التحديث الاخير بتاريخ|الجمعة, نوفمبر 15, 2024

أزمة اللاجئين بين المصالح التركية والمخاوف الأوروبية 

أكثر من 1.8 مليون لاجئ سوري في تركيا و 370 ألف لاجئ دخلوا اليونان حتى هذه اللحظة 70 بالمئة منهم سوريون. هي بعضٌ من الإحصائيات الدولية التي تنبئ بحجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها اللاجئون بشكل عام والسوريون منهم بشكل خاص، السوريون الذين ما فتئت دول العالم تتجار بأزمتهم وتستغلها لتحقيق مصالحها، يقفون اليوم على أبواب الاتحاد الأوروبي ينتظرون عالماً أقل خشونة وأكثر أمناً يستطيعون العيش فيه بعد أن ضيَّقَ الإرهاب عليهم بلدهم وقطع أوصالها.

في خِضَّم هذه الأزمة وبينما يلتهم البحر المتوسط مزيداً من اللاجئين يوماً بعد الآخر، تشاهد دول العالم هذه الأزمة بعيون مختلفة؛ حيث ترى كل واحدة من هذه الدول في هذه الأزمة تهديداً يُخشى منه أو مصلحة يجب استغلالها بما يعود عليها بأكبر مقدار من المنفعة والغنيمة.

مخاوفٌ أوروبية:

تنظر جميع دول الاتحاد الأوروبي إلى أزمة اللاجئين بعين الخوف والرهبة، حيث تشكل أعداد اللاجئين الكبيرة التي تدخل الاتحاد الأوروبي يومياً تهديداً حقيقياً لبنية هذه الدول الأمنية والاقتصادية والاجتماعية فمن أهم هذه التهديدات:

1- دخول هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين سيتسبب بضرب الاقتصاد الداخلي للدول المستضيفة الأمر الذي سيرفع من معدلات البطالة وأسعار السلع في هذه الدول.

2- سيتسبب دخول اللاجئين بأزمة اجتماعية كبيرة خصوصاً مع الفوارق الثقافية الموجودة بين السكان الأصليين واللاجئين مما سيعمل على خلق مشكلات أمنية واجتماعية هذه الدول بغنى عنها.

3- هناك احتمال كبير لوجود أعداد لا يستهان بها من أعضاء تنظيم داعش الإرهابي قد دخلوا أوروبا تحت غطاء اللجوء ليقوموا فيما بعد باستهداف دول الاتحاد الأوروبي بشكل مماثل لما حدث في باريس عندما استهدف التنظيم مقر صحيفة “شارلي ايبدو” الفرنسية، هذا الأمر هدد به التنظيم الإرهابي بشكل صريح خلال الفيديوهات التي نشرها والتي توعد خلالها دول أوروبا باستهدافها بهجمات إرهابية كبيرة.

مخاوف الدول الأوروبية هذه شكلت فرصة ذهبية لحكومة أردوغان التركية من أجل استغلالها وممارسة أكبر قدر ممكن من الضغوط على الاتحاد الأوروبي لتحقيق المطالب التركية القديمة منها والحديثة، خصوصاً في ظل الحاجة الأوروبية الماسة للتنسيق مع السلطات التركية لوضع حد لتدفق هؤلاء اللاجئين إلى الحدود الأوروبية، هذا الأمر عبر عنه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي إلمار بروك في تصريحات لصحيفة “فيلت” الألمانية في عددها الصادر یوم الإثنين الماضي والتي قال فيها “يتعين على أردوغان بصفته حليف أن يهتم بإغلاق الحدود من جديد” کما لفت بروك إلى مراعاة الاتحاد الأوروبي للمصالح التركية وحق تركيا في الحصول على الدعم المالي لتحقيق هذا المطلب بقوله: “إنها مسألة علاقة تبادلية.”

ولکن ماذا تريد تركيا من الاتحاد الأووربي لحل أزمة اللاجئين؟

تركيا وعلى لسان رئيسها رجب طيب أردوغان لخصت مطالبها لحل أزمة اللاجئين بثلاثة مطالب رئيسية أولها تدريب وتجهيز القوات “المعتدلة” المعارضة للدولة السورية وهو ما باشرت به أمريكا على حد تعبيره والمطلب الثاني هو إقامة منطقة آمنة على طول الحدود السورية التركية أما المطلب التركي الثالث فيشمل إقامة منطقة حظر جوي. حيث تأتي هذه المطالب الثلاث في سياق التوجه والرغبة التركية لإسقاط الدولة السورية ودعم قوات المعارضة المسلحة بكل ما أوتيت من قوة، مطالب تركية قد تلاقي آذاناً مصغية في الاتحاد الأوروبي حيث أعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك في مؤتمر صحفي جمعه مع الرئيس التركي أن “الاتحاد الاوروبي مستعد لمناقشة كل الموضوعات مع تركيا، وقد تحدثنا تالياً عن إمكان (إقامة) منطقة عازلة في سوریا.”

أوروبا تغازل تركيا:

يسعى القادة الأوروبيون اليوم لنيل رضا القادة الأتراك وحملهم على التعاون معهم فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، هذا الأمر تمثل بما أعلنه الاتحاد الأوروبي عن استعداده لمناقشة جميع المطالب التركية بما فيها “إمكانية إقامة منطقة عازلة على طول الحدود السورية التركية” أو إسراع حلف شمال الأطلسي إلى إدانة والاحتجاج على ما أسماه الانتهاك الروسي للأجواء التركية أو عرض المساعدات المالية على القيادة التركية لمساعدتها على إدارة ملف اللاجئين على حد تعبيرهم. خصوصاً مع تقاطع وجهات النظر التركية والأوروبية على رفض التدخل العسكري الروسي في سوريا والذي يصب في مصلحة الدولة السورية الأمر الذي يثير الهلع عند الإدارة الأردوغانية وهي التي طالما منت النفس بسقوط النظام السوري.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق