة منى لم تتكشف حتى الآن لكن التحليلات المنشورة حتى الساعة حول هذه الفاجعة تفيد بأن الحكومة السعودية كانت هي المسؤولة عن حفظ أمن وسلامة الحجاج من الناحية الحقوقية وان تقاعس هذه الحكومة عن القيام بواجباتها يحملها مسؤولية دولية لأن النظام الامني والاستبدادي السعودي قد منع الاستفادة من الامكانيات والكفاءات الطبية لباقي الدول وهذا ما زاد من عمق الفاجعة .
ان السلطات السعودية التي فقدت مكانتها لاتعتبر نفسها مسؤولة امام اية جهة داخلية او خارجية وان فقدان الديمقراطية في هذا البلد لايسمح بطرح موضوع عدم كفاءة النظام السعودي ولذلك يتزايد احتمال حدوث الكوارث وحتى الجرائم بشكل كبير ويتم تبريره بالقضاء والقدر وحتى تجاهل الامر وارسال رسائل تهنئة بمناسبة انتهاء موسم الحج.
ان ما ذكرناه حتى الآن كان يخص الشأن الداخلي السعودي لكن عندما يتعلق الأمر بحقوق الاطراف الخارجية والدول الاجنبية فإن القضية تصبح دولية ولذلك نجد أن العديد من الاطراف باتت تطرح الآن قضية الادارة الدولية لشؤون الحج، ورغم ذلك فإن النظام الحقوقي والسياسي الدولي لا يسمح بحدوث تغيير في هذا الشأن دون موافقة السلطات السعودية.
صحيح ان طرح موضوع الادارة الدولية لمراسم الحج يظهر تشتت الدول الاسلامية لكنه ايضا ينتقص من المكانة الدولية للسعودية المتدنية في الاساس، ومن المستبعد ان ترضخ السعودية لمثل هذا الامر الا اذا تشكل ائتلاف من الدول الاسلامية وحصلت مفاوضات داخل منظمة المؤتمر الاسلامي.
ان المقترح الجدي الذي يمكن ان يهتم به الجهاز الدبلوماسي الايراني هو ايجاد لجنة تحقيق دولية تحت اشراف الامم المتحدة او منظمة التعاون الاسلامي حيث يمكن ان تشكل نتيجة هذا التحقيق فرصة جديدة لتحسين عملية الاشراف على مراسم الحج.
ان النظام السياسي الاستبدادي الحاكم في السعودية لايترك مجالا امام امكانية اجراء تحقيق داخلي منصف وهنا يمكن القول ان الاستبداد يؤدي الى عدم الكفاءة وان عدم الكفاءة يؤدي الى حدوث فاجعة وان الفاجعة تؤدي الى التدخل الدولي.
وكان يمكن لتشكيل لجنة تحقيق ان يؤدي الى عقد محكمة خاصة لاجراء محاكمة منصفة لمن تسبب بحاثة منى كما حدث في ملف اغتيال رفيق الحريري، ويمكن طرح هذه المسالة الآن في وقت يجتمع فيه قادة الدول الاسلامية في نيويورك للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة حيث هناك ٣ اعضاء في مجلس الامن هم من الدول الاسلامية وهم ماليزيا ونيجيريا والاردن ولذلك يمكن طرح هذه القضية في مجلس الامن الدولي.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق