التحديث الاخير بتاريخ|السبت, نوفمبر 16, 2024

السعودية تطرق الباب الروسي عبر زيارة ملكية 

تميزت العلاقات الثنائية بين موسكو و الرياض عبر التاريخ بشيء من الفتور منذ ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي الذي سرع انهياره مقاومة عنيفة شهدتها الساحة الأفغانية كان بطلها جماعات متطرفة تحمل الفكر الوهابي السعودي المنشأ، و تتسلح بعتاد أمريكي مدفوع التكلفة من مال النفط الوافر في الصحراء السعودية. و بقي الفتور السمة الأبرز للعلاقات بين البلدين، فالسعودية العاتبة على سياسة أوباما الخارجية لم و لن تخرج من الفلك الأمريكي بسهولة و لكنها أيضا تريد أن تضمن لنفسها مقعدا بين الدول المؤثرة في المنطقة لذا وجدت أنه لا بد من اعادة مد الجسور مع روسيا لما لها من دور رئيسي في رسم الخريطة السياسية الجديدة في المنطقة.

دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملك السعودية لزيارة موسكو خلال اتصال هاتفي جرى بين الاثنين في نيسان من العام الحالي، تلاها زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حزيران حيث التقى ببوتين في بطرسبرغ و جرى توقيع العديد من الاتفاقيات و الاتفاق على تطوير العلاقات، و أكد بن سلمان في نهاية الزيارة على نية الملك السعودي تلبية الدعوة الروسية قريبا. و في مطلع الأسبوع الحالي أعلن السفير السعودي في موسكو عبد الرحمن بن إبراهيم بن علي الرسي، لوكالة «سبوتنيك»، أن زيارة الملك سلمان إلى موسكو ستكون قريبة جداً، مشيراً إلى رغبة الرياض بإقامة علاقات إستراتيجية بين البلدين.

و رغم أن الدعوة أتت منذ مدة ليست بالقصيرة و أن نية تلبية الدعوة الروسية ليست بجديدة الا أن الاعلان الآن عن قرب موعد الزيارة في ظل الوضع المستجد في المنطقة و الذي فرضه الحضور الروسي الميداني في سوريا و الحديث عن امكانية توسع رقعة العمليات لتشمل العراق لضرب الجماعات التي أرادت السعودية من خلالها اسقاط النظامين السوري و العراقي.

أولا يمكن الحديث عن القلق السعودي من دخول الروس الى الميدان السوري بعد حوالي الخمس سنوات من تسليح الارهابيين و صرف المبالغ الطائلة لدعمهم اللوجستي و الفكري و العقائدي، من دون تحقيق مشروع اسقاط النظام، و بطبيعة الحال فان الادارة السعودية عاجزة بموازين القوى عن منع التدخل الروسي في سوريا لذا فأضعف الايمان بالنسبة لها أن تكون على معرفة بماذا يفكر الدب الروسي و ما هي خططه المستقبلية و حدود ضرباته لكي تلعب خطوتها التالية بأقل الخسائر الممكنة.

ثانيا من مصلحة السعودية الآن تقوية علاقاتها مع روسيا بعد المستجدات التي حصلت و التي لم تراعي فيها أمريكا مصلحة السعودية كما حصل ابان ما يسمى بالربيع العربي حيث طلبت السعودية من أمريكا حماية نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك و هذا ما لم تلبيه أمريكا التي كان لها مخطط آخر، اضافة الى الاتفاق النووي مع ايران و الذي ترى فيه السعودية فوزا للدبلوماسية الايرانية بعد أن كانت تتطلع الى ضربة عسكرية أمريكية اسرائيلية تبقيها على رأس الدول المتحكمة في المنطقة و العالم الاسلامي.

و لا شك أن الروس لن يغلقوا الباب على هذا الانفتاح خصوصا و أن السعودية تتحكم الى حد كبير بأسعار النفط العالمية، اشارة الى أن السعودية كانت قد خفضت سعر برميل النفط أكثر من النصف للضغط على روسيا و خنق اقتصادها أكثر الى جانب العقوبات التي فرضتها أمريكا و الاتحاد الأوروبي. اضافة الى الاتفاقيات التي يمكن عقدها لرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين و الذي لا يزال متواضعا حتى اليوم.

ثالثا يتحدث البعض عن امكانية المقايضة مع روسيا حيث تسحب السعودية يدها من الملف السوري و توقف دعمها للمجموعات التكفيرية بعد أن رأت أن اسقاط النظام ليس بالأمر اليسير، و تتحكم بالملف اليمني الذي يبدو أنه ذاهب نحو المزيد من التصعيد.

لا يمكن حصر أهداف الزيارة المرتقبة الى روسيا لتعدد الملفات الشائكة في المنطقة، الا أنها بالطبع زيارة بالغة الأهمية من حيث التوقيت، و ما يزيد من أهميتها أن الملك السعودي سيأتي بنفسه طارقا الباب الروسي، و بانتظار حصول اللقاء تساؤلات كثيرة عن مستقبل المنطقة فی ظل الأحداث المتسارعة و المعادلات المتقلبة.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق