التحديث الاخير بتاريخ|الثلاثاء, ديسمبر 24, 2024

كوباني بعد عام من المقاومة .. الجزء الثاني 

لقد كان لمقاومة كوباني امام تنظيم داعش الإرهابي تأثير اقليمي واضح في داخل العراق وتركيا حيث يقول المحللون ان مقاومة كوباني هي التي احدثت تغييرا في سياسات تركيا تجاه سوريا وجعلها اكثر واقعية، فالاتراك كانوا في البداية يمنعون ايصال اي دعم كردي للمدافعين عن كوباني وقد حاصروا هذه البلدة من جهة الحدود التركية واغلقوا الحدود حتى بوجه اللاجئين والفارين من المدنيين وحينها وجهت اتهامات لتركيا بسبب دعمها لداعش وارسال الاسلحة لهذا التنظيم وقد نشرت وثائق تؤكد هذا الامر وهذا ما تسبب بتراجع الاصوات التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية التركية وارتفاع عدد اصوات الحزب الكردي المعارض لاردوغان في تلك الانتخابات كما تصاعدت الخلافات بين حزب الشعوب الديمقراطي وحزب اردوغان.

ان خشية حزب اردوغان من تعزيز مكانة الاكراد في داخل سوريا وسعي الاكراد لتوحيد الكانتونات الكردية الثلاثة الموجودة في سوريا دفعت المسؤولين الاتراك الى وضع قضية السلام مع الاكراد جانبا والقيام بشن هجمات على مواقع حزب العمال الكردستاني وبعد ذلك اعلنت تركيا الانضمام الى التحالف الدولي الذي شكل لمحاربة داعش لكنها قامت ايضا بشن هجمات على اكراد سوريا ما اعتبر استعراضا للقوة من قبل انقرة.

ان فك الطوق عن كوباني وهزيمة داعش وانسحابه دفع تركيا التي تخاف من قيام منطقة ادارة ذاتية للاكراد قرب حدودها الى اطلاق تهديدات ضد اكراد سوريا والاعلان بأنها ستحارب مثل هذا الكيان كيفما كان.

عبور قوات البيشمركة الى كوباني

عندما اشتدت محاصرة كوباني من قبل عناصر داعش قامت قوات البيشمركة الكردية المتواجدة في اقليم كردستان العراق بعبور الحدود نحو تركيا ومن ثم عبور الحدود التركية السورية للوصول الى كوباني وذلك بالتنسيق مع السلطات التركية وبما ان اقليم كردستان يعتبر جزءا من العراق فإن هذه العملية قد زادت من اهمية ومكانة اقليم كردستان في المعادلات الاقليمية وذلك على الرغم من اعتقاد بعض المحللين بأن تحرك سلطات اقليم كردستان العراق جاء نتيجة ضغط مارسته الجماعات الكردية المختلفة على أربيل.

تضامن بعض الحركات الاقليمية مع مقاومة كوباني والاكراد

تسببت مقاومة الاكراد في كوباني المحاصرة والعمليات التي قامت بها الوحدات الكردية المدافعة عن كوباني وخاصة وحدة النساء الكرديات باعادة الحياة مجددا الى بعض التيارات الفيمينية والاشتراكية واليسارية ودبت الحركة مجددا في صفوف بعض المثقفين والجماعات والعناصر المستقلة في دول مختلفة مثل تركيا والعراق وايران وغيرها وازداد نشاط هؤلاء وهكذا توفرت الارضية للتضامن مع كوباني وشهد العالم حينها اجتماعات هؤلاء وتظاهراتهم ومؤتمراتهم وتجمعهم امام السفارات التركية ومكاتب الامم المتحدة بالعالم.

تعزيز حالة التضامن بين الاكراد

ان حالة التضامن والتعاضد التي سادت بين الاكراد الموزعين في دول المنطقة تعتبر احدى نتائج مقاومة كوباني وقد شهدت ايران العديد من الاجتماعات في مختلف المدن تضامن فيها الاكراد الايرانيون مع اكراد كوباني بشكل سلمي للغاية اما في العراق فقد تجلى هذا التضامن في قيام الاكراد بتقديم دعم لوجستي وعسكري للمقاومين في كوباني وتنظيم مؤتمرات دعما لهذه القضية، وفي تركيا تحول تحرك الاكراد الى احتجاج ضد السلطات التي اغلقت الحدود مع كوباني وقد تحول التضامن الى عنف وتظاهرات واشتباكات دامية بين الجيش وقوات الشرطة من جهة والاكراد والاسلاميين من جهة اخرى ما ادى الى سقوط العديد من القتلى وتضرر عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني.

تعزيز حالة الادارة الذاتية الديمقراطية للأكراد

يمكن اعتبار مقاومة كوباني وما تلتها من تطورات نقطة تحول مصيري وهام في مستقبل كردستان سوريا والمناطق الكردية الثلاثة في تركيا وكذلك حالة الادارة الذاتية الديمقراطية للاكراد في هذا البلد وهذا ما كان ينظر إليه زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان من داخل سجنه، ويتجاوز نموذج الحكم هذا نموذج الحكم الرأسمالي كما يتخطى نموذج الحكم الاشتراكي.

ان نماذج الحكم الحالية السائدة في الشرق الاوسط هي الديمقراطية الدينية السائدة في ايران وكذلك الجمهوريات الديمقراطية والانظمة الشمولية العربية والانظمة الملكية والتقليدية لكن أنموذج الحكم الكردي الذي نشأ بعد مقاومة كوباني قدم صورة جديدة عن نظام حكم سياسي اجتماعي يولي اهتماما خاصا بالاقتصاد والمرأة، ان مقاومة كوباني وهزيمة داعش والتقدم الذي أحرزه الاكراد بعد ذلك قوى عزيمة الاكراد في الدفاع عن نموذج الحكم الذي يريدونه.

المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق