التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

المغامرات العسكرية والأمنية لدولة الإمارات في المنطقة.. الأهداف والتداعيات 

عُرفت دولة الإمارات العربية المتحدة على مدى العقود الماضية بأنها ذات ميول اقتصادية جعلتها تحظى باهتمام الكثير من رجال الاعمال للاستثمار في أراضيها في مختلف المجالات لاسيما في القطاع السياحي، لكنها دخلت في السنوات الأخيرة بمغامرات عسكرية وأمنية متعددة لمواكبة المتغيرات الجيوستراتيجية التي شهدتها وتشهدها المنطقة.

والسؤال الذي يبحث عن أجابة هو: لماذا غيّرت الإمارات اهتمامها بشكل ملحوظ إلى الجانبين الأمني والعسكري في السنوات الأخيرة، وما التداعيات المحتملة لهذا التغير؟!

نبذة تاريخية:

في عام 2011 انضمت الإمارات إلى التحالف الغربي لفرض منطقة حظر جوي على ليبيا في اطار عملية عسكرية واسعة انتهت بسقوط نظام معمر القذافي. كما شاركت في الآونة الاخيرة بإدارة غرفة عمليات عسكرية في مدينة الزنتان لتقديم المشورة والدعم المالي واللوجستي للقائد العام للجيش الليبي الجنرال خليفة حفتر.

وخلال الأعوام الماضية شاركت الإمارات أيضاً إلى جانب القوات السعودية في اطار ما يسمى “درع الجزيرة” بقمع التظاهرات الشعبية المطالبة بالاصلاحات السياسية في البحرين.

ومنذ أكثر من ستة أشهر تشارك الإمارات كذلك بدعم السعودية في عدوانها المتواصل على اليمن وقدمت في هذا المجال الكثير من الأسلحة الحديثة والمتطورة إلى التنظيمات الارهابية والجماعات الموالية للرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي بهدف اعادته إلى السلطة في جنوب هذا البلد.

وقبل نحو شهر لقي 45 جندياً إماراتياً مصرعهم في اليمن على يد الجيش واللجان الثورية التابعة لحركة انصار الله في هذا البلد.

وتجدر الاشارة هنا إلى أن دولة الإمارات تأثرت إلى حد ما بتداعيات الثورات الشعبية التي شهدها العالم العربي خلال السنوات الأربع الماضية والتي عرفت باسم “الربيع العربي”، ما دعاها لاتخاذ إجراءات أمنية مشددة ضد رعايا العديد من الدول العربية المتواجدين على أراضيها لاسيما الرعايا المصريين، وأسفرت هذه الاجراءات عن اعتقال وإبعاد الكثير منهم إلى خارج البلاد بتهمة الانتماء إلى حركة الاخوان المسلمين أو التعاون معها.

وخلال العقد الماضي اشترت دولة الإمارات أسلحة متطورة بعشرات المليارات من الدولارات لاسيما من فرنسا وأمريكا شملت مختلف الصنوف البرية والبحرية والجوية. واللافت ان قسماً كبيراً من هذه الأسلحة ذات أغراض هجومية وليست دفاعية، ما يعني أن الإمارات تخطط للعب دور أمني وعسكري أكبر في المستقبل في عموم منطقة الشرق الأوسط بالتعاون مع الدول الغربية والاقليمية الحليفة لها لاسيما أمريكا والسعودية.

هذه التطورات وغيرها أثارت الكثير من علامات الاستفهام لدى المراقبين حول طبيعة الدور العسكري والأمني الذي تعتزم الإمارات الاضطلاع به في المستقبل، لاسيما وانها عمدت مؤخراً إلى تشكيل غرفة عمليات عسكرية منفصلة عن نظيرتها السعودية لمواصلة العدوان على اليمن، ما يشير إلى أن دوراً مستقلاً يُراد للإمارات أن تلعبه في هذا الصدد، بالتنسيق طبعاً مع أمريكا والدول الغربية الأخرى الحليفة لها.

وتشير زيارة ولي عهد إمارة أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية محمد بن زايد الأخيرة إلى واشنطن كذلك الى وجود مساعي حثيثة لإبرام صفقات أخرى لشراء اسلحة حديثة من أمريكا وزيادة التنسيق معها لاسيما في مجال التدريب، ما يدلل على تنامي النزعة العسكرية لدى الإمارات للقيام بدور خاص في رسم الخريطة الأمنية والعسكرية المستقبلية للمنطقة في اطار المشروع الأمريكي المسمى بـ “الشرق الأوسط الكبير أو الجديد” الرامي إلى تقسيم دول هذه المنطقة والهيمنة على مقدراتها ونهب ثرواتها والتحكم بمصير شعوبها.

والسؤال الذي لابد أن يطرحه كل متابع لشؤون المنطقة، هو: ألا تخشى الإمارات من أن تكون لقمة سائغة في فم القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا التي تسعى لفرض هيمنتها العسكرية والاقتصادية والأمنية على المنطقة برمتها والعالم بأسره؟ أم أنها باتت مطمئنة لنوايا واشنطن وحليفاتها الغربيات، ولهذا لم تعد تبالي بوضع كل ما لديها في سلة المنافع الغربية، متوهمة أو متناسية ان الغرب لا يبحث عن أصدقاء بقدر ما يبحث عن مصالح ولا يهمه مستقبل الأنظمة التي تقف إلى جانبه في أوقات معينة إذا ما أقتضت المصلحة إنهاء هذه الأنظمة، كما تفعل الذئاب التي تقترب من قطيع الأغنام لتفترس الأقرب فالأقرب لاشباع نهمها. ولابد أن نشير هنا الى أن الوحوش الضارية عندما تشبع تتنحى جانباً إلى أن يعاودها الجوع والحاجة إلى الشبع مرة أخرى بعكس الوحوش “البشرية” فانها لا تنفك عن افتراس والتهام كل ما يقع في طريقها أو تحت أيديها لأنها لاتدرك معنى الشبع طالما كانت هناك فرصة للانقضاض وابتلاع المزيد من هذه الفرائس والشواهد على ذلك كثيرة قديماً وحديثا، ولكن ما أكثر العبر وأقل الاعتبار.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق