حزب الله.. الإرتقاء إلى دور إقليمي فاعل
لم يعد خافياً دور حزب الله الإستراتيجي في محور المقاومة، فمع دخوله إلى جانب الجيش السوري في مواجهة الجماعات التكفيرية التي شكّلت تهديداً للقرى اللبنانية المحاذية للحدود السورية، بات حزب الله حركة إقليمية تتواجد حيث تقتضي الحاجة، وهو الأمر نفسه الذي دفع بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للإعلان في 16 فبراير/شباط الماضي، عن وجود عناصر تابعين للحزب يقومون بتدريب القوات العراقية لقتال تنظيم داعش الإرهابي في العراق.
اليوم وبعد تدخل القطب الروسي في الأزمة السورية إلى جانب الجيش والحزب في مواجهة الجماعات التكفيرية، نقلت وكالة رويترز عن مصادر لبنانية وصفتها بأنها مطلعة على الوضع قولها إن مئات من القوات الإيرانية البرية وصلت إلى سوريا منذ حوالي عشرة أيام للمشاركة في عملية برية شمال البلاد، وأضافت أن حزب الله اللبناني يستعد هو الآخر للمشاركة في هذه العملية. وأضاف المصدر “إنّ العملية البرية التي سيقوم بها الجيش السوري وحلفاؤه ستواكبها غارات يشنها الطيران الروسي”.
بصرف النظر عن صحة هذه المعلومات ومدى دقتها، إلا أن الحديث عن حزب الله بهذا الزخم في صراع عالمي ضد الجماعات التكفيرية، يؤكد دور حزب الله الإستراتيجي، ليس على المستوى اللبناني فحسب، بل على المستوى الإقليمي. وقد أثبتت معارك السنوات الماضية قدرة حزب الله على التعامل بحنكة مع الجماعات التكفيرية وقدرته على توجيه ضربات قاضية لها في أوقات قياسية لو أراد ذلك، كما حصل في القصير مع العلم أن الحزب أعلن في العديد من المعارك الأخرى كالزبداني إستخدامه لسياسة النفس الطويل، لذلك فإن مشاركة حزب الله مع الجيش السوري في العملية البرية بمؤازرة الطيران الروسي، ستؤثر بشكل كبير على المعادلة الميدانية. ولو صحت هذه المعلومات فإننا أمام دور أكبر لحزب الله في محور المقاومة الذي سيسجل بمؤازرة الحليف الروسي إنتصاراً جديداً على تنظيم داعش الإرهابي، بعد فشل التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
لم يقتصر الدور الإقليمي لحزب الله على لبنان وسوريا، بل انتقل إلی العراق أيضاً، والحديث بالأمس في الصحافة العراقية يؤكد إقليمية الدور. فقد نُقل عن مصدر مطلع في الامانة العامة لحزب الله قوله، ان السيد حسن نصر الله ينوي زيارة العراق على اثر التطورات الجديدة في المنطقة ودخول روسيا في الصراع المباشر ضد التنظيمات الارهابية وتشكيل غرفة عمليات بغداد الاستخباراتية .واضاف المصدر ان سماحة السيد نصر الله سيزور بغداد في وقت قريب حاملا معه عددا من الاقتراحات ابرزها دخول لبنان الى الحلف باعتبارها طرفا رئيسيا في الصراع واحد المتضررين من خطر انتشار العصابات الارهابية في المنطقة. فيما سيطرح سماحته عرضا باشراك حزب الله في مركز تبادل المعلومات ومساهمته في توفيرها وذلك لخبرته بنقاط القوة والضعف لهذه التنظيمات بعد سنوات القتال التي خاضها الحزب ضد هذه العصابات .
إلا أن دور حزب الله الإقليمي، كما أنه لم يرق للكيان الإسرائيلي وأمريكا التي أعلنت حربا علنية على مصادر تمويل الحزب، أثار إمتعاض السعودية التي وجدت فيه سداً منيعاً لمشاريعها في سوريا، والعراق، وربما اليمن فيما بعد. حزب الله الذي أوضح لصحيفة الأخبار اللبنانية أن الرياض وحلفائها يشنون حملة شرسة على الحزب، لم يعر أي إهتمام للإمتعاض السعودي من دوره الإقليمي ووقوفه أمام مشاريعها في سوريا والعراق واليمن، بل عمد مؤخراً على لسان أمينه العام السيد نصرالله إلى تحميل السعودية المسؤولية الكاملة عن فاجعة منى التي أودت بحياة آلاف الحجاج، رغم أن العديد من الدول رفضت تحميل السعودية مسؤولية الحادث، وفي أحسن الاحوال إلتزمت بالصمت حيال دماء آلاف المسلمين في منى والحرم المكي.
يتضح أن دور حزب الله سواء على المستوى الداخلي في مواجهته مع تيار المستقبل، أو على الصعيد الإقليمي سواءً في سوريا أو العراق أو اليمن، أو حتى الكيان الإسرائيلي، أفشل المخططات السعودية التي تحدثت منذ سنوات عن “أيام قليلة لنظام (الرئيس) الأسد”، فأين السعودية اليوم في المعادلة الإقليمية، وأين حزب الله؟
النقطة الأهم التي تقف وراء إقليمية الدور لحزب الله في المنطقة، فضلاً عن دوره الرئيسي في محور المقاومة، هي حكمته وصوابية موقفه في الأزمة السورية، حيث يمكننا القول إن الجميع، وبعد مرور ثلاث سنوات، إقتنع بصوابية قرار حزب الله ازاء التدخل في الأزمة السورية.
في الخلاصة، سعت العديد من الدول الغربية والعربية للإستفادة من الجماعات التكفيرية بغية القضاء على محور المقاومة عبر ضرب الحلقة السورية، بعد فشلهم في العام 2006 بكسر حلقته اللبنانية، إلا أن تكاتف هذا المحور، وصوابية قراراته التي تُتخذ على أساس الفرص والتهديدات، لم تكتف بإفشال المخطط فحسب، بل ساهمت في تقوية اللحمة بين أعضائه، وجعلت العراق شريكا قويا لهذا المحور، وربما يكون اليمن كذلك في المستقبل القريب، كما أن المتغير الأبرز هو إنتقال حزب الله من دوره اللبناني، إلى دور إقليمي بارز يصعب على العديد من دول المنطقة إنجازه.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق