مبادرة قطر لاطلاق حوار ايراني عربي .. خلفيات وأهداف
وصف امير قطر تميم آل ثاني في كلمته امام الجمعية العامة للامم المتحدة ايران بانها دولة جارة هامة في المنطقة معلنا استعداد قطر لبلورة حوار بين ايران والدول العربية قائلا ” إن الخلافات الراهنة بين إيران والدول الخليجية سياسية وليست مذهبية وأن قطر مستعدة لاستضافة حوار على أراضيها بين إيران والدول الخليجية، و أن الخلافات يمكن حلها بالحوار والاتفاق على القواعد التي تنظم العلاقات بين طهران والدول الخليجية على أساس عدم التدخل في الشؤون الداخلية”، معتبرا أن الأوان قد حان لإجراء حوار هادف بين دول متجاورة دون الحاجة لوساطة.
ويأتي حديث امير قطر عن الحوار مع ايران بعد تصريحات مماثلة كان قد ادلى بها مساعد وزير الخارجية الايراني حسين امير عبداللهيان والذي تحدث فيها عن تشكيل منتدى للحوار بمبادرة قطرية وعمانية نهاية الشهر المنصرم لكن هذا الامر لم يتحق.
اما المحللين فانهم يذكرون عدة اسباب لهذه الرغبة والتوجه القطري اهمها محاولة قطر للعب دور في منطقة الشرق الاوسط فهذه الدولة استخدمت منذ عقد ثرواتها وايراداتها الكبيرة من الغاز والنفط وديبلوماسيتها الرياضية والاقتصادية والسياحية لتجاوز حجمها الديمغرافي والسياسي والعسكري الصغير واستطاعت ان تظهر كلاعب فعال ونشط في المنطقة.
ان احد اسباب نجاح قطر هو سعيها الى ایجاد توازن في علاقاتها مع ايران والسعودية، فمراجعة السياسات القطرية خلال السنوات الـ 5 الماضية تظهر ان الدوحة سعت الى حفظ التوازن في علاقاتها مع باقي القوى في الخليج الفارسي وقد ادت هذه الطموحات القطرية حتى الى المواجهة والتوتر مع السعودية في بعض الاحيان لكن الدوحة قد اختارت المماشاة مع السعودية في ملفات اخرى مثل القضية السورية.
وربما يخلق التوتر الموجود بين ايران والسعودية بعض الفرص لقطر لكن هذا التوتر يؤثر سلبا على الخطط القطرية في تنمية قدرات الدوحة وتطورها وبشكل كبير لأن التوتر الشديد الذي يؤدي الى مواجهة ما بين ايران والسعودية يمكن ان يجعل باقي اللاعبين الصغار مثل قطر ضحية لهذه المعركة والمواجهة.
اما الهدف الآخر للقطريين من استضافة هذا الحوار العربي الايراني هو كسب مكانة دولية لقطر وتعزيز قدرات الدوحة على القيام بدور الوسيط بين القوى الاقليمية فعندما ننظر الى سياسة قطر الخارجية خلال السنوات الـ 10 الماضية نجد على سبيل المثال مساهمة قطر في التحالف ضد النظام الليبي السابق وقيام الدوحة بلعب دور الوساطة بين حركتي فتح وحماس في فلسطين بالاضافة الى عمليات الاستثمار الاقتصادي في اوروبا وكل ذلك من اجل رفع مستوى ومكانة القادة القطريين عند باقي الدول.
ورغم وجود نية ورغبة قطرية في اطلاق الحوار الايراني العربي الا ان الخلافات بين ايران والسعودية وكذلك الخلافات الموجودة بين دول مجلس التعاون الخليجي تحول دون تحقيق هذه الرغبة القطرية فتوحيد المواقف بين السعودية والبحرين والامارات من جهة وعمان وقطر والكويت من جهة أخرى يعتبر امرا صعبا خاصة اذا علمنا بحساسية السعوديين ازاء قطر والمبادرات القطرية ومحاولة قطر لجمع ايران والعرب على طاولة واحدة، وربما تكشف الايام القادمة عندما تجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض في دسامبر القادم عن مدى تجاوب هؤلاء مع المبادرة القطرية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق