التحديث الاخير بتاريخ|الأربعاء, ديسمبر 25, 2024

“عاصفة السوخوي” تفرض معادلة جديدة على المسلحين 

لا يزال أداء الفصائل المسلحة، على اختلاف انتماءاتها وارتباطاتها، ضد “عاصفة السوخوي” الروسية، يتسم بالتلقائية والعشوائية وبالافتقار إلى إستراتيجية محددة، واضحة المعالم.
والسبب الرئيس لذلك، هو أن هذه الفصائل باتت ضائعة بين ضرورة الاستجابة للتحديات الميدانية التي يفرضها الجيش السوري عبر إشعاله المتتالي لجبهات قتالية واسعة، والتعاطي يوماً فيوم مع ما يستجد جراء ذلك من تطورات متلاحقة بحسب إمكاناتها المتاحة، وبين الأوامر والتوجيهات التي ترسلها جهات إقليمية فاعلة، وضعت كل ثقلها لإفشال التدخل الروسي ومنعه من تحقيق أهدافه من دون أن تأخذ بالاعتبار طبيعة التحديات الميدانية اليومية، ولا حجم التناقضات بين الفصائل التي تراكمت على مدى العامين المنصرمين لتتحول إلى جبل ضخم ليس من السهل تجاوزه.
وما زالت الخلافات بين الفصائل تعرقل إطلاق «غزوة حماه» التي توعّد بها «جيش الفتح»، الأسبوع الماضي، مهدداً باقتحام المحافظة الآمنة ردّاً على «الغزو الروسي». ومن الواضح أن حلّ هذه الخلافات ليس من السهولة بمكان. فمن جهة هناك عدد من الفصائل، وبطبيعة الحال دول داعمة تقف وراءها، ترفض التوجه نحو حماه بذريعة وجود عشرات الآلاف من المدنيين والمهجّرين فيها، وتدفع نحو التوجه إلى حلب باعتبارها عاصمة الشمال ومركز ثقل اقتصادي وسياسي مهم. ومن جهة ثانية، برز موقف «جند الأقصى»، وهو أحد مكونات «جيش الفتح»، الرافض لما جاء في بيان الإعلان عن «غزوة حماه» لجهة محاربة كل من يعترض طريق «الغزوة» بما فيهم تنظيم «داعش»، لأن «جند الأقصى» لا تزال متمسكة بموقفها المبدئي الرافض للدخول في أي قتال مع الأخير. وفي هذا السياق، علمت «السفير» بوجود مفاوضات يقودها الشيخ السعودي عبدالله المحيسني تهدف إلى إقناع «جند الأقصى» بالمشاركة في «غزوة حماه» وفق صيغ مقبولة. ومن الصيغ التي عُرضت لحل المشكلة، أن تشارك «جند الأقصى» في العملية من دون أن تكون ملزمة بقتال «داعش» حتى لو اعترض الطريق، أو أن تتولى القتال في قطاع بعيد عن متناول «داعش» مثل سهل الغاب. ولم تصل هذه المفاوضات إلى أي نتيجة حتى الآن.
وفي غمرة الانهماك للتحضير استعداداً لـ «غزوة حماه»، تسربت أنباء عن ضغوط تمارسها جهات إقليمية فاعلة، على رأسها السعودية وتركيا وقطر، لدفع الفصائل الكبرى إلى التوحد في ما بينها وتشكيل «جسم سياسي وعسكري موحد» تحت مسمى «هيئة التحرير الوطنية»، يتولى مهمة مواجهة التدخل الروسي والتصدي لتداعياته العسكرية والسياسية.
وتحدثت مصادر إعلامية معارضة عن «اجتماعات مُكثَّفة بين ممثلي الفصائل ودول إقليمية جرت في تركيا من أجل تبادل الآراء بخصوص هيئة التحرير الوطنية» والتي تضع في أولوياتها مجابهة ما أسمته «العدوان الروسي والإيراني». وشارك في هذه الاجتماعات ممثلون عن «أحرار الشام» و «جيش الإسلام» و «فيلق الشام» وفصائل أخرى باستثناء «جبهة النصرة». ومن الواضح أن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة خلق «الجبهة الإسلامية» التي تعرضت للتفكك، منتصف العام الماضي، نتيجة الخلافات بين «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» واختلاف أجندة الدول الداعمة لكل منهما.
وثمة تحديات كبيرة من شأنها أن تجهض مثل هذه المحاولة، حتى ولو كانت تقف وراءها أبرز الدول الداعمة والمؤثرة. وقد انعكست هذه التحديات في التحفّظ الذي أبدته «حركة أحرار الشام» على التشكيل الجديد، وإبداء عدم رغبتها في الانخراط مرة ثانية بمثل هذه التجارب الفاشلة، كما قال لـ «السفير» مصدر مقرب من الحركة. ويتخوّف بعض قادة «أحرار الشام» أن يؤدي التشكيل الجديد إلى إطاحة تجربة «جيش الفتح» الناجحة مقابل تجربة غير محسوبة النتائج، وأن يؤدي كذلك إلى تصعيد الخلاف بين حركتهم وبين «جبهة النصرة».
وتشهد أوساط «أحرار الشام» انقساماً واسعاً حول الفكرة، فبينما يؤيدها الجناح السياسي، فإن الجناح العسكري، بقيادة أبو صالح طحان المحسوب على التيار «القاعدي»، يرفضها بشدة. كما أن «لواء الحق» المعروف بمواقفه المتشددة تجاه أي مسعى سياسي، أبلغ قيادة الحركة اعتراضه على الفكرة وعدم موافقته على المشاركة فيها. ويُعتبر «لواء الحق» من الألوية الكبيرة والمؤسسة لـ «أحرار الشام».
وبحسب مصدر إعلامي مقرب من «جيش الإسلام» فإنه من الممكن أن يتم الاكتفاء بتشكيل «غرفة عمليات موحدة» في حال قبلت «أحرار الشام» بذلك، مع تذكيره بأن الحركة سبق لها الانسحاب من «غرفة عمليات دمشق الكبرى» منتصف العام 2013، بعد أسبوع واحد من تشكيلها فقط، وكان من أسباب هذا الانسحاب عدم موافقة «أحرار الشام» على ما أسمته «إملاءات بعض الداعمين الكويتيين».
في غضون ذلك، تستمر المنافسة بين الفصائل الإسلامية على اكتساب المزيد من «البيعات» لتقوية نفوذها وتأمين الغلبة لنفسها في أي تحالف قد يُفرض من الخارج، حيث جرى الإعلان عن الاندماج بين «ألوية توحيد العاصمة» وبين «أحرار الشام» الأمر الذي يعطي الأخيرة زخماً جديداً في ريف العاصمة بعد أن كادت تفقد أي تواجد لها بعد خسارة الزبداني. ولكن تعرضت الحركة لنكسة تمثلت بتراجع «جيش المسلمين» في القابون عن «بيعته» لها قبل حوالي شهرين.
في المقابل، أعلن عن الاندماج بين «جيش الاسلام» وبين «فيلق الرحمن» بقيادة عبدالناصر شمير. ويعتبر «فيلق الرحمن» أحد أكبر الفصائل في الغوطة الشرقية، وقد يكون تصاعد الخلافات بينه وبين «جبهة النصرة» مؤخراً من الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ خطوة الاندماج.
«أحرار الشام»: تجنيس المهاجرين
في سياق منفصل، وفي خطوة قد لا تبدو بعيدة عن تأثيرات التدخل الروسي، غازلت «حركة أحرار الشام» «المقاتلين الأجانب» وعرضت عليهم مجموعة من الإغراءات، فيما يبدو وكأنه محاولة من الحركة لجذب هؤلاء إليها، أو على الأقل لتشجيعهم على القتال ضد الروس مقابل تأمين بعض الامتيازات لهم. وذلك بعد بيان صدر، الشهر الماضي، أكدت فيه الحركة على هويتها «السورية».
وقال عضو مجلس شورى «أحرار الشام» أبو عزام الأنصاري في مغازلة واضحة لمن أسماهم «المهاجرين»، وذلك في تغريدات له على حسابه الرسمي على «تويتر»، إن «المهاجر الصادق بضعة من جسدنا وقطعة من روحنا. نصرونا وما زالوا، وكانوا في الخطوط الأولى ولم يقيلوا، فلله درهم».
وللمرة الأولى يطرح قيادي في الحركة خطة متكاملة لمعالجة «ملف المهاجرين» بعد سقوط النظام. وتتضمن هذه الخطة بحسب الأنصاري عدة بنود أهمها: تجنيس المهاجرين ممن أراد البقاء في سوريا، والدمج داخل المجتمع السوري، سواء بالمجتمع المدني أو المؤسسات العسكرية. علماً أن الحركة قالت سابقاً إنها بصدد تشكيل «جيش وطني» فهل يستقيم ذلك مع تجنيد أجانب فيه؟. وكذلك منح هؤلاء تعويضات ورواتب خاصة لـ «الشهداء» والمصابين. وفي محاولة لتحصين هؤلاء من أي ملاحقة قضائية في الدول الأخرى، تضمنت الخطة بنداً يشترط «منع المحاكمة لأي مهاجر إلا داخل الأراضي السورية، شأنه شأن المجاهد السوري، ولا تكون المحاكمة إلا على أمر محرم في شرعنا الحنيف». بحسب تعبير الواضعين للخطة.
عبدالله سليمان علي

طباعة الخبر طباعة الخبر ارسال الخبر الى صديق ارسال الخبر الى صديق

اضافة تعليق