التحديث الاخير بتاريخ|الأحد, نوفمبر 17, 2024

رسالة إيران الصاروخية إلى الغرب 

لاقت التجربة الصاروخية الإيرانية الناجحة التي نفذتها قوى الدفاع الجوي الإيرانية الأسبوع الفائت وأعلنت خلالها وزارة الدفاع الإيرانية عن تجربة صاروخ بالستي جديد بعيد المدى حمل اسم “عماد” ردود أفعال متفاوتة حول العالم، وبينما اتسم رد الفعل الفرنسي بالغضب وشدة اللهجة، حرصت الإدارة الأمريكية على اعتماد لهجة مخففة إزاء هذه التجربة.
العاصمة الفرنسية باريس والتي تنتظر زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني الشهر المقبل كانت الأكثر حدة في ردة فعلها على الخطوة الإيرانية حيث رأت فيها “انتهاكاً صارخاً” لقرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصاً القرار ١٩٢٩، بينما عملت واشنطن على اعتماد لهجة مخففة في انتقادها لهذه التجربة، حيث عبرت الخارجية الأمريكية على لسان المتحدث باسمها مارك تونر عن القلق إزاء هذا النشاط واصفة إياه بـ “المثير للقلق العميق”، السفيرة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة سمانثا باور أكدت أن بلادها ستطالب مجلس الأمن بالتحرك بعدما اتضح أن التجربة التي قامت بها ايران في ١١ تشرين الأول/اكتوبر لاختبار صاروخ باليستي تشكل “انتهاكاً واضحاً” لقرار الأمم المتحدة- وفق تعبيرها- سبق ذلك إعلان الناطق باسم البيت الأبيض أن تزامن التجربة الصاروخية الإيرانية مع إقرار الاتفاق النووي في مجلس الشورى الإيراني لا يمكن أن يكون وليد الصدفة.

الإدارة الأمريكية حريصة على عدم إثارة المشاكل مع طهران:
المتابع لردود الفعل الأمريكية تجاه التجربة الصاروخية الإيرانية يلاحظ اتسامها جميعاً بالانضباط وخفة اللهجة، مما يعكس حرص إدارة أوباما على عدم إثارة المشاكل مع الجمهورية الإسلامية، وعدم تعريض الاتفاق النووي معها إلى أي خطر، ظهر هذا جلياً في تأكيد المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية جوش إرنست على ضرورة الفصل بين قضية التجربة الصاروخية والاتفاق النووي الموقع مع طهران في تموز/ يوليو الفائت، كذلك حرص الإدارة الأمريكية على عدم اتخاذ أي خطوة أحادية الطرف تجاه طهران وتأكيدها أنها بصدد إثارة هذا الملف في الأمم المتحدة، الأمر الذي لم يحصل حتى هذه الساعة.
الحزب الجمهوري المعارض للاتفاق النووي مع إيران عبر عن امتعاضه من ردود الفعل الأمريكية تجاه التجربة الصاروخية الإيرانية، حيث طالب النائب الجمهوري “إد رويس” رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي الرئيس الأمريكي باراك أوباما برد فعل سريع إزاء تجربة إيران الصاروخية، ويلاحظ المتابع لردود فعل النواب الجمهوريين سعيهم لربط التجربة الصاروخية الإيرانية بالاتفاق النووي، واعتبار هذه الخطوة الإيرانية خرقاً للاتفاق الموقع مع طهران، الشيء الذي يمهد الطريق أمامهم للتنصل من تبعات هذا الاتفاق والمتمثلة برفع الحصار الاقتصادي عن ايران.

طهران: من حقنا تطوير قدراتنا الدفاعية
في الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤكد طهران الملتزمة بالاتفاق النووي الموقع بينها وبين الأسرة الدولية، على عدم تضمن الاتفاق النووي أي فقرات تحد من قدرات إيران الدفاعية بما في ذلك القدرة الصاروخية، وتقول طهران إن القيود على البرنامج الصاروخي الإيراني جاءت ضمن قرار مجلس الأمن ذي الرقم ١٩٢٩، حيث أعلنت طهران منذ اعتماد هذا القرار عدم اعترافها بشرعية فقرات القرار القاضية بوضع قيود على القدرات الدفاعية الإيرانية وعدم التزامها بتنفيذ هذه الفقرات، البيت الأبيض و في وجهة نظر تتطابق تماماً مع وجهة النظر الإيرانية، اعترف أن التجربة الصاروخية الإيرانية لا تمثل خرقاً للاتفاق النووي مع طهران، ودعا إلى الفصل بينها وبين الاتفاق النووي الموقع مع العاصمة الإيرانية.

رسائل طهران متعددة الأوجه:
لم يكن تزامن تجربة اختبار الصاروخ الباليستي”عماد” بعيد المدى، والمصنع بخبرات إيرانية وإعلان طهران نجاح اختبار إطلاق هذا الصاروخ، وتأكيدها أن هذا الاختبار يعتبر “فقزة تكنولوجية وعملانية في هذا المجال الاستراتيجي” وكشف طهران عن مدينة صاروخية واقعة على عمق ٥٠٠ متر تحت الأرض، وإعلانها امتلاك عشرات المدن الصاروخية الشبيهة بها، لم يكن تزامن هذه الأحداث مع جلسات مجلس الشورى الإسلامي الهادفة إلى وضع اللمسات الأخيرة على قانون يدخل الاتفاق النووي حيز التنفيذ وليد الصدفة، حيث يمكن للمتتبع لهذه التطورات قراءة رسائل واضحة أرادت إيران إيصالها للغرب، حيث تريد إيران من خلال هذه الخطوات التأكيد أن على الغرب معرفة قدرات إيران وطاقاتها وعزمها على تطوير قدراتها الدفاعية، وأن لا يحاول اللعب على وتر الملف الصاروخي الإيراني من أجل التهرب من التزاماته حيال الاتفاق النووي الموقع معها، كما تريد طهران إفهام الغرب أن قبولها بالاتفاق النووي ليس قبولاً بأي قيود على القدرات الدفاعية والصاروخية الإيرانية، كما يمكن قراءة هذه التطورات بمثابة رسالة قوية وواضحة لكل من تسول له نفسه الإعتداء على السيادة الإيرانية؛ بأن لدى إيران القدرة الكافية على قطع أي يد تفكر بالإعتداء عليها، فكما تضع أمريكا والغرب كل الخيارات على الطاولة، فإن إيران لديها خياراتها الخاصة بها والتي متى شاءت وضعتها على الطاولة.
المصدر / الوقت

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق