استخدام الدین في خدمة خطط مخابرات الدول الغربیة في سوریا
خرجت للعلن منذ أيام إعلان نحو 41 فصيلاً جهادياً سورياً يدور في فلك الاخوان المسلمين والقاعدة، تنادي بالجهاد ضد ما اسمته بالمحتلين لسوريا لا سيما الطرف الروسي. فيما تساءل العديد من الخبراء عن مصلحة المسلمين في ذلك. فماذا في موقف حركة الأخوان؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟
بيان الأخوان وموقفهم من الدور الروسي في مكافحة الإرهاب:
توالت في الأيام القليلة الماضية، دعوات “الجهاد” ضد ما سُمي بالتدخل العسكري الروسي في سوريا حيث وصفت حركة الإخوان المسلمين في مصر ما يحدث في سوريا بمثابة إحتلال روسي إيراني للأراضي السورية بحسب تعبيرها. كما حذرت في بيان لها من ويلات قادمة بسبب ما أسمته أعمال موسكو وحلفاءها العدائية في سوريا. في حين أكدت الحركة موقفها المساند للشعب السوري، ودعمها لما أسمته بالثورة ضد الرئيس الأسد، ورفضها إجراءات تقسيم سوريا برعاية روسيا وحلفائها، بغطاء عربي يقوده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على حد تعبير البيان. وهنا كان من اللافت قيام الحركة بإستخدام لغة التهديد حيث أشارت الى أن ما تقوم به روسيا و ایران يعني “أن تجارب المقاومة في الشيشان وأفغانستان ستتكرر”!.
يأتي ذلك في وقتٍ دعت فيه حركة الإخوان في سوريا الى الجهاد ضد ما سمته ب”الإحتلال الروسي السافر”. واعتبرت أن الجهاد ضد الروس واجبٌ شرعي على كل من يقدر على حمل السلاح قائلة بأن “الوطن أولاً ولا مكان للمصالح الضيقة”. من جانبه، دعا الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الأمة الإسلامية والعربية شعوباً وعلماء وحكاماً لرفض التدخلات الروسية في سوريا. ودعا “لتسليح المعارضة السورية غير المتشددة”، مؤكداً على أنه “لا حل إلا برحيل الأسد الذي يقتل العباد”. ودعا البيان لمقاومة التدخلات الدولية في عالم العربي والإسلامي، وبخاصة في القضية السورية. وأعرب الإتحاد عن أسفه أن “ذلك كله يأتي في نفس الوقت الذي تعلن فيه أنظمة عربية تأييدها لهذه الضربات”، ودعا الإتحاد الدول العربية والإسلامية الى “المطالبة بسرعة بتبنّي قرار أممي يقضي بحظر الطيران فوق الأراضي السورية لقوات بشار الأسد وداعميه من الروس أو غيرهم، وذلك حماية لمن تبقى من الشعب السوري”.
لماذا هذا التناقض وما هي علامات الإستفهام الكثيرة؟
لا شك أن الدعوة لقتال المُحتلين هو من الأمور التي لا نقاش بأنها حقٌ مشروعٌ لأي شعب. لكن فإن معيار تحديد المُحتل، لا بد انه يحتاج للتوضيح. في وقتٍ أصبحت فيه المصالح السياسية معيار التصريحات أو المواقف، وليس المبادئ الثابتة. وهنا نشير للتالي:
– لا داعي للغوص في مناقشة أحقية السياسة الروسية أو الإيرانية تجاه الملف السوري. لكن لا بد أن نُشير الى أن السياسة العملية للطرفين الروسي والإيراني لا تنطلق من الزوايا الضيقة للمصالح، بل تتعداها لما يلامس مصالح شعوب المنطقة والأمن القومي للدولتين. وهو الأمر الذي لا ترتقي بعض الأطراف ومنها حركة الأخوان، لمستوى النقاش حوله.
– لذلك فإن بيانات أو توجهات هذه الحركة، تنطلق من موقف الدول التي تقف وراء دعمها وهي بالتحديد قطر وتركيا. فيما يتساءل العالم بأسره عن مواقف هذه الحركة طوال الفترة السابقة، حين كان الإرهاب الدولي يتصدر الميدان السوري، في حين كانت تركيا بوابته وقطر والسعودية مُمَوِّلاه. وهو الأمر الذي كان في الماضي محل تنافسٍ بين هذه الدول الثلاث الأمر الذي أدى لجعل تجارة الإرهاب الأسلوب الذي حاولت من خلاله هذه الجهات بسط نفوذها في الداخل السوري. لتعود وتجتمع قواهم معاً وتحت مسمى الإرهاب من جديد حين اقتضت المصلحة ذلك، بعد تعاظم نتائج حلف المقاومة في الميدان السوري.
– طلبات الجهاد، تكشف عن دور خفي لجهات ترى في الدخول الروسي على خط الأزمة “خطراً على التنظيمات الجهادية” الممولة من قبل الغرب. ما يثير الاستغراب، ان هؤلاء الدعاة وتلك الجماعات، لم تستدعي اي طلباً لـ “الجهاد” ضد الولايات المتحدة الامريكية ومن معها من العرب الذين بدأوا ما يسمى “تحالفاً عسكرياً لضرب داعش” إحتفل في عيد ميلاده الأول في شهر آب الماضي، وهذا ما يطرح إستغلال الدين من أجل السياسية وسياسة المحاور التي تديرها المخابرات الامريكية.
خلاصة القول لا شك بأن الجهاد ضد المُحتل هو من المُسلَّمات لدى لمسلمين. لكن هذه الفتاوى أصبحت في خدمة مصالح الدول وفي مقدمتها آمریکا و قطر والسعودية و تركيا التي لم تتفق يوماً على ما يخدم مصلحة الأمة الإسلامة.
المصدر / الوقت