ما هي الأدلة الدامغة لإتهام السعودية في كارثة منی؟
يوما بعد يوم، باتت تتضح المزيد من التفاصيل حول المسببات الرئيسية التي أدت الی كارثة منی، التي اودت بارواح الآلاف من حجاج بيت الله الحرام في الأراضي المقدسة، دون أن توافق السلطات السعودية حتی الیوم وبعد مضي ما يقارب الاسبوعين علی هذا الحادث المأساوي، علی إصدار تقرير رسمي حول أعداد الضحايا الذين لقوا حتفهم في هذه الكارثة والأسباب التي ادت الی هذا المصاب. التفاصيل الجديدة تشير وبكل وضوح ودون أي ملابسات الی أن مسؤولي الحج السعوديين، لم يؤدوا ما علیهم من مسؤوليات تجاه ضيوف الرحمن الذين قدموا من مختلف دول المعمورة الی السعودية لأداء مناسك الحج الإبراهيمي. وبعد ثبوت عدم قيام السعوديين بواجباتهم في هذا العام للحفاظ علی أرواح حجاج بيت الله الحرام، بات من الواجب جدا علی الرياض أن تقدم مشروعا متكاملا لضمان عدم تكرار حادث منی خلال الأعوام القادمة، فكيف يمكن الحصول علی هذه الضمانات من قبل السعوديين، بعد أن ثبت قصورهم في وقوع هذه الكارثة المأساوية.
اُتهمت السعودية من قبل العديد من الدول الإسلامية في هذا العام بأنها أخفقت بشكل كبير في تأدية واجباتها تجاه حجاج بيت الله الحرام خلال مناسك الحج الإبراهيمي في الديار المقدسة، ويعزي الكثير من المسلمين هذا الإخفاق السعودي الی إنشغال السعودية بمواصلة الحرب العدوانية علی الشعب الیمنی الأعزل. حيث خلال الايام الاولی من الحج افقنا علی حادث سقوط إحدى الرافعات العملاقة في الحرم المكي علی رؤوس المئات من حجاج بيت الله الحرام، مما أدی هذا الحادث الی مصرع 108 حاجا، فضلا عن جرح المئات من الاخرين.
وما كاد حجاج بيت الله الحرام ليخرجوا من صدمة كارثة سقوط الرافعة علی رؤوسهم، حتی حلّت بهم كارثة رهيبة اخری، أفجعت العالم الإسلامي بأسره، عرفت بكارثة منی، راح ضحيتها ما يقارب الخمسة آلاف من الحجاج وفق إحصائيات غير رسمية في ظل استمرار التكتم السعودي علی أعداد الضحايا الذين فقدوا حياتهم إثر هذه الكارثة الدموية. وبات العالم الإسلامي يتسآئل عن أسباب إهمال سلامة حجاج بيت الله الحرام من قبل السعوديين، دون أن تعترف السعودية لهذا الیوم بقصورها في وقوع كارثة منی، خوفا من معاقبتها من قبل مسلمي العالم، خاصة أسر الآلاف من ضحايا هذه الحادثة.
وفيما يلي يمكن الإشارة الی الأدلة التالیة باعتبارها من أهم الأسباب الرئيسية التي أدت الی كارثة منی:
1) عدم توزيع حجاج بيت الله الحرام بشكل صحيح في الطرقات المؤدية لأداء شعيرة رمي الجمرات.
2) إغلاق شارعي 204 و206 أمام حركة الحجاج دون إعتماد طرق بديلة اخری لإمتصاص تكدّس الحجاج.
3) عدم قيام السلطات السعودية بتوفير أجهزة متطورة لتبريد الأجواء او ايصال الهواء الكافي في مكان تجمع الحجاج أثناء حركتهم في شاع رقم 204.
4) ركون إحدى السيارات التابعة للدفاع المدني في شارع 204 مما أدى ذلك الی تضيق هذا الشارع أمام حركة الحجاج وبعدها حدوث تدافع بينهم.
5) عدم توفر محطات للطوارئ في الطرق المؤدية الی الجمرات لتقديم الإسعافات الأولية.
6) فشل تام من قبل عناصر الدفاع المدني السعودي في تقديم خدمات الإسعاف للمصابين أثناء الساعات الاولي من وقوع الكارثة.
7) عدم قيام السلطات السعودية باجراءات مؤثرة لاخراج المصابين ونقلهم الی المراكز الطبية قبل فوات الأوان.
8) عدم سماح السعودية لطواقم الدول الاخری لاجراء عمليات إغاثة لانقاذ أرواح المصابين.
9) امتناع السعودية عن طلب مساعدات دولية من الدول الاخری لمعرفة هوية أصحاب الأجساد المتوفين، بل عملت الرياض علی عكس ذلك ووضعت الكثير من العراقيل أمام الدول التي أعلنت عن إستعدادها لتقديم المساعدات.
10) التاخير المتعمد في جمع أجساد الضحايا حتی استمرت عملية جمع الأجساد الی الساعة الثانية عشرة ليلا، مما أدی ذلك الی تشوّه كبير في الاجساد، وفي النهاية الی صعوبة بالغة في معرفة هوية الضحايا فيما بعد.
وبالرغم من الاهمال السعودي لشؤون حجاج بيت الله الحرام، هنالك من شكر السعودية علی تنظيمها لمناسك حج هذا العام، أملاً منه بالحصول علی دعمها المالي. رئيس السلطة الفلسطينية «محمود عباس» بالاضافة الی العديد من الملوك والرؤساء العرب كانوا من بين المهنئين للسعودية، رغم الكوارث الدموية غير المسبوقة التي أصابت حجاج بيت الله الحرام في هذا العام!. والعجيب في الأمر أن شيخ الازهر «أحمد الطيب» امتدح ملك السعودية بكل معنى الكلمة متناسيا ضحايا مصر الذين تجاوز عددهم 70 حاجاً. وقال الطيب في اتصال هاتفي مع ملك السعودية الملك «سلمان» إن “جهود المملكة في خدمة الحجيج لا تقبل المزايدة، ولا ينكرها سوى جاحد”، حسب زعمه!. الكثير من المتابعين وصفوا مديح شيخ الازهر لملك السعودية علی أنه يعود الی الدعم المالي الذي تقدمه الرياض لحكومة الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، ولا يلام شيخ الازهر إذا ما امتدح السعودية علی تنظيمها لمناسك الحج، رغم فشلها الذريع في هذا السياق، لأنه فی حال عدم قيامه بمدح السعودية من الوارد جداً أن تواجه الميزانية المصرية مشکلة مالية خلال الأشهر القادمة.
لكن بعيدا عن هذا المدح المذموم، من قبل الزعماء العرب ومن يدور في فلكهم من وعاظ السلاطين، فان الشعوب الإسلامية لها مواقف تختلف بالكامل عن مواقف هؤلاء الزعماء والوعاظ. فالشعوب الإسلامية باتت تطالب باشراك جميع الدول الإسلامية في الاشراف علی تنظيم شؤون الحج وإنهاء التفرد السعودي بهذه المناسك المقدسة لجميع مسلمي العالم. كما هنالك الكثير من النخب في العالم الإسلامي باتت تطالب بالكشف عن حقيقة ما حدث في منی وذلك من خلال تشكيل لجنة دولية، لكشف ملابسات كارثة منی.
ولغرض عدم تكرار كوارث اخری خلال الأعوام القادمة أثناء مناسك الحج، أصبح من الضروري جدا علی السعودية أن تعيد حساباتها في تنظيم مناسك الحج، في شتی المجالات خاصة في مجالات الإغاثة وتوسيع طرقات مرور الحجاج، فضلا عن إتخاذ إجراءات مدروسة فيما يخص أعداد الحجاج الذين يسمح لهم بالمرور من الشوارع المزدحمة لتفادي وقوع تدافعات جديدة خلال الأعوام القادمة.
وفي النهاية يجب علی السعودية أن تقدم اعتذاراً رسمياً لجميع عوائل الضحايا بسبب قصورها في تأدية مناسك الحج وتسببها في ازهاق أرواح الآلاف من الأبرياء فضلا عن معاقبة المسؤولين الذين تسببوا بشكل مباشر في كارثة منی، بالاضافة الی دفع تعويضات لائقة لعوائل الضحايا. والأهم من كل ذلك، بات علی الرياض أن تعي جيداً أنه في حال تكررت حادثة منی في الاعوام القادمة فانه من الوارد جداً أن تشهد مناسك الحج مقاطعة واسعة من قبل الكثير من الدول الإسلامية.
المصدر / الوقت
طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق