التحديث الاخير بتاريخ|الإثنين, ديسمبر 23, 2024

الدب الروسي يدمّر مواقع تنظيم داعش الإرهابي في سوريا ويقول لأمريكا: الأمر لي! 

الأمر لي. قالتها روسيا لأمريكا بوضوح، ومضت بخطوات ثابتة دون أن يعرقل مسيرها أحدٌ في هذا العالم حتى أمريكا التي كانت الآمر الناهي في المنطقة، فهي قد أيقنت واقتنعت على مضض بأنّ يدها لم تعد مطلقة في هذا العالم، والتفرد في تقرير مصير شعوب المنطقة وبلدانها أصبح من الماضي. بل إنّ الأحادية القطبية قد كُسرت والتحوّل الإستراتيجي في سياسات امريكا الشرق أوسطية بدأ يُرجّح تنامي النفوذ الروسي رغماً عنها.

وتتسارع الأحداث والتطورات خاصةً في الميدان السوري حيث ترسل روسيا من خلال حراكها العسكري رسائل متعددة الإتجاهات إقليمياً ودولياً. فبعد أن فوض مجلس الاتحاد الروسي الأربعاء وبالإجماع الرئيس فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة الروسية خارج أراضي البلاد، قررت وزارة الدفاع إشراك سفن الإنزال البحري للردّ السريع، المنتشرة في مياه المتوسط في العملية الجوية الروسية في سوريا، لحماية المنشآت العسكرية الروسية في طرطوس واللاذقية. ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية عن مصدر عسكري أن قوات أسطول البحر الأسود ستكون في مقدمة القوات المشاركة في هذه العملية بما يخدم حماية نقطة الدعم الفني والإسناد في طرطوس والقاعدة الجوية المؤقتة في اللاذقية.

وكشف المعلومات أنه سيتم كذلك إلحاق قوات خاصة بمشاة البحرية إضافة إلى قوات تابعة لفرقة الإنزال الجوي الجبلية السابعة. وعبرت بارجتان حربيتان روسيتان مضائق البحر الأسود في طريقهما إلى البحر المتوسط. وأعلنت وزارة الدفاع أن أكثر من 50 طائرة ومروحية تشارك ضمن العملية العسكرية الروسية ضد داعش في سوريا. وأكدت المصادر الرسمية الروسية أن العملية العسكرية ستتم بالتنسيق مع الجيش السوري بما يخدم استهداف مواقع “داعش” ونقاط اتصاله ومستودعاته، وخلال إطلاق الجيش السوري عملياته ضد التنظيم.

وفيما يتعلق بالأهداف والأسلحة المستخدمة في حربه على داعش، يستخدم الجيش الروسي في عملياته العسكرية ضد الارهاب في سوريا، طائرات روسية متطورة بينها سوخوي اربعة وعشرون، خمسة وعشرون، ثلاثون واربعة وثلاثون وعدداً من الحوامات الهجومية من طراز مي – هايند اربعة وعشرون. إضافة الى سفن الإنزال البحري للرد السريع المنتشرة في المتوسط التي ستشارك في العمليات، هذا عدا عن الطائرات المسيرة والرادارات اضافة الى المعلومات الواردة من الأقمار الصناعية الروسية، التي تؤمن دائرة واسعة من الأهداف ومواقع المسلحين.

وانطلاقاً من القناعة الروسية التي أعلنها الرئيس بوتين بأنّه لا فرق بين داعش ومجموعات المعارضة المسلحة، فقد استهدفت الطائرات الروسية في بدء العمليات العسكرية مدينتي تلبيسة والرستن في ريف حمص الشمالي وبلدتي الزعفرانة ودير فول، حيث تفرض جبهة النصرة وحركة أحرار الشام سيطرتهما. اما في حماة، فقد طاول القصف مستودعا للأسلحة في بلدة اللطامنة، يعود لـجيش العزة المحسوب على الجيش الحر الذي يتلقى دعماً عربياً وأمريكياً. كذلك تم تدمير اربعة مواقع لتنظيم داعش الإرهابي ليلة الاربعاء الخميس منها مقر قيادة ومخزن اسلحة في منطقة ادلب وكذلك تدمير مشغلٍ لصنع السيارات المفخخة في شمال حمص ومركز قيادة في منطقة حماة. وتوالت الغارات في اليوم الثاني، حيث نفذت الطائرات الروسية عشرات الطلعات الجوية وما يقارب مئة غارة استهدف العشرات منها معاقل جيش الفتح في جسر الشغور وجبل الزاوية في ريف ادلب واهدافاً للجماعات المسلحة بينها مقار ومخازن اسلحة في قرية الحواش عند سفح جبل الزاوية بريف حماة الغربي. وأكدت معلومات عن تمهيد لعمليات برية سيشنها الجيش السوري وحلفاؤه بالتنسيق مع الروس على أكثر من محور.

وتستمر الطلعات الجوية الروسية في سوريا بوتيرة متصاعدة حيث تركزت خارج المناطق المأهولة بالسكان ونفّذت المقاتلات الروسية عشرات الغارات الجوية على معاقل “جيش الفتح” والمجموعات المسلحة الأخرى في أرياف اللاذقية وحمص وحماة. وحيث يتواجد المقاتلون الشيشان والتركستان والطاجيك ويشكلون رأس الحربة للعمليات العسكرية في الشمال، يستبق الطيران الروسيّ ضربها قبل تمدّدها الى تخوم روسيا نفسها في آسيا الوسطى وفي الجمهوريات التي تحاول هذه الجماعات استنهاض حرب جهادية فيها ضدّ موسكو بعد دمشق.

ويهدف الحشد الجويّ الكبير في مطار حميميم لتحقيق انتصارات بأسرع وقت ممكن وتغيير معادلة الميدان وارسال رسائل واضحة الى رعاة جيش الفتح وغيره أنّ السماء السورية ليست آمنة لهم وأن جيش الفتح سيكون هدفاً لعمليات مطار حميميم.

إنّ هذا الإقتحام الذي تقوم به روسيا لميدان الحرب على الإرهاب في سوريا يأتي في ظل وجود التحالف الدولي بقيادة أمريكا. فقد رأى بعض المحلّلين أنّ التنسيق الذي يُعلن عنه عبر الإعلام ليس إلاّ إجراءً شكلياً تقوم به روسيا تجاه أمريكا التي لا تستطيع تحريك أي ساكن في مقابل العملية الروسية، بالرغم من تعارض الرؤى والإستراتيجيات حول مستقبل سوريا. فروسيا تسعى لدعم النظام وبقاء الدولة السورية القوية، بينما ترى أمريكا في تفتيت سوريا فرصةً لتنفيذ مشروع التقسيم الذي تسعى إليه.

وتؤكد روسيا في كل محطة من عمليتها العسكرية أنّ التعاون والتنسيق مع الحكومة والجيش السوري أمرٌ أساسي، فقد أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن القوات الجوية الروسية تحدد أهدافها في سوريا بالتنسيق مع القوات السورية، مشيراً إلى وجود قائمة بالتنظيمات الإرهابية المستهدفة. وقال بيسكوف للصحفيين: “إنه من السابق لأوانه الحديث عن تقييم عملية القوات الجوية الروسية. وفي السياق، أفادت وزارة الدفاع الروسية الخميس بوضع فوج أنظمة صواريخ “توبول” في حالة جهوزية قتالية كاملة أثناء التدريبات الجارية في الدائرة العسكرية المركزية الروسية. وقال ممثل المكتب الصحفي للوزارة العقيد إيغور يغوروف إنه تم وضع فوج صاروخي آخر وكذلك الوحدات الخاصة بالتأمين والحراسة في أعلى درجة من الجهوزية القتالية. وستقوم بمسيرة ليلية طولها 50 كيلومترا نحو موقع الفوج الصاروخي. وأضاف “من المخطط أن يجري التدريب على تنفيذ قائمة واسعة من المهام بما في ذلك ما يتعلق بالوضع في درجات عليا من التأهب القتالي والقيام بمناورات على الطرق الدورية القتالية وكذلك مواجهة تشكيلات تخريبية وتنفيذ ضربات باستخدام أسلحة عالية الدقة على يد عدو محتمل وتنفيذ مهام تدريبية في ظروف ضغوط نشطة ممارسة من خلال إذاعة إلكترونية وأعمال نشطة للعدو في مناطق تواجد القوات”.

روسيا ماضية في عمليتها العسكرية وتسعى لتحقيق أهدافها في أسرع وقت ممكن، والميدان هو الفصل. والتصاعد في العمليات العسكرية والحشد النوعي الروسي ينبئ بتغيرات ميدانية مهمة ستقلب المشهد لصالح الجيش السوري وحلفائه. وأمريكا تتفرج وتصريحاتها لا تظهر إستعدادها للوقوف في وجه الدبّ الروسي، لكن أمريكا بالرغم من إقرار وزير خارجيته جون كيري في العام 2013 أن بلاده قرَّرت الإستدارة وتعديل سياستها في الشرق، سوف تسعى لتقليل خسائرها والحفاظ على بعض مصالحها عند أي تسوية مقبلة، بالرغم من الخسائر الكبيرة التي ستلحق بأدواتها الذين خططوا سنوات لتدمير وتفتيت سوريا. فهل هناك أهداف أخرى للتدخل العسكري الروسي آتية بعد الحرب على تنظيم داعش الإرهابي؟

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق